الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي عهد المأمون ظهرت على يده الفتنة العظيمة وهي القول بخلق القرآن ونادى بها وامتحن الأئمة بسببها، وكان لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله ومن ثبت معه موقف قوي خالد: إذ رفضوا الإجابة إلى القول بحدوث القرآن الكريم، وأول ما نادى بها المأمون سنة (212) في ربيع الأول منها، وأوذي فيها عدد من الأئمة (1).
- كما تم في عهد المعتصم فتح عمورية المشهور سنة (223)(2) بعد حرب دارت رحاها بين المسلمين والروم (3).
2 - الحالة العلمية:
وبالرغم من كثرة الفتن والاضطرابات في هذه الفترة فقد كانت النهضة العلمية في نشاط كبير، في كثير من المجالات، ونشطت حركة التأليف والترجمة، وأنشأ المأمون الرصد على جبل دمشق، وازدهرت صناعة الورق، وكثر الشعراء والوراقون وصارت لهم أماكن يقصدها من أراد.
وكان التأليف في التفسير، والفقه، واللغة، والأدب، والتاريخ، وغيرها وشهد القرن الثالث الهجري قمة ما بدأه الصحابة ومن بعدهم للحفاظ على الحديث النبوي، وذلك من حيث كتابته، ونقده أيضًا، فألفت الكتب الستة الأمهات، ومسند أحمد بن حنبل، وقبلها مسند الطيالسي، كما ظهرت مدونات أخرى في الحديث وألفوا في نقد الرجال، وكثر في هذا العصر اختلاط
(1) انظر: البداية والنهاية (10/ 272، 320، وما بعدها)، السير (10/ 283)، تاريخ الأمم والملوك (8/ 631).
(2)
البداية والنهاية (10/ 286).
(3)
وانظر في بقية الأحداث: تاريخ الأمم والملوك (8/ 7) وما بعدها، البداية والنهاية (10/ 61) فما بعدها.
المسلمين بالعجم من أصحاب الملل والنحل الأخرى، وإن كان بعضهم دخل في الإسلام فحسن إسلامه، فإن هناك طوائف دخلت في الإسلام فرارًا من الجزية، وليتمكنوا من الكيد والدس الخفي، وصاحَبَ هذه مبالغة المأمون في تشجيع حركة الترجمة، فأدى هذا إلى ترجمة فلسفات، وأفكار، وعقائد منحرفة، من كتب اليونان والفرس، واليهود، والنصارى وغيرهم، فظهرت مذاهب الاعتزال، والزندقة، والعقائد الفاسدة في أصل الكون، ومصير الأرواح، والتخبط في مذاهب أهل الكلام في أسماء الله تعالى وصفاته.
ولم تكن للزنادقة غلبة فكر في بادئ الأمر فقد تتبعهم متقدموا خلفاء بني العباس إلى عهد هارون الرشيد (1)، وشددوا عليهم النكير وقتلوا منهم من يخشى خطره وضرره، وهرب الباقي، وكان ممن هربوا بشر بن غياث المريسي (2).
ولما كان الخلفاء آنذاك يُقْدِمُون على التَّسَرِّي واتخاذ أمهات الأولاد من الإماء من بلاد الفرس، والروم، وغيرهم، حتى أكثروا من ذلك، فحدث أن آلت الخلافة إلى بعض أولادهن فقَرَّبُوا أعدادًا من العجم من الفرس وغيرهم، وأحلوهم مراكز عالية في الدولة الإسلامية، واتخذوا منهم بطانة لعبت دورًا كبيرًا في تشويه نقاء العقيدة الإسلامية، وتكدير صفائها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حمل الناس جَبْرًا على القول بخلق القرآن الكريم، كما قام الزنادقة وأتباعهم بوضع الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإزاء هذا كان لأئمة السنة دور واضح في تصحيح العقيدة، ونقد الرجال
(1) من الأمثلة عليه ما ذكره الحافظ ابن كثير، انظر: البداية والنهاية (10/ 161، 215).
(2)
انظر ترجمته في البداية والنهاية (10/ 281).