الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس وصف المسند
وفيه النقاط التالية:
1 -
أجزاء المسند:
جاء مسند الحميدي في أحد عشر جزءًا حديثيًا (1)، لكن هذه التجزئة فيما يبدو ليست من صنع المؤلف لاختلافها من نسخة لأخرى، من حيث بداية الجزء ونهايته (2)، بل إن كاتب النسخة الظاهرية أهمل كثيرًا من ذلك، فهو لا يذكر إلَّا نهاية الجزء، ويذكره في الحاشية، وبعض الأجزاء لم أجده ذكر نهايتها.
2 -
ترتيب المسند:
سلك الحميدي رحمه الله مسلك غيره ممن ألف المسانيد، لكنه امتاز عنهم ببعض الأمور.
(أ) فمن حيث ترتيب المسانيد فقد ابتدأ كغيره بالخلفاء الراشدين على ترتيبهم المعروف عند أهل السنة والجماعة -أبو بكر، فعمر، فعثمان، فعلي رضي الله عنهم أجمعين- ثم ذكر بقية العشرة، لكن مسند طلحة بن عبيد الله سقط من النسخ التي بين أيدينا، وقد ذكر الحافظ ابن حجر (3)، والبوصيري (4)، حديثين من مسند طلحة، في الزوائد، فلا شك في سقوطه، أو أنه لم يكن في رواية بشر بن موسى، وهذا فيه بعد، لأن كلا منهما- الحافظ وتلميذه- (5) لم
(1) انظر: الرسالة المستطرفة (ص 67).
(2)
انظر: ما كتبه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في مقدمته للمسند (1/ 69).
(3)
المطالب العالية (ق 6 أ).
(4)
الإتحاف (1/ 103 ب)، كتاب الطهارة، باب الوضوء من ألبان الإبل.
(5)
انظر: أسانيد البوصيري في آخر الجزء الثالث من مختصر الإتحاف.
ينبه على ذلك، ولم يذكرا في أسانيدهما طريقًا لهما غير رواية بشر بن موسى.
ثم ذكر بعدهم بعض من تقدم إسلامهم من الصحابة: فذكر ابن مسعود، ثم أبا ذر، ثم عامر بن ربيعة، ثم عمار بن يسار، ثم صهيب، ثم بلال، ثم خباب بن الأرت، رضي الله عنهم.
ثم ذكر أمهات المؤمنين، فبدأ بعائشة، فحفصة، فأم سلمة، فأم حبيبة بنت أبي سفيان، فزينب بنت جحش، فميمونة بنت الحارث، فجويرية بنت الحارث، ولم يذكر باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
ثم ذكر بقية النساء، وقد ذكر فيه خمسًا وعشرين امرأة.
ثم ذكر أحاديث رجال الأنصار: فذكر معاذ بن جبل، ثم أُبي بن كعب، ثم أبا أيوب الأنصاري، وذكر بعدهم خمسة عشر رجلًا من رجال الأنصار.
ثم ذكر من تأخر إسلامهم، وصغار الصحابة، فبدأ ببني عبد المطلب: العباس فابنه الفضل، فابن عباس -أعني عبد الله-، فعبد الله بن جعفر بن أبي طالب. فأسامة بن زيد مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم أبا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم حكيم بن حزام، ثم جبير بن مطعم، ثم ذكر سبعة ومائة صحابي.
* عدد الصحابة المذكورين في المسند:
وبهذا يكون قد ذكر في مسنده تسعة وأربعين ومائة رجل، واثنتين وثلاثين امرأة، من الصحابة رضي الله عنهم.
بينما بلغ عدد المذكورين في مسند أحمد بن حنبل، من الرجال والنساء، والمبهمين خمسة عشر وتسعمائة (1).
(1) انظر: فهرس الألباني، المطبوع في بداية الجزء الأول من المسند، طبعة المكتب الإسلامي.
(ب) ومن حيث ترتيب الأحاديث داخل مسند كل صحابي من المكثرين، فقد سلك مسلكًا بديعًا لم أو من سبقه إليه ممن ألف المسانيد، من المتقدمين، وهو أنه رتب الأحاديث على بعض الأبواب الفقهية (1)، وذلك في أحاديث عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، رضي الله عنهم، فقط. وإليك تفصيل ما ذكره من ذلك:
[1]
مسند عائشة رضي الله عنها:
قال (2): أحاديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، في الوضوء. فذكر تحته أحد عشر حديثًا (3).
ثم قال (4): أحاديث عائشة رضي الله عنها في الصلاة. فذكر تحته سبعه وعشرين حديثًا (5).
ثم قال (6): أحاديث عائشة أم المؤمنين، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، في الصوم، فذكر تحته خمسة أحاديث (7).
ثم قال (8): أحاديث عائشة، رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، في
(1) وقد أهمل كل من ناسخ نسخة ديوبند، والسعيدية، ذكر هذه الأبواب، وهي ثابتة في نسخة الظاهرية، والعثمانية.
(2)
انظر: نسخة الظاهرية (ق 19 ب).
(3)
وهي من ح (159) إلى ح (169) في المطبوع من المسند.
(4)
انظر: الظاهرية (ق 20 ب).
(5)
من ح (170 - 195/ 2 هكذا في المطبوع لأن الذي قبله: 195/ 1 فكأنه سها عن إعطاء رقم لأحدهما).
(6)
انظر: الظاهرية (ق 22 ب).
(7)
من ح (196 - 200).
(8)
انظر: الظاهرية (ق 23 أ).
الحج. فذكر تحته ثمانية عشر حديثًا (1).
ثم قال (2): أحاديث عائشة رضي الله عنها في الجنائز. فذكر تحته ستة أحاديث (3).
ثم قال (4): في الطلاق عن عائشة رضي الله عنها. فذكر تحته اثني عشر حديثًا (5).
ثم قال (6): في الأقضية عن عائشة، رضي الله عنها، فذكر تحته ستة أحاديث (7).
ثم قال (8): أحاديث عائشة، رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، علم جامع. فذكر تحته واحدًا وأربعين حديثًا (9).
وهو آخر أحاديث عائشة رضي الله عنها.
(1) من ح (201 - 219) لكن رقم (214) ليس بحديث، وإنما هو كلام لسفيان ينقله عن عثمان بن عروة حيث قال: ما يروي هام بن عروة هذا الحديث -يعني رقم (213) - إلَّا عني.
(2)
انظر: الظاهرية (ق 24 ب).
(3)
من ح (220 - 225).
(4)
انظر: الظاهرية (ق 25 ب).
(5)
من ح (226 - 237).
(6)
انظر: الظاهرية (ق 26 ب).
(7)
من ح (238 - 243).
(8)
انظر: الظاهرية (ق 27 ب).
(9)
من ح (244 - 285)، لكن رقم (269) ليس بحديث وإنما هو أثر عن عمر بن عبد العزيز.
[2]
مسند ابن عباس رضي الله عنهما:
قال (1): أحاديث ابن عباس، رضي الله عنه، التي قال فيها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذكر تحته تسعة عشر حديثًا، في بعضها التصريح بالسماع، وبعضها التصريح بالرؤية، والمعية (2).
وذكر أيضًا فيها خمسة أحاديث، بعضها مكرر ولم يذكر فيه التصريح (3)، وبعضها مؤمن أومعنعن (4). وذكر في أثنائها أقوالًا لسفيان بن عيينة (5)، وغيره (6)، وأثرًا عن عمر (7).
ثم قال (8): أحاديث ابن عباس رضي الله عنهما، فذكر ثمانية أحاديث (9).
ثم قال (10): في الحج. فذكر فيه سبعة وثلاثين حديثًا (11).
(1) المسند (1/ 220).
(2)
من ح (463) إلى ح (488) لكن تخللها بعض الأحاديث المعنعنة، والآثار، كما سيأتي.
(3)
انظر: ح (464، 467، 484).
(4)
انظر: ح (485، 487).
(5)
انظر: ح (473).
(6)
انظر: ح (474).
(7)
انظر: ح (479).
(8)
المسند (1/ 228).
(9)
من ح (489 إلى 496).
(10)
المسند (1/ 232).
(11)
من ح (497 إلى 536) إلَّا أن رقم (499) إنما هو كلام لسفيان على الحديث الذي سبقه. ورقم (505، 506) أثران عن محمد بن المنكدر.
وبعض هذه الأحاديث لا علاقة له بالحج، بل منها ما هو في البيوع (1)، وبعضها في المزارعة (2)، وبعضها في الصيام (3)، وبعضها في النكاح (4)، إلى غير ذلك من الأبواب (5).
وكأنه وضع العنوان لأحاديث الحج، ثم ترك ما بعدها لقلة ما سيدخلها منها تحت كل باب.
[3]
مسند أبي هريرة رضي الله عنه:
قال (6): أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فذكر أربعة وثمانين حديثًا، جلها في الصلاة، وبعضها في الطهارة، ونزر منها في أبواب شتى (7).
ثم قال (8): باب الجنائز. فذكر سبعة أحاديث (9).
ثم قال (10): باب البيوع. فذكر فيه أحد عشر حديثًا (11).
(1) انظر: ح (508، 510).
(2)
انظر: ح (509).
(3)
انظر: ح (513، 514. 515).
(4)
انظر: ح (516، 517، 518، 519، 524).
(5)
انظر: ح (520، 521، 5232، 523، 525، 526، 528، 000).
(6)
المسند (2/ 417).
(7)
من ح (933 إلى 1018) إلَّا أن ح (962) من مراسيل مجاهدة وح (1011) من مراسيل عبيد بن عمير.
(8)
المسند (2/ 443).
(9)
من ح (1019 إلى 1025).
(10)
المسند (2/ 445).
(11)
من ح (1026 إلى 1036).
ثم قال (1): جامع أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر فيه خمسة وأربعين حديثًا (2).
ثم قال (3): باب في الأقضية، فذكر فيه أربعة أحاديث (4).
ثم قال (5): باب الجهاد، فذكر فيه ستة أحاديث (6).
ثم قال (7): باب جامع عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَذَكَرَ فيه سبعة وثمانين حديثًا (8).
3 -
عدد أحاديث المسند:
بلغ عدد أحاديث المسند حسب ترقيم محققه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (1300) ثلاثمائة وألف حديث (9)، لكن هذا الرقم ليس بدقيق، لأسباب سيأتي بيانها (10)، فيمكن أن يزيد العدد على هذا الرقم، ويمكن أن ينقص.
(1) المسند (2/ 448). وانظر: نسخة الظاهرية (ق 106 أ).
(2)
من ح (1037 إلى 1082) إلَّا أن رقم (1052) من مراسيل طاوس -كما في الظاهرية (ق 107 أ) - وفي المطبوع (نقلًا عن باقي النسخ): عمرو وابن طاوس.
(3)
المسند (2/ 464).
(4)
من ح (1083 إلى 1086).
(5)
المسند (2/ 465).
(6)
من ح (1087 إلى 1092).
(7)
المسند (2/ 467).
(8)
من ح (1093 بلى 1180) إلَّا أن رقم (1119) أثر عن الحسن البصري.
(9)
انظر: المسند (1/ 69) من المقدمة و (2/ 544).
(10)
انظر: الفقرة التي عنوانها (بعض الملاحظات على المطبوع).
4 -
عدد أحاديث كل صحابي:
مما هو معلوم أن الصحابة رضي الله عنهم، يختلفون من حيث كثرة الرواية عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقلتها، لأمور منها:
1 -
تقدم موت الصحابي، أو تأخره.
2 -
طول ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، وقصرها.
3 -
تفرغه لنشر العلم، أو انشغاله بسبب إمارة أو غيرها.
. . . إلى غير ذلك من الأسباب.
لكن لصغر حجم مسند الحميدي، لا يظهر تصوير هذه القضية واضحًا فيه، لأن الغالب على أحاديث كل صحابي هو القلة، فعدد أحاديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، سبعة أحاديث (1) فقط، بينما بلغت أحاديثه في مسند أحمد بن حنبل، واحدًا وثمانين حديثًا (2).
وعدد أحاديث عمر بن الخطاب خمسة وعشرون حديثًا (3)، بينما بلغت أحاديثه في مسند أحمد، تسعة وثلاثمائة حديث (4).
وعدد أحاديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، أربعة أحاديث (5)، بينما بلغت أحاديثه في مسند أحمد ثلاثة وستين ومائة حديث (6).
(1) انظر: مسند الحميدي (1/ 2) ح (1 - 7)، وهذه الأحاديث تشمل المرفوع والموقوف، وما قد يقع فيه من أحاديث لغيره.
(2)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 2) ح (1 - 81).
(3)
انظر: مسند الحميدي (1/ 6) ح (8 - 32).
(4)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 189) ح (82 - 390).
(5)
انظر: مسند الحميدي (1/ 20) ح (33 - 36).
(6)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (1/ 329) ح (399) إلى (2/ 16) ح (561).
وعدد أحاديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ثلاثة وعشرون حديثًا (1)، بينما بلغت أحاديثه في مسند أحمد، تسعة عشر وثمانمائة حديث (2).
وعدد أحاديث ابن مسعود رضي الله عنه، ثلاثة وأربعون حديثًا (3)، بينما بلغت في مسند أحمد، تسعمائة حديث (4).
وأكثر ما وقع فيه هو أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه، حيث بلغت أربعة وأربعين ومائتي حديث (5).
وقد بلغت أحاديثه في مسند أحمد، أربعة آلاف حديث (6)، أو أقل بقليل. وبعده أحاديث عائشة رضي الله عنها، وقد بلغت ستة وعشرين ومائة (7) حديث. وبعدهما أحاديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، حيث بلغت اثنين ومائة حديث (8). بينما بلغت في مسند أحمد، تسعة وعشرين وألفي حديث (9).
(1) انظر: مسند الحميدي (1/ 22) ح (37 - 59).
(2)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (2/ 17) ح (562 - 1380).
(3)
انظر: مسند الحميدي (1/ 46) ح (86 - 127)، إضافة إلى حديث استدركه المحقق من الظاهرية وألحقه بالاستدراكات في آخر المجلد الأول.
(4)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (5/ 184) ح (3548) إلى (6/ 204)(ح 4447).
(5)
انظر: مسند الحميدي (2/ 417) ح (933 - 1180) لكن رقم (962، 1011، 1052، 1119) إنما هي مراسيل لبعض التابعين، وأثر للحسن البصري- كما تقدم بيانه-.
(6)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (12/ 86) ح (7119) إلى (20/ 164)(ح 10637). ولم يكمل مسنده بعد، فقد وصلوا بهذا إلى (2/ 510) من طبعة المكتب الإسلامي، غير المحققة، وبقي منه أكثر من ثلاثين ورقة.
(7)
انظر: مسند الحميدي (1/ 86) ح (159 - 285) لكن رقم (269) أثر عن عمر بن عبد العزيز.
(8)
انظر: مسند الحميدى (2/ 276) ح (607 - 708).
(9)
انظر: مسند أحمد، بتحقيق أحمد شاكر (6/ 209) ح (4448) إلى (9/ 184) ح (6476). =
ولم أر غير هؤلاء من تجاوز حديثه المائة.
وفيه كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ممن ليس له إلَّا حديث واحد، منهم:
أبو عبيدة بن الجراح (ح 85).
وخالد بن الوليد (ح 562).
وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (ح 563).
ومطيع بن الأسود (ح 568).
وغيرهم (1).
وفيه عدد من الصحابة رضي الله عنهم، ليس لهم إلَّا حديثان، منهم:
عمر بن أبي سلمة (ح 570، 571).
الحارث بن مالك (ح 572، 573).
أبو شريح الكعبي (ح 575، 576).
سبرة بن معبد (ح 846، 847).
أبو واقد الليثي (ح 848، 849).
وغيرهم (2).
وفيه من لم تبلغ أحاديثهم إلَّا الثلاثة أو الأربعة، ومنهم:
كعب بن عجرة (ح 709، 710، 711، 712).
وأبو جحيفة (ح 890، 891، 892).
(1) انظر: ح (569، 574، 577، 819، 820، 821، 822، 837، 840، 850، 851، 852، 853، 854، 855، 856، 859، 867، 868، 871، 872، 873، 877، 878، 879، 880، 881، 882، 883، 884، 887).
(2)
انظر: ح (857، 858 - 869، 870 - 885، 886 - 888، 889).
5 -
منهجه في ذكر الأحاديث تحت كل ترجمة:
لم يبين الحميدي رحمه الله، منهجه في ذكر أحاديث كل صحابي، هل يذكر كل ما انتهى إليه؟ أم ينتقي، وهو الظاهر بالنظر إلى سعة حفظه، وقلة ما ذكره في مسنده من الأحاديث.
فهو يذكر تحت كل صحابي ذكره جملة من الأحاديث، تختلف قلة وكثرة من صحابي لآخر، فيذكر أحاديثه المرفوعة، وربما ذكر بعض الآثار الموقوفة عليه (1)، أو على غيره (2). وقد يذكر حديثًا عن صحابي آخر أو عن تابعي مرسلًا لمناسبة ما، كبيان اختلاف على راوٍ، أو اختلاف في حكم (3)، أو فيه زيادة إيضاح.
كما ذكر بعض المراسيل عن بعض التابعين، كعطاء بن يسار (4)، ومجاهد (5) وإسماعيل بن أبي أمية (6)، وعبيد بن عمير (7)، وطاوس (8) وشهر بن حوشب (9)، وكلها ساقها بعد أن ساقه عن ذلك الصحابي متصلًا، عدا مرسل عطاء فقد ساقه استقلالًا.
(1) انظر: على سبيل المثال ح (615، 682) أثران موقوفان على ابن عمر.
(2)
فمثلًا: ح (372) موقوف على ابن عباس، وذكره أثناء مسند أبي بن كعب، وذكره لمناسبته للحديث المرفوع؛ وح (479) موقوف على عمر، وذكره أثناء مسند ابن عباس، لمناسبته لسابقه المرفوع؛ وح (845) عن أبي ذر، ذكره أثناء مسند العلاء بن الحضرمي، لمناسبته لحديثه المرفوع.
(3)
انظر: ح (528)، (1206)، ح (1240)، ح (1244)، ح (1251).
(4)
انظر: ح (329).
(5)
انظر: ح (560، 962).
(6)
انظر: ح (839).
(7)
انظر: ح (1011).
(8)
انظر: ح (1052). وانظر: نسخة الظاهرية (ق 107 أ).
(9)
انظر: ح (82).
وقد ذكر -أيضًا- بعض المقاطيع أثناء بعض المسانيد، لمناسبته لما قبله (1)، وقد يذكره دون أي مناسبة (2).
6 -
منهجه في الكلام على الحديث:
(أ) تصحيح الحديث:
إن رسوخ قدم سفيان وإمامته في هذا الشأن مما لا يخفى على كل من له أدنى معرفة بهذا الفن، فهو من أحفظ أهل زمانه، مع الإتقان والبصيرة النافذة فيما يحفظ.
وكان الحميدي رحمه الله، من أوتاد مجلسه لا يفارقه ليل نهار، فتسنى له أن ينقل من علمه ما أراد. ومن ذلك تصحيحه لبعض الأحاديث (3)، أو الإشارة إلى أنها أجود ما في الباب (4)، أو توثيق أحد رواتها (5)،
(1) انظر: ح (335، 339 - ذكر بعده رؤيا لسفيان-، 373، 408، 473، 474، 804).
(2)
انظر: ح (269، 1300).
(3)
ومن ذلك قوله في ح (12): وهذا أصح حديث روي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هذا -يعني في الصرف-. اهـ. وقوله في ح (231): ثنا هشام بن عروة -وكان من جيد ما يرويه عن أبيه-. اهـ.
(4)
ومن ذلك قوله في ح (94): هذا أجود ما وجدنا عند عاصم -يعني ابن أبي النجود- في هذا الوجه. اهـ. وقوله في ح (631): وهذا أجودها. اهـ. وقد ذكر قبله عدة أحاديث في موضوعه. وقوله في ح (899): ثنا سفيان بن سعيد الثوري- قال سفيان: وهذا أجود شيء وجدناه عنده-. اهـ.
(5)
ومن ذلك قوله في ح (406): ويحيى -يعني ابن سعيد الأنصاري- أحفظهما. اهـ.
وقوله في ح (901): ثنا زكريا بن أبي زائدة -قال: وكان أحفظهما لهذا الحديث. اهـ. يعني أنه أحفظ له من إسماعيل بن أبي خالد- وروايته برقم (900) - وقوله في ح (526): ثنا سليمان بن أبي مسلم الأحول -وكان ثقة-. اهـ. وقوله =
بعبارة متزنة بعيدة عن الإفراط أو التفريط.
(ب) علل الحديث:
يذكر الحميدي ما يقع من الاختلاف على بعض الرواة في رفع الحديث ووقفه، أو وصله وإرساله إلى غير ذلك من الاختلاف في إسناده، مثل غلط بعض الرواة أو شكهم. وكذلك ما يقع في المتن من زيادة بعض الرواة، أو مخالفتهم لغيرهم، وهذا مما يندر وقوعه في مسانيد غيره، عدا المسانيد المعللة -كمسند البزار، ويعقوب بن شيبة-.
ووقع مثل ذلك كثيرًا في مسنده، بالنظر إلى صغر حجمه، وكان يقول ذلك أحيانًا من عند نفسه (1). وكان كثيرًا ما يسأل سفيان بن عيينة، أو يحكي سؤال من سأله وجوابه، وأحيانًا يقوله سفيان أبتداء من غير سؤال، وقد يحكي سفيان شكه في بعض سنده أومتنه (2) وكان الحميدي ربما بين عدم سماع سفيان ابن عيينة، لحديث ما (3)، وربما نقل ذلك
= في ح (527): ثنا موسى بن أبي عائشة -وكان من الثقات-. اهـ. وقوله في ح (725): ثنا أبان بن تغلب -وكان فصيحًا-. اهـ. وقوله في ح (767): ثنا شيخ من أهل الكوفة يقال له: شعبة -وكان ثقة-. اهـ. وانظر: ح (778، 819، 907، 991، 1300).
(1)
انظر: ح (52، 137، 274، 433، 500، 789، 920، 921، 1075).
(2)
انظر: ح (23، 25، 49، 87، 143، 148، 226، 249، 250، 270، 280، 281، 282، 282، 285، 293، 338، 348، 378، 419، 420، 504، 514، 551، 558، 578، 619، 621، 634، 635، 638، 644 - تحرفت إلى:
244 -
، 666، 715، 723، 724، 745، 779، 814، 878، 879، 898، 902، 931، وغيرها كثير.
(3)
ومن ذلك قوله في ح (245): ولم يسمعه سفيان من الزهري. اهـ. وانظر: ح (236، 247، 1230، 1243).
عن (1) سفيان، وربما بين سفيان سماعه لبعض الحديث دون باقيه (2)، وربما بين أنه سمعه لكن لم يحفظه كله (3)، أو بعضه (4).
وربما بين الحميدي عدم سماعه لحديث ما (5)، من سفيان، أو سمعه ونسي بعضه (6). وكان الحميدي رحمه الله يتلقف ما يتكلم به شيخه سفيان بن عيينة، في أحوال شيوخه (7) أو من فوقهم، فيتوج به أحاديث مسنده.
وكان سفيان ربما عدل عن الكلام في الرجل مباشرة إلى الإيماء إلى ضعفه (8).
(1) ومن ذلك قوله في ح (328): قال سفيان: ولم أسمعه من الزهري. اهـ. وانظر: ح (685).
(2)
ومن ذلك قوله في ح (227): ولم يقل لنا هذا الزهري في حديثه، إنما قاله لنا أيوب بن موسى في حديثه. اهـ.
(3)
ومن ذلك قوله في ح (1184): وقد سمعت الزهري يحدث به فلم أحفظه. اهـ.
(4)
مثل قوله في ح (26): فحدثنا به الزهري
…
فحفظت منه أشياء، ثم حدثني بقيته بعد ذلك معمر. اهـ. وانظر:(52، 96، 203، 233، 243، 289، 423، 553، 580، 961، 976، 1184، 1279).
(5)
ومن ذلك قوله في ح (1089): لم يقدر لي أن أسأله عنه. اهـ.
(6)
ومن ذلك قوله في ح (916): قال سفيان شيئًا لم أحفظه. اهـ.
(7)
ومن ذلك قوله في ح (342): فلما سألنا ابن عقيل عنه لم يصف لنا في المسح العارضين، وكان في حفظه شيء، فكرهت أن ألقنه. اهـ. وقوله في ح (724): وقدم الكوفة -يعني يزيد بن أبي زياد- فسمعته يحدث به، فزاد فيه: ثم لا يعود. فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة يومئذ أحفظ منه يوم رأيته بالكوفة. وقالوا لي: إنه قد تغير حفظه، أو ساء حفظه. اهـ.
(8)
ومن ذلك قوله في ح (290): ثنا عمار الدهني -لم نجده عند غيره-. اهـ. وقوله في ح (295): ثنا عبد الله بن أبي الوليد -وكان من عباد أهل المدينة، وكان يرى القدر-. اهـ. وقوله في ح (305): وسلم بن شوال رجل من أهل مكة، لم نسمع =
(ج) بيان ما يقع فيه من لحن، أو تصحيف الرواة:
وكان الحميدي رحمه الله، بما أوتي من بصيرة ثاقبة، وحفظ وقال، ربما استدرك على شيخه سفيان في أسماء بعض الرواة، ولم يتابعه على وهمه (1)، وربما تابعه في القليل النادر (2)، وكان أحيانًا ينقل كلام شيخه في بيان تصحيف من صحف بعض الأسماء (3)، أو لحن في كلامه (4).
(د) تسمية ما يأتي مبهمًا أو مهملًا في الإسناد:
إن سعة علم سفيان وحفظه لطرق الحديث هيأت له السبل إلى معرفة من يبهمه الرواة، نسيانًا أو جهلًا باسمه -وهذا يقع كثيرًا في المتون-، أو تعمدًا لقصد التعمية لكون هذا المبهم ضعيفًا، وقد نقل عنه الحميدي بعض ذلك (5)،
= أحدًا يحدث عنه إلَّا عمرو بن دينار هذا الحديث. اهـ. وانظر: ح (17، 843).
(1)
ومن ذلك قوله في ح (863): وكان سفيان يقول فيه: محرير الكعبي. فإن استفهمه أحد، قال: مجرش، أو مجرس، أو محرس. وربما قال ذا وذا، وكان أبدًا يضطرب في الاسم. قال الحميدي: وهو محرش. اهـ.
(2)
ومن ذلك قوله- (2/ 201) -: أحاديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، رضي الله عنه، الذي أري النداء. اهـ وهذا وهم منه لأن راوي تلك الأحاديث هو عبد الله بن عاصم المازني الأنصاري، ورائي الأذان هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه. انظر: ترجمتهما في ح (199) من هذه الرسالة- وهو إنما تابع شيخه سفيان في هذا الوهم. قال البخاري (2/ 498) ح (1012): كان ابن عيينة يقول: هو صاحب الأذان. ولكنه وهم، لأن هذا عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، مازن الأنصار.
(3)
ومن ذلك قوله في ح (240): قال سفيان: وسمعت ابن جريج يحدث به عن الزهرى فقال فيه: ألم تر أن محرزًا المدلجي. فقلت: يا أبا الوليد: إنما هو مجزز المدلجي.
فانكسر ورجع.
(4)
ومن ذلك قوله في ح (855): قال سفيان: وكان ابن أبي خالد يقول فيه: سمعت أخي بني فهر. يلحن فيه، فقلت أنا: أخا بني فهر. اهـ.
(5)
ومن ذلك قوله في ح (997): قالوا: هذا أبو الأوبر. اهـ. وقد أبهمه عبد الملك بن =
كما نقل عن غيره (1).
7 -
منهجه في سوق المتون واختصارها:
اهتم الحميدي رحمه الله، كغيره من المحدثين، بمتون الأحاديث، فبين ما يقع من الزيادة من بعض الرواة في المتن (2)، وما يقع من بعضهم من الشك في كلمة أو أكثر (3).
وراعى في ذلك الإختصار، فكان يسوق الحديث بسنده ومتنه، ثم يسوقه من طريق أخرى، ويحيل على المتن السابق بما يناسب من عبارات الإحالة (4)، فإن كان في متنه زيادة مهمة لتعلق حكم بها، أو غير ذلك من المقاصد، ذكرها، وقد وقع في مسنده من ذلك الشيء الكثير.
8 -
منهجه في سوق الأسانيد:
قد مر بعض ذلك فيما تقدم، وهو يسوق الأسانيد بتمامها، ولعل السبب
= عمير فقال: سمعت رجلًا. وانظر: ح (66، 297، 341، 408، 1222، 1223).
(1)
من ذلك قوله في ح (780): الصنابحي: هو أبو الأعسر. ولم يقله لنا سفيان، فعلمناه من وجه آخر. اهـ.
(2)
من ذلك قوله في ح (217): زادني أبو معاوية فيه: فقلدها. اهـ. وقوله في ح (411): قال سفيان: وزاد فيه إسماعيل بن مسلم: فرميناه بالنبل حتى وهصناه. اهـ.
وانظر: ح (243، 842).
(3)
من ذلك قوله في ح (413): وربما قال سفيان: لا ينصرف. اهـ. وانظر: ح (248، 508)، وقوله في ح (495): أو قال: لا إله غيرك-، شك سفيان. اهـ. وانظر: ح (1008، 1047).
(4)
ومن ذلك قوله: (بمثله). انظر: ح (137، 147، 176، 180، 202، 245، 382، 1001، 1011، 1013، 1072، وغيرها كثير جدًا). وقوله: (بنحوه). انظر: ح (748).
في ذلك قصر أسانيده، ولم أره استعمل حرف الإحالة (ح)(1) إلَّا مرة واحدة، مع أنه ساق السند بكماله.
وربما ذكر بإسناد واحد أكثر من حديث، فيسوق السند ثم متنه، وبعده يقول الصحابي: وَسَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
…
الْحَدِيثَ. وهذا ليس من الإحالة، وإنما هكذا تحمله عن شيخه وإلَّا للزمه أن يقول:(وبه)(2)، وكان ربما قرن شيخه ابن عيينة بشيخ له آخر (3). ولا يروي عن شيخه بالعنعنة إلَّا نادرًا (4)، وأكثر بصيغة التحديث (حدثنا، ثنا)، ولم يستعمل صيغة السماع (سمعت) إلَّا نادرًا أيضًا (5). وربما عبر بـ (قال) فقط ولم يذكر صيغة التحديث (6).
9 -
منهجه في ذكر فقه الحديث، وتفسيره:
لا غرو أن الإمام الحميدي كان فقيه مكة في زمانه، فلا يستغرب منه ذكر بعض ما في حديث ما من الفقه، وقد ذكر شيئًا من ذلك، لكنه ليس بكثير (7)،
(1) انظر: ح (1047).
(2)
وقع ذلك عنده في موضعين فقط، انظر: ح (823 - وهو ثلاثة أحاديث ولم يعطه المحقق إلَّا رقمًا واحدًا)، وح (919، 919/ 2، 919/ 3، 919/ 4، 919/ 5 وكأن المحقق تنبه هنا متأخرًا فاضطر إلى هذا الترقيم).
(3)
انظر: ح (228، 273، 641، 645، 648).
(4)
انظر: ح (1299).
(5)
انظر: ح (1089).
(6)
انظر: ح (195/ 2 هكذا في المطبوع ويبدو أنه سها عنه أولًا فلم يعطه رقمًا ثم استدركه).
(7)
من ذلك قوله في ح (47): إن كان على الخفين -يعني المسح- فهو سنة، وإن كان على غير الخفين فهو منسوخ. اهـ. وقوله في ح (727): هذا منسوخ، ولا يؤخذ به. اهـ.
وإنما أكثر ما ذكر يرويه عن سفيان (1)، وربما رواه عن سفيان عن أحد شيوخه (2).
كما أنه لم يخل كتابه من تفسير بعض الأحاديث، أو تفسير بعض كلماتها من قبله حينًا (3)، ومن قبل شيخه حينًا (4) آخر، وربما عمن فوقه (5).
10 -
زوائد بشر بن موسى الأسدي وغيره على مسند الحميدي، وكلامهم في ضبط بعض الأسانيد:
لم تظهر شخصية بشر بن موسى من خلال روايته لمسند الحميدي، فلم
(1) من ذلك قوله في ح (8): قال سفيان: لا أحفظها مرفوعة، وهي منسوخة. اهـ. وقوله في ح (473): قال سفيان: هذا للنبي خاصة، لأن النبي تنام عينه، ولا ينام قلبه. اهـ. وانظر: ح (612، 912، 952، 1118).
(2)
من ذلك قوله في ح (69): قال الزهري: فنرى أن الإسلام: الكلمة. وأن الإيمان: العمل. اهـ.
(3)
من ذلك قوله في ح (317): يعني: ليس هي الآن صدقة. اهـ. وانظر: ح (335، 648، 172، 911، 1172، 1217، 1219).
وقوله في ح (328): الكاشح: العدو. اهـ. وانظر: ح (337، 344، 1110).
(4)
من ذلك قوله في ح (18): قال سفيان: يعني أنه قد جمع بين الحج والعمرة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأجازه، وليس أنه فعله هو.
وقوله في ح (114): يعني في غير وقتها الذي كان يصليها فيه قبل ذلك. اهـ. وانظر: ح (283، 308، 342، 557، 559، 568، 572، 721، 729، 986، 1049).
وقوله في ح (232): قال سفيان: والحوف: ثياب من سيور تلبسه الأعراب أبناءهم. اهـ. وقوله في ح (443): قال سفيان: القتات: النمام. اهـ. وانظر: ح (531، 559، 1107، 1127).
(5)
من ذلك قوله في ح (624): قال سفيان: سمعت محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة -وكان بصيرًا بالعربية- يقول: ولا آثرًا: آثره عن غيري، أخبر عنه أنه حلف بها. اهـ. وانظر: ح (304، 416، 543، 544، 1205، 1269).