الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعشرين ومائتين فيها وَثَب قوم يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من شهر ربيع الأول في مسجد الرصافة على رجلين من الجهمية فضربوهما وأذلُّوهما، ثم مضوا إلى مسجد شُعَيب بن سهل القاضي (1) يريدون مَحْو كتاب كان كتبه على مسجده يذكر فيه أن القرآن مخلوق، فأشرف عليهم خادم لِشُعَيب، فرماهم بالنُشَّاب (2)، فوثبوا فأحرقوا باب شعيب، وانتهب ناس منزله، وأرادوا نفسه، فهرب منهم، وهو أول قاض حُرِق بابه، وانتُهِب منزله فيما بلغنا، وكان يقول قَوْل جَهْم، مُبغِضًا لأهل السنة، مُتَحامِلا عليهم، مُنتَقِصًا لهم، لا يقبل لأحد منهم صَرفًا (3) ولا عَدلًا (4).
فهذا يدلّ على أن الحارث كان على مُعتَقَد أهل السنة، كارهًا للجهمية، رافِضًا القول بِخَلْق القرآن.
المطلب السابع شُيُوخه
تَلَقّى الحارث رحمه الله العلم، وطَلَب السماع على عدد كبير من علماء عَصره، وقد تنوعت علومهم، وتَعددت معارفهم، ومنهم من عُرِفت مكانتهم وجلالتهم، كل ذلك كان له الأثر في تكوين شخصية الحارث، وجَمْعه لِقَدر كبير من المعارف والعلوم، يظهر ذلك جليا إذا أمعنّا النظر في شخصيات
(1) هو شعيب بن سهل بن كثير، أبو صالح الرازي، وَلِي قضاء الرصافة، وكان يرى رَأي جهم، مات سنة عن وأربعين ومائتين، انظر: تاريخ بغداد (9/ 243)؛ والميزان (2/ 276).
(2)
النشاب: النبل، واحدته نُشَّابة. المعجم الوسيط (2/ 921).
(3)
قال ابن الأثير في النهاية (3/ 24): [الصَّرف: التوبة، وقيل النافلة. والعَدْل: الفِدية، وقيل الفريضة].
(4)
تاريخ بغداد (9/ 243).
شيوخه، واختصاصاتهم مِمّا يؤكد أن الحارث أوْلى الطلب والسماع على الشيوخ عناية خاصة، وَاضِعا نصب عينيه، الحرص على التلقّي عن مشايخ في مختلف العلوم.
وقد جمع الدكتور حسين الباكري في مقدمة تحقيقه لـ"بغية الباحث"(1) شيوخ الحارث، ومِنْ عدد كبير من المصادر والمراجع، فكان عددهم (139) شَيخًا، ولا شك أَنهم كثر من ذلك، ممّا يعطي تصوّرا عن شخصيته العلمية، التي كان من عوامل إثرائها تعدّد شيوخه، وتنوع معارفهم.
ومن أشهرهم (2):
- أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي. المُتوفَّى سنة (227 هـ).
- إسحاق بن عيسى بن نجيح الطَّبَّاع. تُوُفِّي سنة (214 هـ).
- الحسن بن موسى الأشْيَب. مات سنة (209هـ).
- رَوْح بن عُبَادة القيسي. المُتوفّى سنة (205 هـ).
- زهير بن حرب بن شداد أبو خيثمة. المُتوفّى سنة (234 هـ).
- عبد الله بن عون بن أبي عون الهلالي. المُتوفّى سنة (232 هـ).
- عُبَيْد الله بن موسى العَبْسي. المُتوفّى سنة (213 هـ).
- الفَضل بن دُكَين، أبو نُعَيْم. المُتوفّى سنة (218 هـ).
- القاسم بن سلّام، أبو عبيد. المُتوفّى سنة (224 هـ).
(1) انظر: (1/ 30 - 37) فثمّ مسرد لشيوخه. ونَظَرًا لاستِيفائه لهم، لم أر حاجة إلى إعادة ذِكرهم هنا، مُكتفيا بهذه الإشارة، ومُحِيلًا إلى هذا المَوطن لمن شاء الاستزادة، وقد ذَكَرت عَددًا مِنْ أشهَرِهم.
(2)
ما ذَكَرته من الشيوخ مُتَرْجم لهم أثناء الرسالة، ولذا لم أذكر لهم مصادر ترجمة مُحِيلًا لفهرس الأعلام لمعرفة موضع ترجمة كل منهم.