الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمَوَاقِيتِ
وَمِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْغَرْبِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، وَأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ، وَأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صَحَّ وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ مُدَّةَ مُقَامِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَرَادُوا إِقَامَةً تَمْنَعُ الْقَصْرَ فَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ، وَإِنْ أُمِرَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ، أَوْ فِي عَامٍ، أَوْ فِي شَهْرٍ فَخَالَفَ، جَازَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِإِذْنِهِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَوْ نَوَاهُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَجَبَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ.
مَسْأَلَةٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ، قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ، إِنْ لَمْ يَحُجَّا، وَقِيلَ: وَغَيْرِهِمَا، وَتُقَدَّمُ أُمُّهُ؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالْإِكْرَامِ، وَيُقَدَّمُ وَاجِبُ أَبِيهِ عَلَى نَفْلِهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُقَدَّمُ دَيْنُ أَبِيهِ عَلَى نَفْلِهِ لِنَفْسِهِ فَأُمُّهُ أَوْلَى وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ نَفْلٍ لَا تَحْلِيلُهُ لِلُزُومِهِ بِالشُّرُوعِ، وَيَلْزَمُهُ طَاعَتُهُمَا فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَيَحْرُمُ فِيهَا
[بَابُ الْمَوَاقِيتِ]
ِ هِيَ جَمْعُ مِيقَاتٍ، وَمَعْنَاهُ لُغَةً: الْحَدُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا: زَمَنُ الْعِبَادَةِ، وَمَكَانُهَا.
(وَمِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَفَتْحِ اللَّامِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ، [وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ] مَسِيرَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، (وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْغَرْبِ مِنَ الْجُحْفَةِ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ اسْمُهَا " مَهْيَعَةَ " فَجَحَفَ السَّيْلُ بِأَهْلِهَا، وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْبَحْرِ، وَثَمَانِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَثَلَاثٍ مِنْ مَكَّةَ، (وَأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ) وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ " أَلَمْلَمُ " وَلَيْسَتْ بِمَزِيدَةٍ، (وَأَهْلِ نَجْدٍ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ قَالَ صَاحِبُ " الْمَطَالِعِ ": هُوَ مَا بَيْنَ جُرَشَ إِلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ، وَكُلُّهَا مِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَمَلِ الْيَمَامَةِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ خِلَافُ الْغَوْرِ، وَالْغَوْرُ: هُوَ تِهَامَةُ كُلُّهَا، وَكُلُّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ فَنَجْدٌ انْتَهَى. فَنَجْدُ الْيَمَنِ وَنَجْدُ الْحِجَازِ وَالطَّائِفِ (قَرْنٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ فَقَطْ، وَيُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ، وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ، وَهُوَ تِلْقَاءَ مَكَّةَ عَلَى يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ مِنْهَا، (وَأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ) هو منزل مَعْرُوفٌ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ عِرْقًا، وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: الْعِرْقُ الْأَرْضُ السَّبْخَةُ تُنْبِتُ الطُّرَفَاءَ، وَأَصْلُهُ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ:«وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمَهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا» ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَدَلَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فِي " الْأُمِّ ": أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَفِيَ النَّصُّ فَوَافَقَهُ بِرَأْيِهِ فَإِنَّهُ مُوَفَّقٌ لِلصَّوَابِ، وَلَيْسَ الْأَفْضَلُ لِلْعِرَاقِيِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْعَقِيقِ وَهُوَ وَادٍ وَرَاءَ ذَاتِ عِرْقٍ بِمَرْحَلَةٍ أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ يَلِي الشَّرْقَ.
وَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» . تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ شِيعِيٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَاتُ عِرْقٍ مِيقَاتُهُمْ بِإِجْمَاعٍ،
وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَمِنْ مَنْزِلِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ، فَمِيقَاتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ إِذَا أَرَادُوا الْعُمْرَةَ، فَمِنَ الْحِلِّ وَلَوْ أَرَادُوا الْحَجَّ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا) كَمَا سَلَفَ (وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ) كَالشَّامِيِّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: يُهِلُّ مِنْ مِيقَاتِهِ مِنَ الْجُحْفَةِ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ إِجْمَاعًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَعَطَاءً، وَأَبَا ثَوْرٍ قَالُوا: يُحْرِمُ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيَتَوَجَّهُ إِلَى مِثْلِهِ. قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ "(وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَلَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ يَسْكُنُهَا جَازَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ أَيِّ: جَوَانِبِهَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى الْأَبْعَدُ، (وَأَهْلُ مَكَّةَ إِذَا أَرَادُوا الْعُمْرَةَ فَمِنَ الْحِلِّ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُعَمِّرَ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ كُلَّهَا فِي الْحَرَمِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْحِلِّ لِيَجْتَمِعَ فِي إِحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى عَرَفَةَ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ. وَظَاهِرُهُ مِنْ أَيِّ الْحِلِّ أَحْرَمَ، جَازَ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: كُلَّمَا تَبَاعَدَ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ قِيلَ: التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْحِلِّ إِلَى مَكَّةَ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " الْجِعْرَانَةُ لِاعْتِمَارِهِ عليه السلام مِنْهَا، ثُمَّ مِنْهُ، ثُمَّ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إِذَا أَرَادَ عُمْرَةً وَاجِبَةً فَمِنَ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ لِمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ، وَأَحْرَمَ دُونَهُ، وَإِنْ أَرَادَ نَفْلًا، فَمِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، فَلَوْ خَالَفَ فَأَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ، صَحَّ، وَلَزِمَهُ دَمٌ لِمُخَالَفَةِ الْمِيقَاتِ، وَيُجْزِئُهُ إِنْ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ قَبْلَ طَوَافِهَا، وَكَذَا بَعْدَهُ، كَإِحْرَامِهِ دُونَ مِيقَاتِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا كَالْحَجِّ فَعَلَيْهِ لَا يُعْتَدُّ بِأَفْعَالِهِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ، ثُمَّ يَأْتِي بِهَا، وَإِنْ أَتَى مَحْظُورًا فَدَى، وَبِالْوَطْءِ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَقَضَاهَا بِعُمْرَةٍ مِنَ الْحِلِّ، وَيُجْزِئُهُ عَنْهَا، وَلَا يَسْقُطُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ.
فَرْعٌ: حُكْمُ مَنْ كَانَ بِالْحَرَمِ حُكْمُ مَنْ بِمَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا.
1 -
فَمِنْ مَكَّةَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ، فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إِلَيْهِ، أَحْرَمَ. وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ حَاجَةٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَلَوْ أَرَادُوا الْحَجَّ فَمِنْ مَكَّةَ)«لِقَوْلِ جَابِرٍ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ مِنَ الْأَبْطَحِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَظَاهِرُهُ لَا تَرْجِيحَ لِمَوْضِعٍ عَلَى آخَرَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ عَنْهُ: فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ خِلَافَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ إِلَّا فِي " الْإِيضَاحِ " قَالَ: يُحْرِمُ بِهِ مِنَ الْمِيزَابِ، وَعَنْهُ: فِيمَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: يُهِلُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْمِيقَاتِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهِيَ ضعيفة عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِسُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ عَنِ الْآفَاقِيِّ بِخُرُوجِهِ إِلَى الْمِيقَاتِ، وَعَنْهُ: إِذَا أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ عَنْ غَيْرِهِ، وَدَخَلَ مَكَّةَ فَقَضَى نُسُكَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَرَادَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ إِنْسَانٍ، ثُمَّ عَنْ آخَرَ، يَخْرُجُ يُحْرِمُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ.
وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ.
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، كَمَا لَوْ خَرَجَ إِلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَكَالْعُمْرَةِ، وَمَنَعُوا وُجُوبَ إِحْرَامِهِ مِنَ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ.
(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ) كَعَنْدَابٍ فَإِنَّهَا فِي طَرَفِ الْمَغْرِبِ (فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إِلَيْهِ أَحْرَمَ) لِقَوْلِ عُمَرَ: انْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ قَدِيدٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ، وَالتَّقْدِيرِ فَإِذَا اشْتَبَهَ دَخَلَهُ الِاجْتِهَادُ كَالْقِبْلَةِ، وَهَذَا فِيمَنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَذْوَ الْمِيقَاتِ، أَحْرَمَ مِنْ بُعْدٍ؛ إِذِ الْإِحْرَامُ قَبْلَهُ جَائِزٌ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ حَرَامٌ فَإِنْ تَسَاوَى مِيقَاتَانِ فِي الْقُرْبِ إِلَيْهِ، أَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدِهِمَا عَنْ مَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا، فَفِي " الرِّعَايَةِ " أَحْرَمَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُحَاذَاةِ.
1 -
(وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوَزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ
مُكَرَّرَةٍ كَالْحَطَّابِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ النُّسُكُ، أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَمَنْ جَاوَزَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ - وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ تَجَاوَزُوهُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ إِلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ» فِيهِ ضَعْفٌ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ نُسُكًا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَيَنْبَنِي عَلَى عُمُومِ الْمَفْهُومِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَحُكْمُ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ كَمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ دُخُولَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام وَأَصْحَابَهُ أَتَوْا بَدْرًا مَرَّتَيْنِ، وَكَانُوا يُسَافِرُونَ لِلْجِهَادِ فَيَمُرُّونَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ، وَلِعَدَمِ تَكَرُّرِ حَاجَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: لَا يَلْزَمُهُ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَعَلَى الْأُولَى إِذَا دَخَلَ طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّ دَاخِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ لَمْ يَلْزَمْهُمُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ.
فَلَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ لِمِيقَاتِهِمْ فَمِنْ مَوْضِعِهِمْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ: بَلَى لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ أَسْلَمَ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ حر بالغ عَاقِلٌ كَالْمُسْلِمِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ.
(إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ)«لِدُخُولِهِ عليه السلام يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحْرَمَ، وَحُكْمُ الْخَوْفِ كَذَلِكَ.
(أَوْ حَاجَةٍ مُكَرَّرَةٍ كَالْحَطَّابِ وَنَحْوِهِ) كَالْحَشَّاشِ لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلَنَّ إِنْسَانٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا إِلَّا الْحَمَّالِينَ، وَالْحَطَّابِينَ، وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَحُكْمُ الْمَكِّيُّ إِذَا تَرَدَّدَ إِلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ كَذَلِكَ، إِذْ لَوْ وَجَبَ لَأَدَّى إِلَى ضَرَرٍ وَمَشَقَّةٍ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ قَيِّمِهِ لِلْمَشَقَّةِ.
(ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ) أَيْ: مَنْ لَا تَلْزَمُهُ، أَوْ لَمْ يُرِدِ الْحَرَمَ (النُّسُكُ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فَكَانَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَلِأَنَّ
مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، رَجَعَ، فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ. وَالِاخْتِيَارُ أَلَّا يُحْرِمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ وَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ مُحْرِمٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ لَوْ خَرَجَ إِلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ كَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ.
(وَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ رَجَعَ) إِلَى الْمِيقَاتِ (فَأَحْرَمَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْوَاجِبِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ، سَوَاءٌ تَجَاوَزَهُ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهَيْنِ.
(فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) صَحَّ إِحْرَامُهُ.
(وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» ، وَلِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ.
(وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ) بَعْدَ إِحْرَامِهِ، لَمْ يَسْقُطِ الدَّمُ عَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِتَرْكِ إِحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ، وَعَنْهُ: يَسْقُطُ لِإِتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ.
فَرْعٌ: إِذَا أَفْسَدَ نُسُكَهُ هَذَا، لَمْ يَسْقُطْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَدَمٍ مَحْظُورٍ، وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَنقلَ مهَنا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ.
(وَالِاخْتِيَارُ) أَيِ: الْأَفْضَلُ (أَنْ لَا يُحْرِمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ) الْمَكَانِيِّ لِفِعْلِهِ عليه السلام، وَلَا يُعْدَلُ عَنِ الْأَفْضَلِ، وَالْجَوَازُ حَصَلَ بِقَوْلِهِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إِنْ نَوَى عَلَى ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ، وَاحْتَجَّ الْمُجِيزُ بِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَّتُهُمَا. قَالَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَقَوْلُهُ فِي " الشَّرْحِ " وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ مَرْدُودٌ.
وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ مَعْنَى أَهَلَّ، أَيْ: قَصَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَيَكُونُ إِحْرَامُهُ مِنَ الْمِيقَاتِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَجَابَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الصلاتين مِنَ الْمَسْجِدَيْنِ فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَحْرَمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُحْرِمُ فِي غَيْرِهِ إِلَّا مِنَ الْمِيقَاتِ.
(وَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا لِمِيقَاتِ الْمَكَانِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِ الْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ (فَهُوَ مُحَرَّمٌ) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الصِّحَّةَ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى مِيقَاتِ الْمَكَانِ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَبْلَ دَاوُدَ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُعْظَمُ؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُحْرِمْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ» ، وَكَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ، وَأَنْكَرَهُ عُمَرُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حِينَ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرَ، وَعُثْمَانُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ حِينَ أَحْرَمَ مِنْ خُرَاسَانَ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: كَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ، وَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، فَكُرِهَ كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَلِعَدَمِ أَمْنِهِ مِنْ مَحْظُورٍ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَالْوِصَالُ، وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْأَمْنُ مَعَ احْتِمَالِ مَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُورُ صِحَّةُ الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ كَالْأَوَّلِ نَقَلَ طَالِبٌ وَسِنْدِيٌّ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ فَسْخَهُ بِعُمْرَةٍ، فَلَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ، وَعَنْهُ: يَنْعَقِدُ عُمْرَةً، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ يُكْرَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ رِوَايَةً لَا يَجُوزُ.