الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر ذكر كثرة مؤلفاته
لم يقتصر عمل الحافظ ابن حجر على التدريس والإملاء والإفتاء ونحوها من الوظائف التي كان يتولاها بنفسه، بل تجاوز ذلك إلى التأليف الذي هو من أكبر الأدلّة على مكانة الحافظ العلمية وعمق بحثه، ونضوج فكره ووفور علمه، سواء كان ذلك في مختصراته وتلخيصاته أو نُكَته وتخريجاته، أو ذيوله واستدراكاته أو شروحه وفوائده
…
لا يخلو واحد منها من بحث وتحقيق، أو نقد وتمحيص، أو استدراك وإتمام فائدة، حتى قال أبو ذرّ بن البرهان الحلبي:"وبالجملة ليس له مُؤلف إلَاّ وهو فرد في بابه"(1).
وقد كثرت مصنفات الحافظ ابن حجر وتنوعت موضوعاتها وعلومها وزادت -على ما أحصاه السخاوي (2) - على 270 مصنفًا، ما بين كبير وصغير ورسالة وحاشية ونكت وتعليقات وديوان شعر، وإن كانت بهذه الكثرة، فإن السمة الغالبة على تآليفه هي الحديث وعلومه، هذا مع الدقة والتحرير والإتقان
(1) ابن حجر أمير المومنين في الحديث (ص 367). وينظر: الجواهر (ص 225).
(2)
ينظر: الجواهر والدُّرَر المخطوط (ق 161) فما بعد، وإن كان السخاوي أكثر من أحصى مؤلفات ابن حجر، غير أنه لم يستوعب. وينظر: ابن حجر ودراسة مصنفاته لشاكر عبد المنعم (1/ 274) فما بعد، ففيه دراسة وافية لمصنفات الحافظ.
الذي لا يكاد يوجد عند كثير من المكثرين والمقلين على حد سواء.
ويُعدُّ الحافظ بحق مجددًا في علمي الحديث والرجال على وجه الخصوص، يشهد له بذلك أئمة هذا الشأن من شيوخه وأقرانه وتلامذته.
يقول تقي الدين محمد بن فهد المكي: "ألف التواليف المفيدة، المليحة الجليلة، السائرة الشاهدة له بكل فضيلة، الدالة على غزارة فوائده والمعربة عن حسن مقاصده، جمع فيها فأوعى، وفاق أقرانه جنسًا ونوعًا التي شنفت بسماعها الأسماع، وانعقد على كمالها لسان الإجماع، ورزق فيها الحظ السامي عن اللمس، وسارت بها الركبان سير الشمس"(1).
ومع هذا كله، فقد نقل السخاوي عن شيخه ابن حجر أنه قال:"لست راضيًا عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيأ من يحرِّرها معي سوى (شرح البخاري)، و (مقدمته)، و (المشتبه)، و (التهذيب)، و (لسان الميزان) ".
كما نُقل عنه أنه أثنى على (تغليق التعليق)، مع أنه من أوائل مصنفاته وعلى (نخبة الفِكر). ثم قال ابن حجر عن باقي تصانيفه:"وأما سائر المجموعات، فهي كثيرة العدد، واهية العُدد، ضعيفة القوى، ظامئة الروى"!
ويعقّب السخاوي على قول شيخه، فيقول:"ليس ذلك إلَاّ لتواضعه وكثرة معارفه المتجدّدة".
ويقول المحدّث حبيب الرحمن الأعظمي: "ولا شك أن كلامه هذا مبعثه تحريه التجويد والتحرير، وهو يصوِّر تواضعه الجمّ، فمصنفاته كللها تنمُّ عن علم واسع وتحقيق نادر، وهي مراجع أساسية في موضوعاتها"(2).
(1) لحظ الألحاظ (ص 332)؛ والجواهر (ص 250).
(2)
نقلًا من مقدمة المطالب العالية المطبوع بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ص (ز).
عدد مصنّفاته:
أوصلها السخاوي في (الجواهر والدُّرَر) إلى أزيد من (270 مصنفًا)، وعد منها السيوطي في (نظم العقيان)(198 مصنفًا)، وابن العماد (73 مصنفًا)، وابن تغري بردي ما يزيد على (70 مصنفًا)، وابن فهد (25 مصنفًا)، وذكر الكتاني في (فهرس الفهارس) زهاء (195 مصنفًا)(1).
ويُعدُّ كتاب (ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته ومنهجه وموارده في كتابه الإصابة) للدكتور شاكر عبد المنعم، من أحسن الكتب استيعابًا لتصانيف ابن حجر والكلام عنها، وقد سبق الإشارة إليه عند ذكر مصادر ترجمة الحافظ.
وأذكر هنا أهم من توسع في ذكر مصنفاته -محيلًا الباقي إلى مصادر ترجمته المذكورة في المقدمة-، وهي:
1 -
ابن حجر العسقلاني مؤرِّخًا: وقد ركز على مصنفاته التاريخية.
2 -
الجواهر والدُّرَر: مخطوط، منه نسخة مصوّرة بالمكتبة المركزية رقم (505 ف)، وقد طُبع الجزء الأول منه.
3 -
الحافظ ابن حجر العسقلاني أمير المؤمنين في الحديث: لعبد الستار الشيخ، وقد تناول مصنفات الحافظ في أزيد من 100 صفحة.
4 -
الرسالة المستطرفة: للكتاني.
مؤلفاته في الزوائد خاصّة:
علم الزوائد هو علم يتناول إفراد الأحاديث الزائدة في مصنَف رُويت فيه الأحاديث بأسانيد مؤلِّفِه على أحاديث كتب الأصول الستة و (مسند
(1) ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث (ص 375).
أحمد) (1) أو بعضها، من حديث بتمامه لا يوجد في الكتب المزيد عليها، أو هو فيها لكن من طريق صحابي آخر، أو من حديث شارك فيه أصحاب الكتب المزيد عليها أو بعضهم، وفيه زيادة مؤثرة عنده (2).
وذلك مثل زيادةِ في اللفظ أو السند أو اختلاف في صيغ التحمل، وهذا يخضع لمنهج المُؤلِّف والطريقة التي اتبعها في تطبيقه.
ويُعد أبرز من ألّف في هذا الفن ثلاثة أئمة أعلام متعاصرين عاشوا في مِصْرٍ واحد، وهم صاحبنا الحافظ ابن حجر والحافظ نور الدين الهيثمي والإمام البوصيري.
وأذكر ها هنا من باب الفائدة مؤلفات الهيثمي والبوصيري في الزوائد وأُثني بمؤلفات الحافظ ابن حجر بعد ذلك.
الحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807هـ):
1 -
(غاية المقصد في زوائد المسند)، جمع فيه زوائد مسند أحمد على الكتب الستة مُرتبًا على الأبواب مع ذكر الأسانيد. وقد قُسم رسائل دكتوراه في جامعة أم القرى.
2 -
(كشف الأستار عن زوائد البزار)، جمع فيه زوائد مسند البزار على الكتب الستة، مُرتبًا على الأبواب مع ذِكْر الأسانيد، وقد طبع بمؤسسة الرسالة
(1) جل من ألف في الزوائد ألف في الزوائد على الكتب الستة فقط، وهي الصحيحان والسنن الأربعة، وإنما أضفت المسند هنا؛ لأن الحافظ ابن حجر ضمه إلى الكتب الستة عند إفراده لزوائد (البزار) و (مسند الحارث)، وهو ما قام به في كتابنا هذا الذي أعمل على تحقيق جزء منه، وسأتناول هذه النقطة عند دراسة الكتاب إن شاء الله.
(2)
ينظر: مقدمة مُحقق كتاب "المقصد العلي بزوائد مسند أبي يعلى الموصلي" لنايف الدعيس (ص 59) فما بعد، و"ابن حجر ودراسة مصنفاته"(1/ 419) فما بعد، و "علم زوائد الحديث" لخلدون الأحدب (ص 11).
بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، وحقق القسم الأول منه في رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية.
3 -
(المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي)، جمع فيه زوائد مسند أبي يعلى من طريق أبي عمرو بن حمدان -وهو الرواية الصغرى المختصرة-، وأضاف إليه من طريق أبي بكر بن المقري -وهي الرواية الكبرى المطوّلة- مسانيد العشرة المبشرين على نفس نمط الكتابين السابقين.
وقد طُبع الجزء الأول منه بتحقيق نايف الدعيس بمؤسسة تهامة.
4 -
(البدر المنير في زوائد المعجم الكبير) للطبرانى، وهو مخطوط.
5 -
(مجمع البحرين في زوائد المعجمين) الأوسط والصغير على الكتب الستة، وقد رتبه على الأبواب الفقهية مع ذكر الأسانيد، وقد طُبع في 9 مجلدات مع الفهارس بتحقيق عبد القدوس محمد نذير بمكتبة الرشد بالرياض سنة 1413هـ.
6 -
(موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان)، على الصحيحين فقط، وسار في ترتيبه على نسق سابقيه، وقد طُبع.
7 -
(بغية الباحث عن زوائد الحارث) على الكتب الستة، وقد حققه حسين أحمد الباكري، وقدّمه إلى الجامعة الإسلامية أطروحة لرسالته الدكتوراه، وطُبع مُؤخرًا بمركز خدمة السنة بالجامعة المذكورة سنة 1413 هـ.
8 -
(مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)، وهو كتاب عظيم من أهم دواوين السنة، ويُعد بحق موسوعة حديثية، جمع فيها الهيثمي زوائد الكتب المتقدم ذكرها -باستثناء مسند الحارث وصحيح ابن حبان-، وحذف أسانيدها، وتكلم عقب كل حديث مُبينًا مرتبته، وإن كان أكثر كلامه في الحكم على الحديث يكون عامًا، كقوله (رجاله ثقات)، أو (رجاله رجال الصحيح)
ونحوها، ورتّبه على الأبواب، وطُبع طبعة غير محقّقة. ويقوم الآن الأستاذ حسين سليم أسد بالعمل على تحقيقه، وقد أنجز قسمًا منه.
الحافظ العلاّمة البوصيري (762 - 840)(1):
هو أحمد بن أبي بكر عبد الرحمن بن إسماعيل بن سليم بن قايماز الكناني، البوصيري الشافعي، نزيل القاهرة، يلقب بشهاب الدين. لازم العراقي واستفاد منه، وسمع منه ومن الهيثمي، كما لازم ابن حجر وكتب عنه. ومن مؤلفاته في الزوائد:
1 -
(مصباح الزجاجة نى زوائد ابن ماجه) على الكتب الخمسة، وطُبع عدّة طبعات، بعضها سقيم مليء بالأخطاء.
2 -
(إتحاف الخِيَرة المَهَرة بزوائد المسانيد العشرة)(2)، وهو من أهم كتبه وأعظمها، وهو مُوازِ لعمل ابن حجر في المطالب العالية من حيث المضمون غالبًا، وسيأتي الكلام على ذلك عند المقارنة بين عمليهما. والمسانيد التي جمع زوائدها البوصيري، هي:
1 -
مسند أبي داود الطيالسي (ت 204هـ).
2 -
مسند الحميدي (ت 219 هـ).
3 -
مسند مسدّد (ت 228 هـ).
4 -
مسند أبي بكر بن أبي شيبة (ت 235 هـ).
5 -
مسند إسحاق بن راهويه (ت 238هـ).
(1) ينظر في ترجمته: معجم ابن فهد (ص 55)؛ وحسن المحاضرة (1/ 363)؛ وإنباء الغُمر (8/ 431)؛ وشذرات الذهب (7/ 233).
(2)
انظر: مقدمة مُحقق إتحاف الخيرة
…
الدكتور سليمان العريني (من ص 20 إلى ص 50)، فقد قام بدراسة قيّمة عن هذا الكتاب، وذكر منهج المؤلف فيه ومدى التزامه بذلك.
6 -
مسند ابن أبي عمر العدني (ت 243 هـ).
7 -
مسند أحمد بن منيع (ت 244 هـ).
8 -
مسند عبد بن حميد (ت 249 هـ).
9 -
مسند الحارث بن أبي أسامة (ت 282 هـ).
10 -
مسند أبي يعلى الموصلي (ت 307 هـ).
ورتَّب كتابه هذا على الأبواب، وترتيبه أقرب إلى ترتيب الهيثمي. وذكر الأحاديث بأسانيدها، وتكلم عليها في الغالب.
وقد حُقق بعض كتاب إتحاف الخيرة للبوصيري في الجامعة الإسلامية في أطروحات، بعضها دكتوراه، وأكثرها ماجستير. وقد نوقشت أغلب أجزائه، ويعمل مركز خدمة السنة بالجامعة الإسلامية بالتعاون مع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف على طبعه بتحقيق بعض علماء الحديث، وقد يسّر الله إخراج بعض أجزائه.
مؤلفات الحافظ ابن حجر في الزوائد:
1 -
(زوائد الأدب المُفرد للبخاري)(1): جرّد فيه زوائد الأدب للبخاري على الكتب الستة، ولعلّه اقتصر هنا على الكتب الستة على غير عادته؛ لصغر حجم (الأدب المفرد) مما لا يُخشى معه الطول.
2 -
(زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة) على الكتب الستة ومسند أحمد.
3 -
(زوائد مسند أحمد بن منيع).
4 -
(زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد)، ومنهجه في
(1) ابن حجر ودراسة مصنفاته (1/ 424). وينظر: نظم العقيان (ص 47)؛ وفهرس الفهارس والأثبات (1/ 334)؛ وعلم زوائد الحديث للأحدب (ص 60).
هذا الكتاب لا يختلف كثيرًا عن عمل الهيثمي في (كشف الأستار)؛ لأن ابن حجر لخّص كتاب الهيثمي، وذلك بحذف ما كان عند البزّار، وهو في مسند أحمد ومنهجه في هذا الكتاب أنه يذكر كلام البزّار بلفظه، وإلَّا اختصره إن كان مطولًا، ثم ينقل كلام الهيثمي بقوله:"قال الشيخ"، ويتعقبه إن كان في كلامه ما يقتضي ذلك من وهم أو خطأ (1).
وقد حقّقه الدكتور عبد الله مراد السلفي في رسالة دكتوراه إلى (كتاب الأطعمة) بإشراف الشيخ حماد الأنصاري.
وطبع طبعة كاملة في مجلدين بمؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، تحقيق: صبري بن عبد الخالق أبو ذرّ على نسختين خطيتين مصورتين عن المكتبة الآصفية بحيدرآباد الدكن بالهند (2).
5 -
(زيادات بعض الموطآت على بعض)(3): إن الموطأ له عدّة روايات، وسمعه خلق لا يحصون، ووقع للحافظ منها بالأسانيد المتصلة إلى رواتها:
1 -
رواية يحيى بن يحيى الليثي، وهي الرواية التي اشتهرت عند المغاربة وأهل الأندلس.
2 -
رواية أبي مصعب الزبيري.
3 -
رواية يحيى بن عبد الله بن بكير.
4 -
رواية سويد بن سعيد.
5 -
رواية سعيد بن عفير المقري.
(1) ينظر بالإضافة إلى ما سبق: مقدمة الدكتور عبد الله المراد لكتاب زوائد البزّار (ص 84).
(2)
ينظر: مقدمة المحقق (السلفي)(ص 31).
(3)
ابن حجر ودراسة مصنفاته (1/ 425).
6 -
رواية معن بن عيسى.
7 -
رواية محمد بن الحسن الشيباني.
وذكر شاكر عبد المنعم أنّ جزءًا منه موجود بالمكتبة الأزهرية ضمن مجموع تحت رقم (109 مجاميع)(1).
6 -
(زوائد الفردوس): ذكره الكتاني، وقال:"يقع في مجلد، وسماه (زهر الفردوس) "، كما أن هناك كتاب آخر بعنوان تسديد القوس وكلاهما مخطوطان موجودان.
7 -
(زوائد الكتب الأربعة مما هو صحيح)(2): جمع فيه زوائد السنن الأربعة على الصحيحين، لكنه لم يتمّ.
8 -
(المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية): وستأتي دراسة مفصلة عنه في الفصل التالي -إن شاء الله-.
* * *
(1) ينظر: مقدمة محقق زوائد البزار (ص 31).
(2)
ينظر: نظم العقيان (ص 50)، وفهرس الفهارس (1/ 336).