الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جدًا، ليس فيه عنعنة أبدًا، بل كل واحد منهم صرح بالسماع له. اهـ.
وقال الحافظ (1): ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب ابن عيينة. اهـ.
المطلب الخامس روايته عن ابن عيينة، ومنزلته عند العلماء فيه
في سنة ثلاث وستين ومائة (2) انتقل سفيان بن عيينة من الكوفة، مسقط رأسه، إلى مكة المكرمة، فجاور بها حتى مات في سنة ثمان وتسعين ومائة، فلاحت الفرصة للحميدي، فما تردد في قبولها، بل جعل نفسه وتدًا في أرض حلقة ابن عيينة، التي كانت تشع بالأنوار المحمدية، فصاحبها قد حوى علم عمرو بن دينار، وابن المنكدر، والزهري، وغيرهم من جلة التابعين وفضلائهم، ولم يخرج الحميدي من مكة حتى مات سفيان.
قال الحميدي (3): جالست ابن عيينة تسع عشرة سنة، أو نحوها. اهـ.
ومع طول هذه المجالسة كان الحميدي رحمه الله قد وهِب قوة الحافظة، وحسن الفهم لما يحفظه، فحفظ ووعى حديث ابن عيينة، وقد تقدم قول الشافعي (4) فيه: ما رأيت صاحب بلغم أحفظ من الحميدي، كان يحفظ لسفيان ابن عيينة عشرة آلاف حديث. اهـ.
وقد استفاض عن الأئمة تقديمه على سائر أصحاب ابن عيينة الحفاظ. قال محمد بن عبد الرحمن. . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) التقريب (ص 303).
(2)
انظر التهذيب (4/ 122).
(3)
التاريخ الكبير (5/ 97).
(4)
السير (10/ 618).
الهروي (1): قدمت مكة سنة ثمان وتسعين ومائة، ومات ابن عيينة في أول السنة قبل قدومنا بسبعة أشهر، فسألت عن أجل (2) أصحاب ابن عيينة، فذكر لي الحميدي فكتبت حديث ابن عيينة عنه. اهـ.
وقال ابن سعد (3): وهو صاحب ابن عيينة، وراويته. اهـ. وقال ابن عبد البر (4): سئل أحمد بن حنبل: من أثبت في ابن عيينة: علي بن المديني أو الحميدي؟ فقال: الحميدي صاحب الرجل، وأعلم الناس بحديث ابن عيينة، وأثبتهم فيه. اهـ. وقال أبو حاتم (5): أثبت الناس في ابن عيينة: الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة. اهـ. وقال الدارقطني (6) -في أثناء كلامه على حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى نخامة في حائط المسجد
…
الحديث"-: كذلك قال أصحاب ابن عيينة الحفاظ، منهم:
الحميدي، ومسدد، وسعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة. اهـ. وقال الذهبي (7): أكثر عنه، وجود. اهـ. وقال الحافظ (8): أجل أصحاب ابن عيينة. اهـ.
ومن الأدلة العملية القوية على صحة وصدق ما قاله من قدمنا ذكرهم، ما
(1) الجرح (5/ 57) -؛ وتهذيب الكمال (14/ 514).
(2)
سقط قوله: (أجل) من تهذيب الكمال، الذي حققه بشار عواد، وهو ثابت في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وفي مخطوطة تهذيب الكمال المصورة-. انظر:(2/ ق 682) -.
(3)
الطبقات (5/ 502).
(4)
الانتقاء (ص 104).
(5)
الجرح (5/ 57).
(6)
علل الدارقطني (3/ 170 ب).
(7)
السير (10/ 616).
(8)
التقريب (ص 303).
رواه يعقوب بن سفيان الفسوي (1)، عن شيخه الحميدي، أنه قال: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع عليه أهل خراسان، وأهل العراق، فجلست إليهم، فذكروا شيخًا لسفيان، فقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كذا وكذا، فسبح سعيد بن منصور، وأنكر ذلك، وأنكر بن دَيْسم، وكان إنكار ابن ديسم أشد علي، فأقبلت على سعيد، فقلت: كم تحفظ عن سفيان، عنه؟ فذكر نحو النصف مما قلت، وأقبلت على ابن ديسم، فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه؟ فذكر زيادة على ما قال سعيد نحو الثلثين مما قلت أنا، فقلت لسعيد: تحفظ ما كتبت عن سفيان، عنه؟ فقال: نعم. قلت: فعدّ. قال: فعدّ.
ثم قلت لابن ديسم: عدّ ما كتبت عن سفيان، عنه. فإذا سعيد يغرب على ابن ديسم بأحاديث، وابن ديسم يغرب على سعيد في أحاديث كثيرة، فإذا قد ذهب عليهما أحاديث يسيرة، فذكرت ما ذهب عليهما. قال: فرأيت الحياء والخجل في وجهيهما. اهـ.
قلت: وسعيد بن منصور، من حفاظ أصحاب ابن عيينة -كما تقدم نقل ذلك عن الدارقطني-. وقد أبدى السبكي عدم قناعته بقولهم:(أجل أصحاب ابن عيينة)، فقال (2): إن كان ما قاله أبو حاتم، والشافعي، وابن حبان، هو الحامل للذهبي على قوله: إن الحميدي أجل أصحاب ابن عيينة، فليس ذلك بكاف فيما قال. اهـ. قلت: الذي يظهر لي أن كلام من ذكر كاف في إثبات ذلك، لأنهم من جهابذة النقاد، فكيف إذا أضيف إليه ما ذكرنا من كلام محمد بن عبد الرحمن الهروي، وابن سعد، وأحمد بن حنبل.
(1) المعرفة والتاريخ (2/ 179).
(2)
طبقات الشافعية الكبرى (2/ 140).