الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول دراسة النسخ الخطية
في أثناء بحثنا الحثيث الدقيق في أدراج، وكتب، وفهارس المخطوطات داخل المملكة وخارجها، عن مخطوطات كتاب "المطالب العالية" وقعت أيدينا على عدة نسخ خطية فاقتنينا مصورات عنها، وباشرنا العمل في الكتاب على أساسها.
وإليك وصف مفصل لكل نسخة من هذه النسخ:
المبحث الأول النسخة المحمودية- ورمز ها (مح)
وهي إحدى مخطوطات المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، وقفها لله تعالى، الشيخ الجليل محمد عابد السندي -كما هو مكتوب على الورقة الأولى من النسخة، بخط يده رحمه الله، وتاريخ وقفها هو ذو القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين بعد الألف- وقد اشتهرت كتبه لدى طلاب العلم بالجودة والإتقان، لعنايته الفائقة بها.
(أ) عدد أوراق النسخة:
(201)
إحدى ومائتين، وقد زيد في آخرها ورقة استدرك فيها ما سقط من
ق 72 أ. وكل ورقة لها وجهان، الأول أرمز له ب (أ)، والثاني (ب)، ليكون أدق في العزو إليها، وأسرع لمن أراد الرجوع إليها. وهي عبارة عن جزأين، ينتهي الجزء الأول في (ق 94 أ) ويبدأ الثاني من (ق 94 ب).
(ب) مسطرتها:
يختلف عدد الأسطر من ورقة إلى أخرى، لكنها تتراوح بين ست وثلاثين إلى سبع وخمسين سطرًا، وعدد الكلمات في كل سطر تتراوح ما بين سبع عشرة إلى ثلاث وعشرين كلمة.
(ج) مقاسها:
18× 23 سم تقريبًا.
(د) تاريخ نسخها:
تم نسخ الجزء الأول في يوم الإثنين، الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف.
وتمت مقابلته في عشرين من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف.
وكتب بآخر الجزء الثاني: تم هذا الجزء في شهر ربيع (الآخر) سنة 1321.
(هـ) وصفها:
كتبت هذه النسخة من نسخة كتبت بمكة المشرفة، وتم الجزء الأول منها في يوم السبت الثالث من شهر ربيع الثاني أحد شهور سنة خمس وسبعين وثماني مائة، بخط أحد تلاميذ المؤلف -انظر (ق 94 أ) -. وخطها مقروء لا بأس به، وإن كان في بعض الأحيان يكون دقيقًا جدًا، لكن ذلك قليل. وقد تخللها اختلاف في الخط من حيث التكبير والتصغير، واختلاف المنهج في بعض الأحيان. فكأنه اشترك في كتابتها أكثر من ناسخ، ويفصل بين كل حديث
وآخر بدائرة (o)، لكن ليس ذلك في كل النسخة، بل جاء بعضها بدون ذلك. وقد نقطت هذه الدائرة في بعض مواضع من النسخة، للدلالة على المقابلة. ويضع -أحيانًا- تحت حرف (الدال) نقطة، للدلالة على أنه مهمل.
ويكتب (إسحاق، الحارث، عثمان -وما شابهها-) بدون ألف، هكذا:(إسحق، الحرث، عثمن) كما هي عادة المتقدمين. ويكتب فوق حرف السين المهملة، سين صغيرة، للدلالة على إهمالها، وربما كتب عليها دائرة صغيرة (o)، وقد يفعل ذلك مع الصاد، والألف المقصورة، وأحيانًا لا يكتب شيئًا.
وإذا ألحق بالهامش ما سقط من الأصل ختمه بكلمة (صح)، ويضع في الأصل معقوفًا فوق مكان الساقط، يشير إلى جهة اللحق في الهامش.
وفي (ق 72 أ) وقع سقط كبير في وسط الصفحة، فنبه عليه وألحقه بآخر النسخة.
وإذا وقع سقط في النسخة الأصل التي ينقل منها لم يبيض له، وإنما يضع فوق مكانه معقوفة ويكتب بالهامش (وقع في الأصل بياض)، وربما بين مقداره فقال (ربع سطر
…
).
وقد قوبلت -كما سبق- فكتب كل ما سقط منها في هامشها، ولذلك كانت نسخة متقنة، قليلة السقط جدًا، نادرة الخطأ.
وقد اعتنى بها صاحبها. الشيخ محمد عابد السندي -وهو أحد علماء عصره- أتم العناية، فوشَّحها بتعليقات حديثية، ولغوية نفيسة، ويكتب فوق الكلمة، أو الحديث الذي يريد الكلام عليه () ويكتبها أيضًا فوق الشرح بالهامش.
ويصدر الكلام بما يناسبه، فأحيانًا يقول (قوله) وأحيانًا (فيه)، ومن هذه التعليقات ما جاء في هامش (ق 54 أ) تعليقًا على حديث اختصام علي والزبير،
رضي الله عنهما، إلى عمر رضي الله عنه، في موالي صفية بنت عبد المطلب.
ونص التعليق:
(فيه2 استفادة علي رضي الله عنه، حكمًا من أحكام الشريعة عن عمر رضي الله عنه، فتنبه).
وفي (ق 94 أ) علق على طرف من حديث الحارث بن أبي أسامة، الطويل الموضوع فقال:(هذا الحديث باعتبار إسناده يحكم عليه بالوضع، وباعتبار متنه صحيح، قد ثبت عند الشيخين وغيرهما ما يؤيده. فتنبه).
وربما عزا بعض التعليقات اللغوية إلى بعض كتب الغريب، كالنهاية لابن الأثير، انظر (ق 118 أ).
ويكتب أحيانًا بالهامش ما يدل على موضوع الحديث، فيجعله كالعنوان له. ومن ذلك ما جاء في (ق 92 أ) من قوله:(رؤية محمد بن مسلمة لجبريل عليه السلام، وانظر (ق 67 أ).
وربما علق على الحديث من حيث الاتصال وعدمه، ومن ذلك قوله في (ق 82 أ):(عروة بن رويم، عن علي منقطع، حكاه المؤلف في اللسان عن ابن عدي).
وانظر (ق 65 أ)، ومسرور بن سعيد غمزة ابن حبان هـ. ثقات) (1).
وربما ذكر في الهامش من روى الحديث غير المذكورين وساق سنده، انظر (ق 71 أ، ق 125 ب).
وأمثال هذه التعليقات كثير في حواشي النسخة).
(1) قلت: مسرور بن سعيد التميمي، قال فيه ابن حبان: يروي عن الأوزاعى المناكير التي لا يجوز الاحتجاج بمن يرويها. اهـ -المجروحين: 3/ 44 - فلا أدري ما معنى قول المعلق هنا (ثقات) إلا أن يكون وقف على كلام لابن حبان في ثقاته عليه -فالله أعلم-.
ولهذه المميزات المذكورة آنفًا، مع قدم النسخة، اعتمدناها، وجعلناها هي الأصل في التحقيق، ورمزنا لها بـ (مح).
تنبيه:
سقط من الأصل عشرة أبواب من كتاب الجهاد (ق 72 ب)، وقد نبه على هذا السقط صاحب النسخة محمد عابد السندي، فقال:"سقط من ههنا شيء كثير وأحاديث متعددة وأبواب متنوعة ينظر لها في الملحقة فتنبه" وقد ألحقها فعلًا بآخر النسخة، وكتب في آخر الملحقة (صح البياض).
وهذه الأبواب الساقطة هي:
1 -
بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ.
2 -
باب الجزية والهدنة.
3 -
باب قسم الفيء والهدنة.
4 -
باب سهم ذوي القربى.
5 -
بَابُ جَرَيَانِ السِّهَامِ فِيمَا بِيِعَ بِذَهَبٍ أَوْ فضة.
6 -
بَابُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّفَلَ كَانَ مَشَاعًا لِمَنْ أخذه قبل أن ينزل القسمة.
7 -
بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ لِمَنْ هَاجَرَ وَلِمَنْ وَقَعَ ذلك ببلده.
8 -
باب ردّ الغنيمة قبل القسمة.
9 -
باب السلب للقاتل،
10 -
باب النفل.
تنبيه ثان:
بعد أن تم كتاب المطالب العالية، في (ق 199 أ) جاء بعده ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم، صلى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وسلَّم، رب يسِّر يا كريم. كتاب الرقاق.
أبو نعيم: حدثنا أحمد بن يعقوب المعدل، ثنا الحسن بن علوية، ثنا إسماعيل بن عيسى، ثنا الهياج بن بسطام، عن مسعر بن كدام، عن بكير بن الأخنس، عن سعد رضي الله عنه قَالَ:"سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من أولياء الله -تعالى-؟ قال: الذين إذا رأوا ذكر الله حنت قلوبهم إليه".
حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا محمد بن القاسم بن الحجاج، حدثنا الحكم بن موسى، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني مسلم بن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:"إن لله عز وجل ضنائن من عباده، يغذيهم في رحمته، ويحييهم في عافيته، إذا توفاهم توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم، وهم منها في عافية".
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا محمد بن نصير الصائغ، ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، ثنا ابن أبي حازم، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رب أشعث ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره".
حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن عياض بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لكل قرن من أمتي سابقون".
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن الخزز الطبراني، ثنا سعيد بن أبي زيدون، ثنا عبد الله بن هارون الصوري، ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل الله من الخمسمائة مكانه، وأدخل من الأربعين
مكانهم، قالوا: يا رسول الله، دلنا على أعمالهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويتواسون فيما آتاهم الله عز وجل".
* عبد الله بن هارون لا يعرف، والحديث كذب، قاله الذهبي.
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا محمد بن السري القنطري، ثنا قيس بن إبراهيم بن قيس السامري، حدثنا عبد الرحيم بن يحيى الأرمني، ثنا عثمان بن عمارة، ثنا المعافى بن عمران، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة، قلوبهم على قلب آدم، ولله عز وجل في الخلق أربعون، قلوبهم على قلب موسى، ولله -تعالى- في الخلق سبعة، قلوبهم على قلب جبريل، ولله -تعالى- في الخلق ثلاثة على قلب ميكائيل، ولله -جل وعلا- في الخلق واحد، قلبه على قلب إسرافيل، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيي ويميت، ويمطر وينبت، ويدفع البلاء، قيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقمعون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء".
* اتهم بهذا الحديث عبد الرحمن وعثمان، وقال الذهبي: إنه كذب.
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا ابن عياش، ثنا صفوان بن عمرو، عن خالد بن معدان، عن
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-: "يا حذيفة، إن في كل طائفة من أمتي قومًا شعثًا غبرًا إياي يريدون، وإياي يتبعون، وكتاب الله يقيمون، أولئك مني وأنا منهم وإن لم يروني".
* عبد الوهاب متروك.
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا بكر بن سهل، ثنا عمرو بن هاشم، ثنا سليمان بن أبي كريمة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من سرَّه أن ينازعني أو ينظر إلي فلينظر إلى أشعث شاحب مشمر، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، رفع له علم فشمر إليه، اليوم المضمار، وغدًا السباق، والغاية الجنة أو النار).
* سليمان بن أبي كريمة صاحب مناكير.
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن منصور المدائني، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن يحيى بن عروة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن موسى عليه السلام قال: يا رب، أخبرني بأكرم خلقك عليك. قال: الذي يسرع إلى هواي إسراع النفس إلى هواه، والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه، فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا".
حدثنا عبد الله بن محمد وأبو أحمد محمد بن أحمد في جماعة قالوا: ثنا الفضلى بن حباب، ثنا شداد بن فياض، ثنا أبو قحذم، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعاذ بن جبل رضي الله عنه وهو يبكي، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
يقول: أحب العباد إلى الله -تعالى- الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك هم أئمة الهدى ومصابيح العلم".
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيُّ، ثنا أبو معاوية عمرو بن عبد الجبار السنجاري، ثنا عبيدة بن حسان، عن عبد الحميد بن ثابت بن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عن أبيه، عن جده قال:"شهدت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مجلسمًا فقال: طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء".
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا الوليد بن إسماعيل الحراني، ثنا شيبان بن مهران، عن خالد بن المغيرة، عن قيس، عن مكحول، عن عياض بن غنم رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"إن من خيار أمتي فيما نبأني الملأ الأعلى في الدرجات العلى قومًا يضحكون جهرًا من سعة رحمة ربهم، ويبكون سرًا من خوف شدة عذاب ربهم، يذكرون ربهم بالغداة والعشي في بيوته الطيبة، ويدعونه بألسنتهم رغبًا ورهبًا، ويسألونه بأيديهم خفضًا ورفعًا، ويشتاقون إليه بقلوبهم عودًا وبدءًا مؤنتهم على الناس خفيفة، وعلى أنفسهم ثقيلة، يدبون في الأرض حفاة على أقدامهم دبيب النمل بغير مرح ولا بذخ ولا مثلة، يمشون بالسكينة، ويتقربون بالوسيلة، يلبسون الخلقان، ويتبعون البرهان، ويتلون الفرقان، ويقربون القربان، عليهم من الله شهود حاضرة، وأعين حافظة، ونعم ظاهرة، يتوسمون العباد، ويتفكرون في البلاد، أجسادهم في الأرض، وأعينهم في السماء، أقدامهم في الأرض، وقلوبهم في السماء، أنفسهم في الأرض، وأفئدتهم عند العرش، أرواحهم في الدنيا، وعقولهم في الآخرة، ليس لهم هم إلَّا ما أمامهم، فنورهم ومقامهم عند ربهم، ثم تلا هذه الآية: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)} ".
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن موسى الأيلي، ثنا عمر بن يحيى الأيلي، ثنا حكيم بن حزام، عن أبي جناب، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إن من موجبات الله عز وجل ثلاثًا: إذا رأى حقًا من حقوق الله -تعالى- لم يؤخره إلى أيام لا يدركها، وأن يعمل العمل الصالح العلانية على قوام من عمله في السريرة، وهو يجمع مع ما يعمل صلاح ما يأمل. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فهكذا ولي الله -تعالى- وعدد بيده ثلاثين".
باب العقل وفضائله
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بن أبي أسامة، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثنا مَيْسَرَةُ بْنُ عبد ربه، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله -تعالى- خواص يسكنهم الرفيع في الجنان، كانوا أعقل الناس. قلت: يا رسول الله، وكيف كانوا أعقل الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم: كانت همتهم المسابقة إلى ربهم عز وجل والمسارعة إلى ما يرضيه، وزهدوا في فضول الدنيا ورياشها ونعيمها، وهانت عليهم فصبروا قليلًا واستراحوا طويلًا".
* داود ضعيف جدًا.
حدثنا محمد بن الفتح الحنبلي، ثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، ثنا محمد بن عبد النور الخزازا، ثنا أحمد بن
…
وسقط باقيه من النسخة، ثم أورد أحاديث باب العقل وتقدمت برقم (2764) ثم قال:
قرأت في تاريخ نيسابور للحاكم أبي عبد الله: حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن أحمد بن أبي ذهل، ثنا أبوعلي أحمد بن محمد بن
علي بن رزين -وسأله أبو الفضل الشهيد الحافظ- ثنا أصرم بن مالك الفارسي، ثنا خالد بن سليمان، عن معمر، عن سفيان، عن أبي معاذ، عن الفضل بن عيسى، عن السائب بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر -وأحسبه قال: قم فقام، واقعد فقعد- وقال: وعزتي ما خلقت شيئًا أعجب إلي منك، بك آخذ وبك أعرف، وبك أعاقب، بك الثواب، وإليك العقاب".
حدثني محمد بن عبدك، ثنا محمد بن داود الأصبهاني، ثنا سمعان بن بحر، ثنا إسحاق بن محمد الضبي، ثنا أبي، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تم دين إنسان إلَّا تم عقله".
وقال الطبراني في الأوسط: حدثنا أحمد بن زنجويه العطار البغدادي، ثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حفص بن عمر قاضي حلب، عن الفضل بن عيسى الرّقاشي، عن أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله- عز وجل العقل قال له: قم فقام، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: اقعد فقعد، فقال له: وعزتي ما خلقت خلقًا خيرًا منك، ولا أكرم منك، ولا أفضل منك ولا أحسن، بك آخذ، وبك أعطي، وبك أعرف، وبك الثواب، وعليك العقاب".
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو همام الوليد بن شجاع، حدثنا سعيد بن الفضل القرشي، ثنا عمر بن أبي صالح العتكي، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله -تعالى- العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي ما
خلقت خلقًا أعجب إلي منك، بك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وعليك العقاب".
* لا يروي عن أبي أمامة رضي الله عنه إلَّا بِهَذَا الِاسْنَادِ، تَفَرَّدَ به أبو همام.
حدثنا عبد الوهاب بن رواحة الرامهرزي، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا جعفر بن بشر الأسدي، حدثنا حسين بن الحسن بن يزيد العلوي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رأس العقل بعد الإيمان بالله التحبب إلى الناس".
حدثنا محمد بن يونس، ثنا أحمد بن ثابت الجحدري، ثنا عبيد الله بن عمرو الحنفي، ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رأس العقل بعد الإيمان بالله -تعالى- التودد إلى الناس".
قال البزار: حدثنا عمر بن حفص الشيباني، ثنا عبيد الله بن عمرو القيسي به.
* وقال: رواه هشيم، عن علي بن زيد، عن سعيد مرسلًا، وعبيد الله بن عمرو القيسي ليس بالحافظ، ولا سيما إذا خالف الثقات.
حدثنا بشر بن موسى الأسدي، ثنا منصور بن صقير، ثنا موسى بن أعين، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليكون من أهل الصلاة والزكاة والحج والعمرة والجهاد حتى ذكر سهام الخير وما يجزى يوم القيامة إلَّا بقدر عقله".
* لم يروه عن عبيد الله إلَّا ابن أعين تفرد به منصور.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور البصري، ثنا يعقوب بن إسحاق القلوسي، ثنا محمد بن عمر الرومي، ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنا الشاهد على الله عز وجل ألا يعثر عاقل إلَّا رفعه، ثم لايعثر إلَّا رفعه، ثم لايعثر إلَّا رفعه حتى يصيره إلى الجنة".
* لم يروه عن ابن ميسرة إلَّا الطائفي، ولا عنه إلَّا الرومي. تفرد به يعقوب.
والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
* * *
ويلاحظ أن الأحاديث الستة عشر الأولى مأخوذة من كتاب الحلية لأبي نعيم وهي في أوائل الجزء الأول منه.
وبعدها حديثان من تاريخ نيسابور للحاكم.
وبعدها ستة أحاديث من كتاب المعجم الأوسط للطبراني وهي موجودة في مواضع متفرقة من المطبوع.
وكل هذا ليس من كتاب المطالب جزمًا، وليس من شرطه، وقد تخلل أحاديثه. نقول عن الذهبي في الكلام عليها، وليس هذا من عادة الحافظ، فلعل ذلك من زيادات صاحب النسخة أو غيره.
ثم قال في (200 أ): بَابُ الْعَقْلِ وَفَضْلِهِ. قَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا أَبُو الفضل
…
فذكر حديثًا.
ثم قال: من كِتَابِ الْعَقْلِ لِدَاوُدَ بْنَ الْمُحَبَّرِ أَوْدَعَهَا الْحَارِثُ بن أبي أسامة مُسْنَدِهِ، وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ كُلُّهَا لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، قَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ
…
فذكر أحاديث كثيرة من كتاب العقل استغرقت ورقة ونصف الورقة.
وهذا الأخير من شرط الكتاب، وقد أشار إليه الحافظ في صلب الكتاب، فقال في (ق 118 ب: الزهد والرقائق: باب فضل الورع والتقوى) معلقًا على حديث من أحاديث العقل: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ كِتَابِ الْعَقْلِ لِدَاوُدَ بْنِ المحبر، كلها موضوعة، ذكرها في مسنده، وَسَبَقَ كَثِيرٌ مِنْهَا فِي بَابِ الْعَقْلِ مِنْ كتاب الأدب. اهـ.
قلت: لم أجد باب العقل في كتاب الأدب في هذه النسخة.
وقد جاءت أحاديث العقل هذه في نسخة (ك) في كتاب البر والصلة ولم أجدها في باقي النسخ وسنقوم بإدخالها في صلب الكتاب لذلك.