الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا مُؤَشِّر على أنّه نَشَأ منذ الصغَر نَشأة عِلْميّة طَيِّبة وأنَّه بكَّر في سماع الحديث.
وقد كان من عادة السلف رحمهم الله البَدء بحفظ القرآن أول الطلب وقبل البدء بسماع الحديث، ولا يَبعد أن يكون الحارث بدأ بحفظه عِلمًا أن مصادر ترجمته لا تشير إلى ذلك.
المطلب الرابع أقْوال العلماء فيه
تتابعت أقوال أهل العلم، وتوالى ثناؤهم على الإمام الحارث رحمه الله فقد وثقه ابن حِبان (1)، وابن الجوزي (2)، وإبراهيم الحربي (3)، والسمعاني (4) وغيرهم، وقال الدارقطني: صدوق (5).
إلَاّ أنه لُيِّن، فقد قال الأزدي: ضعيف لم أر أحَدًا من شيوخنا يُحدِّث عنه (6).
ونُقِل عن ابن حَزْم أنه قال: ضعيف. وقال في موضع آخر: مجهول (7).
= بالتشيّع، من التاسعة، مات سنة إحدى ومائتين، وقد جاوز التسعين. انظر: التهذيب (7/ 344)؛ والتقريب (403/ 4758).
(1)
الثقات لابن حِبّان (8/ 183).
(2)
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (5/ 155).
(3)
تاريخ بغداد (8/ 218).
(4)
الأنساب (3/ 78).
(5)
تاريخ بغداد (8/ 218).
(6)
ضعفاء ابن الجوزي (1/ 179).
(7)
لسان الميزان (2/ 57). وانظر: "نَقْد ابن حَزْم للرواة في المُحَلّى في ميزان الجرح والتعديل"(3/ 787) وهي رسالة تقدم بها الشيخ إبراهيم الصبيحي لنيل درجة الدكتوراه من قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض عام (1405/ 1406هـ).
ولعل تضعيف الأزدي له، وكذا ابن حزم -في قولِ- مبنيٌّ على كون الحارث كان يأخذ على التحديث أجرة (1).
والتحقيق أنَّ هذا في حَقِّه ليس بقادح، كما عَلِمْت من كلام الإمام الصنعاني -المذكور في الهامش-، إذ كان الحارث رحمه الله، فقيرًا مُدْقعًا، فقد قال محمد بن موسى الرازي: سمعت الحارث بن أبي أسامة يقول: "لي ستّ بنات، أصغرهن بنت ستين سنة، ما زَوجت واحدة منهم لأنني فقير، وما جاءني إلَاّ فقير، وكَرِهت أن أزيد في عيالي، وها كفَنِي على الوَتِد من ثلاثين سنة، خِفْت أن لا يَجِدوا لي كَفَنًا (2).
على أنّ الأزْدي نفسه مُضعَّف عند المُحدِّثين، ولا يقبل جرحه.
وأمَّا ابن حَزْم حين قال في الحارث: "مجهول" فلا يُعوَّل عليه الْبَتة، فقد جَهّل أبا عيسى الترمذي (3) وغيره وهم معروفون مشهورون.
قال الإمام الذهبي في ترجمة الإمام الترمذي: "محمد بن عيسى الحافظ
(1) وقد اختلف العلماء في أخذ الأجرة على التحديث، منهم من أجاز ذلك كمجاهد وأبي نُعَيم الفضل بن دكين ويعقوب بن إبراهيم وغيرهم. ومنهم من منعه كالحسن البصري وإسحاق بن رَاهُويَه وأحمد بن حنبل وغيرهم
…
والراجح أنّ في المسألة تفصيل، بيْنه الإمام الصنعاني في "توضيح الأفكار" (2/ 252) فقال:[والذي نختاره أنه يجب أن يفرق بين من يكون له ما يمون نفسه وأهله منه، ومن لا يكون له ذلك، فلو كان المُحدث ذا يسار وهو لا يحتاج إلى أخذ الأجْرة وجب عليه أن يُحدِّث بغير أجر، وإن كان لا يجد ما يعيش منه لم يكن له بدّ من أنْ يأخذ الأجر إذا انقطع للتحديث]، وانظر أيضًا: الكفاية (ص 241)؛ والمُدوَّنة (11/ 61)؛ والمُحلَّى (9/ 22)؛ وفتح المغيث (2/ 661)، تحقيق الدكتور عبد الكريم الخضير؛ وتدريب الراوي (1/ 226).
(2)
سير أعلام النبلاء (13/ 389).
(3)
محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحّاك السّلمي التّرمذي أبو عيسى، صاحب الجامع، أحد الأئمة، من الثانية عشرة، مات سنة تسع وسبعين ومائتين. انظر: تهذيب الكمال (3/ 1254)؛ والسير (13/ 270)؛ والتقريب (500: 6206).