الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَذَلِكَ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ
وَإِنْ
بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا
، أَتَمَّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءٌ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ مُفْطِرًا، فَعَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ. وَفِي الْإِمْسَاكِ رِوَايَتَانِ
وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَكَانَ لَهُمُ الِاسْتِدَامَةُ كَمَا لَوْ دَامَ الْعُذْرُ وَلَا قَضَاءٌ لِعَدَمِ إِدْرَاكِهِمْ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْعِبَادَةَ، أَشْبَهُ مَا لَوْ زَالَ عُذْرُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ، عَصَى بِالْفِطْرِ، وَأَمْسَكَ وَقَضَى كَالْبَالِغِ، وَعَلِمَ أَنَّهُمْ يَسْتَقْبِلُونَ مِنَ الشَّهْرِ مَا عَدَا الْيَوْمَ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ قَضَاءُ مَا مَضَى
[بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا]
(وَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ) بِالسِّنِّ أَوِ الِاحْتِلَامِ (صَائِمًا) بِأَنْ نَوَاهُ مِنَ اللَّيْلِ (أَتَمَّ) صَوْمَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ نَوَاهُ مِنَ اللَّيْلِ فَأَجْزَأَهُ كَالْبَالِغِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ نَفْلًا، وَبَاقِيهِ فَرْضًا كَنَذْرِهِ إِتْمَامَ النَّفْلِ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ) وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " (عَلَيْهِ الْقَضَاءُ) أَيْ: قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ، وَهُوَ فِي نَفْلٍ مُعْتَادٍ، وَكَبُلُوغِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَجٍّ، وَلِأَنَّ مَا مَضَى مِنْهُ نَفْلٌ، فَلَمْ يُجْزِ عَنِ الْفَرْضِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدِمِ فُلَانٍ، فَقَدِمَ، وَالنَّاذِرُ صَائِمٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَ مُفْطِرًا، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَجِبْ، فَلَا قَضَاءَ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا.
(وَإِنْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ) أَوْ أَقَامَ (مُفْطِرًا فَعَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ) إِجْمَاعًا، وَكَمَرِيضٍ إِذَا صَحَّ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ مُفْطِرًا (وَفِي الْإِمْسَاكِ رِوَايَتَانِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا جَمَاعَةٌ وَالْأَصَحُّ لُزُومُهُ، وَكَمُقِيمٍ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ سَافَرَ، أَوْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ، أَوْ لَا. نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَحَنْبَلٌ، وَيُعَايَا بِهَا، وَالثَّانِيَةُ: لَا إِمْسَاكَ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ أَوَّلَ النَّهَارِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَيَتَوَجَّهُ: لَا إِمْسَاكَ مَعَ حَيْضٍ وَمَعَ السَّفَرِ الْخِلَافُ. وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الْإِمْسَاكُ، فَقَدِمَ مُسَافِرٌ مُفْطِرًا فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا لَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَلَوْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا، لَزِمَهُ الصَّوْمُ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَعَلِمَ قُدُومَهُ فِي غَدٍ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ فِي غَدٍ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا بَرِئَ مَرِيضٌ، أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ، أَوْ أَقَامَ صَائِمًا، لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَأَجْزَأَ كَمُقِيمٍ صَائِمٍ مَرِضَ ثُمَّ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى عُوفِيَ، وَلَوْ وَطِئَا فِيهِ كَفَّرَا، نَصَّ عَلَيْهِ كَمُقِيمٍ وَطِئَ ثُمَّ سَافَرَ ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]
(وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ) وَهُوَ الْهَمُّ وَالْهِمَّةُ (أَوْ مَرَضٌ
أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَالْمَرِيضُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ وَالْمُسَافِرُ اسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ، وَإِنْ صَامَا، أَجْزَأَهُمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَفْطَرَ) أَيْ: لَهُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا (وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هِيَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ يُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَالْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ: مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ كَانَ الْكَبِيرُ مُسَافِرًا وَمَرِيضًا فَأَفْطَرَ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي " الْخِلَافِ " وَلَا قَضَاءَ لِلْعَجْزِ عَنْهُ، وَيُعَايَا بِهَا، وَإِنْ أَطْعَمَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ، فَكَمَعْضُوبٍ حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ.
(وَالْمَرِيضُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ وَالْمُسَافِرُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ الْقَصْرُ (اسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أَيْ: فَأَفْطَرَ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا:«إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَلِأَنَّ فِيهِ قَبُولَ الرُّخْصَةِ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْأَخَفِّ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَا خُيِّرْتُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَرْتُ أَيْسَرَهُمَا» وَيُشْتَرَطُ لَهُ أَنْ يَخَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ بُطْءَ بُرْئِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ لَمْ يُفْطِرْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرِّعَايَةِ " فِي وَجَعِ رَأْسٍ وَحُمَّى، ثُمَّ قَالَ: إِلَّا أَنْ يُنْضَرَ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ قِيلَ: مِثْلُ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنَ الْحُمَّى. فَلَوْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي الْإِجْزَاءِ (وَإِنْ صَامَا أَجْزَأَهُمَا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْمُسَافِرِ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ
رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ. وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ -: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَحَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ من غير كَرَاهَةً، وَقَدْ سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّوْمِ فِيهِ لِمَنْ قَوِيَ فَقَالَ: لَا يَصُومُ. وَحَكَاهُ الْمَجْدُ عَنِ الْأَصْحَابِ. قَالَ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ لِمَنْ قَوِيَ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَلَيْسَ الصَّوْمُ فِيهِ أَفْضَلَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُخْصَةِ الْقَصْرِ أَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا تَبْرَأُ بِهَا الذِّمَّةُ، وَرُدَّ بِصَوْمِ الْمَرِيضِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ) مِنْ قَضَاءٍ وَفِدْيَةٍ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْفِطْرَ أُبِيحَ تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهُ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَصْلِ كَالْجُمُعَةِ، وَكَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ صَوْمًا مِنَ الْمَعْذُورِ، لَقَبِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِلْعِبَادَةِ، فَلَوْ نَوَى صَوْمًا غَيْرَ رَمَضَانَ فَهَلْ يَقَعُ بَاطِلًا أَمْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ؛ هِيَ مَسْأَلَةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا خَافَ مَنْ بِهِ شَبَقٌ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ بِهِ مَرَضٌ يُنْتَفَعُ فِيهِ بِوَطْءٍ سَاغَ لَهُ الْوَطْءُ، وَقَضَى بِلَا كَفَّارَةٍ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ إِنْ لَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ لِلضَّرُورَةِ، فَوَطْءُ صَائِمَةٍ أَوْلَى مِنْ حَائِضٍ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِدَوَامِ شَبَقِهِ فَكَكَبِيرٍ عَجَزَ عَنْهُ.
(وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ) لِفِطْرِهِ عليه السلام كَمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْجِمَاعِ، لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ لَهُ الْجِمَاعُ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِالْجِمَاعِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى السَّفَرِ، فَعَلَيْهَا إِنْ جَامَعَ كَفَّرَ، وَالْمَذْهَبُ: لَا. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ