الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُهَايَأَةٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فِيهِ إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا. وَالْأَفْضَلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَنَافِعَهُ، وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَهُ عَلَى الْكَسْبِ فَهُوَ مَالِكٌ لِمَنَافِعِهِ كَحُرٍّ مَدِينٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ لَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَهُ الْحَجُّ مِنَ الْمَالِ الَّذِي جَمَعَهُ مَا لَمْ يَأْتِ نَجْمُهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى إِذْنِهِ لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِإِذْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِنْ كَانَت بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَ هُوَ، وَمَالِكُ بَعْضِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُدَّةٌ، وَلِمَالِكِ بَعْضِهِ أُخْرَى (فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ، وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِسَيِّدِهِ بَلْ هِيَ كَالْحُرِّ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ مُلْكًا فِي مَنَافِعِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَتَجْوِيزُهُ يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَ حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِجَائِزٍ.
[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]
وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ، فَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ إِذْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّهُ «كَانَ عليه السلام يُدْخِلُ رَأْسَهُ إِلَى عَائِشَةَ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَتُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ (يُجْمَعُ فِيهِ) أَيْ: تُقَامُ فِيهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ مِنْ مُعْتَكِفِينَ حِذَارًا إِمَّا مِنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ الْمُنَافِي لَهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، فَإِذَا قِيلَ: بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَعْذُورُ وَالصَّبِيُّ، وَمَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ، وَمَنِ اعْتِكَافُهُ فِي مدة غير وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنِ الْمَعْذُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدِ الْتَزَمَهُ (إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) لِلْآيَةِ، وَالْجَمَاعَةُ لَا تَلْزَمُهَا، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَهِيَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَالْخِرَقِيِّ، لِمَا رَوَى حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَقَالَ: بِدْعَةٌ، وَأَبْغَضُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ الْبِدَعُ فَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ (إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا) وَهُوَ مَا اتَّخَذَتْهُ لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ،
الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ إِلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ.
وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ، وَهَذَا لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. وَظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " صِحَّتُهُ فِيهِ قَالَ: وَإِنَّمَا كُرِهَ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَفِظْ بِخِبَاءٍ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْرِبْنَ لَهُنَّ فِيهَا الْخِيَمَ.
قُلْتُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرَّجُلُ كَهِيَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ لَا إِلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ.
مَسْأَلَةٌ: رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ مِنْهُ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَعَنْهُ: بَلَى جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي كَظَهْرِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ: إِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِطٌ وَبَابٌ فَهِيَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنَارَتُهُ إِنْ كَانَتْ فِيهِ أَوْ بَابُهَا فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَنْعِ الْجُنُبِ، وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهِيَ قَرِيبَةٌ فَخَرَجَ لِلْأَذَانِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْبَنَّا وَالْمَجْدُ خِلَافَهُ.
(وَالْأَفْضَلُ الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ) لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهَا فَيَتْرُكَ الِاعْتِكَافَ، مَعَ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَلِأَنَّهُ خرج لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فكأنه استثنى الجمعة بِلَفْظِهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَجْهٌ يَلْزَمُ فَإِنِ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ بَطَلَ بِخُرُوجِهِ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَكِنْ إِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْجُمُعَةِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ فِيمَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَقَطْ لَمْ يَصِحَّ إِنْ وَجَبَتِ الْجَمَاعَةُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ إِذَا لَمْ يَتَخَلَّلِ اعْتِكَافُهُ لَمْ يَكُنِ الْجَامِعُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخُرُوجِ، وَلَوِ اعْتَكَفَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فِي مَسْجِدٍ لَا يُصَلّي فِيهِ بَطَلَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ.
(وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَوْضِعًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ، وَيَبْطُلْ بِبِقَاعِ الْحَجِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ تَعَيَّنَ احْتَاجَ إِلَى شَدِّ رَحْلٍ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ إِلَّا «مَسْجِدَ قُبَاءٍ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ