المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس الصناعة الحديثية في الكتاب - المطالب العالية محققا - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقَدّمة

- ‌تنبيه على طبعة المطالب التي صدرت عن دار الوطن

- ‌القسم الأول دراسة عن المؤلف والكتاب

- ‌الفصل الأول دراسة عن المؤلف

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول اسمه، ونسبه، ونسبته، ولقبه، وكنيته

- ‌المبحث الثاني مولده

- ‌المبحث الثالث نشأته، وطلبه للعِلم

- ‌أهم العوامل التي ساعدت الحافظ في نبوغه:

- ‌المبحث الرابع رحلاته

- ‌المبحث الخامس أعماله في القضاء

- ‌المبحث السادس أهم شيوخه

- ‌المبحث السابع أبرز تلاميذه

- ‌المبحث الثامن وفاته

- ‌المبحث التاسع ثناء العلماء عليه

- ‌المبحث العاشر ذكر كثرة مؤلفاته

- ‌الفصل الثاني دراسة عن الكتاب

- ‌المبحث الأول تسمية الكتاب، وبيان مدى المطابقة بينها وبين مضمونه إجمالًا

- ‌المطلب الأول: تسمية الكتاب

- ‌المطلب الثاني مطابقة التسمية للمضمون إجمالًا

- ‌المبحث الثاني توثيق نسبة الكتاب للمُؤلِّف

- ‌المبحث الثالث موضوع الكتاب

- ‌ تمهيد

- ‌المطلب الأول التعريف بالمسانيد اصطلاحًا

- ‌المطلب الثاني ذكر المسانيد التي خرّج زوائدها الحافظ ابن حجر في كتابه (المطالب العالية)

- ‌المطلب الثالث سبب تأليف الكتاب

- ‌المبحث الرابع مقارنة عامة بين الهيثمي وابن حجر والبوصيري

- ‌المبحث الخامس منهج المؤلف في الكتاب

- ‌المطلب الأول ترتيب الأحاديث في الكتاب

- ‌المطلب الثاني شرطه في الزوائد

- ‌المطلب الثالث الرجال الذين تكلم فيهم الحافظ بجرح أو تعديل

- ‌المطلب الرابع مصادر المؤلف في الكتاب

- ‌المطلب الخامس الصناعة الحديثية في الكتاب

- ‌القسم الثاني تعريف بأصحاب المسانيد وبمسانيدهم

- ‌الفصل الأول التعريف بالإمام مسدد ومسنده

- ‌المطلب الأول اسمه ونسبه ولقبه وكنيته

- ‌المطلب الثاني مولده ونشأته

- ‌المطلب الثالث طلبه للعلم ورحلته لأجله

- ‌المطلب الرابع شيوخه

- ‌المطلب الخامس تلاميذه

- ‌المطلب السادس وفاته

- ‌المبحث الثاني مكانته العلمية

- ‌المطلب الأول عقيدته

- ‌المطلب الثاني ثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الثالث مسنده

- ‌المطلب الأول وصفه ونسبته إليه

- ‌المطلب الثاني مكانته بين المسانيد العشرة

- ‌المطلب الثالث عدد أحاديثه في كتاب المطالب

- ‌المطلب الرابع نسبة الثلاثيات فيه بحسب ما ورد من أحاديثه في الجزء الثاني

- ‌المطلب الخامس نسبة الآثار فيه بحسب ما جاء في المطالب

- ‌المطلب السادسنسبة الصحيح فيه بحسب ما جاء في المطالب

- ‌الفصل الثاني التعريف بالطيالسي ومسنده

- ‌المطلب الأول اسمه، ونسبه، ونسبته، وكنيته

- ‌المطلب الثاني مولده، ونشأته وطلبه العلم

- ‌المطلب الثالث أهم شيوخه

- ‌المطلب الرابع تلاميذه

- ‌المطلب الخامس وفاته

- ‌المبحث الثاني مكانته العلمية

- ‌المطلب الأول عقيدته

- ‌المطلب الثاني منزلته بين العلماء

- ‌المبحث الثالث مسنده

- ‌الفصل الثالث التعريف بالإمام أبي يعلى الموصلي وبمسنده

- ‌المبحث الأول لمحة موجزة عن مؤلف المسند

- ‌المطلب الأول اسمه ونسبه ونسبته وكنيته

- ‌المطلب الثاني مولده ونشأته ومنزلته

- ‌المبحث الثاني مسنده

- ‌المطلب الأول روايات المسند

- ‌المطلب الثاني أهم ما يلحظ في مسند أبي يعلى

- ‌المطلب الثالث أهم ما خدم به

- ‌المبحث الثالث زوائد مسند أبي يعلى في كتاب المطالب

- ‌المطلب الأول عددها، ونوعها، ونسبة المقبول والمردود

- ‌المطلب الثاني طريقة الحافظ في سياق زوائد أبي يعلى

- ‌المطلب الثالث شرطه في هذه الزوائد ومدى التزامه به

- ‌الفصل الرابع التعريف بالإمام محمد بن أبي عمر العدني وبمسنده

- ‌المبحث الأول ترجمة المؤلف

- ‌المطلب الأول لمحة عن الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية في عصره ما بين (150 هـ - 243 ه

- ‌1 - الحالة السياسية والاجتماعية:

- ‌2 - الحالة العلمية:

- ‌المطلب الثاني مولد ابن أبي عمر العدني

- ‌المطلب الثالث اسمه ونسبه ونسبته وكنيته

- ‌المطلب الرابع نشأته وطلبه للعلم

- ‌المطلب الخامس رحلته

- ‌المطلب السادس شيوخه

- ‌المطلب السابع تلاميذه

- ‌المطلب الثامن رأي الأئمة فيه

- ‌المطلب التاسع عقيدته

- ‌المطلب العاشر وفاته

- ‌المطلب الحادي عشر آثاره

- ‌المبحث الثاني مسنده

- ‌المطلب الأول نسبته إليه

- ‌المطلب الثاني اهتمام المحدثين به

- ‌المطلب الثالث موضوعه

- ‌المطلب الرابع ترتيبه

- ‌المطلب الخامس حجمه ومضمونه

- ‌المطلب السادس طريقته في أداء الأحاديث

- ‌المطلب السابع اختياره للشيوخ وشرطه في الكتاب

- ‌الفصل الخامس تعريف بالإمام "أحمد بن منِيع" وبمسنده

- ‌المبحث الأول ترجمة الإمام "أحمد بن مَنِيع

- ‌المطلب الأول اسمه ونَسَبه وكنيته ولَقَبه

- ‌المطلب الثاني مَولده

- ‌المطلب الثالث نَشْأته وطلبَه لِلعِلم

- ‌المطلب الرابع رحلاته

- ‌المطلب الخامس شيوخه

- ‌المطلب السادس ثناء الأئمة عليه

- ‌المطلب السابع زُهْده وعبادته

- ‌المطلب الثامن وفاته

- ‌المطلب التاسع آثاره

- ‌المبحث الثاني مُسْنَد أحمد بن مَنيع تمهيد:

- ‌المطلب الأول اهتمام المُحدِّثين به

- ‌المطلب الثاني موضوعه

- ‌المطلب الثالث تَرتيبه

- ‌المطلب الرابع حَجْمه ومَضمُونه

- ‌المطلب الخامس اخْتِبَاره للشيوخ في مسنده

- ‌المطلب السادس درَجة أحَادِيثه

- ‌المطلب السابع شرطه في الكتاب

- ‌الفصل السادس التعريف بالإمام الحارث بن أبي أسامة وبمسنده

- ‌المبحث الأول ترجمة المصَنِّف

- ‌المطلب الأول اسمه ونَسَبه

- ‌المطلب الثاني مَولده

- ‌المطلب الثالث نَشأته وطلبه للعِلْم

- ‌المطلب الرابع أقْوال العلماء فيه

- ‌المطلب الخامس رحلاته

- ‌المطلب السادس عقيدته

- ‌المطلب السابع شُيُوخه

- ‌المطلب الثامن تلاميذه والآخذون عنه

- ‌المطلب التاسع مُؤَلَفَاته

- ‌المطلب العاشر وفاته

- ‌المبحث الثاني مسْنَد الحارث بن أبي أسامة

- ‌المطلب الأول ترتيبه

- ‌المطلب الثاني شَرْطه في الكتاب

- ‌المطلب الثالث علوّ أسانيده ونزولها

- ‌المطلب الرابع موارده

- ‌المطلب الخامس اهْتمام الأئمّة به

- ‌الفصل السابع تعريف بالإمام الحميدي وبمسنده

- ‌المبحث الأول التعريف بالحميدي

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول اسمه ونسبه وكنيته

- ‌المطلب الثاني نشأته

- ‌المطلب الثالث أهم شيوخه

- ‌المطلب الرابع مذهبه ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المطلب الخامس روايته عن ابن عيينة، ومنزلته عند العلماء فيه

- ‌المطلب السادس فقهه، وتأثره بالشافعي

- ‌المطلب السابع شبهات حول شخصية الإمام، ودحضها

- ‌المطلب الثامن مؤلفاته

- ‌المطلب التاسع تلاميذه

- ‌المطلب العاشر وفاته

- ‌المبحث الثاني التعريف بمسنده وأهم ما خدم به

- ‌المطلب الأول أهميته

- ‌المطلب الثاني الانتهاء من تصنيفه وإملائه على الناس

- ‌المطلب الثالث رواة المسند

- ‌المطلب الرابع نسخ المسند وطبعاته

- ‌المطلب الخامس توثيق نسبة المسند للحميدي

- ‌المطلب السادس وصف المسند

- ‌المطلب السابع زوائد مسند الحميدي على الكتب الستة، ومسند أحمد

- ‌المطلب الثامن بعض الملاحظات على المطبوع

- ‌الفصل الثامن التعريف بالإمام إسحاق بن راهويه وبمسنده

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول التعريف بإسحاق بن راهويه

- ‌المطلب الأول اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

- ‌المطلب الثاني مولده ونشأته

- ‌المطلب الثالث طلبه للعلم ورحلته في سبيل ذلك

- ‌المطلب الرابع ذكر أهم شيوخه

- ‌المطلب الخامس عقيدته

- ‌المطلب السادس حفظه للحديث، وإمامته فيه

- ‌المطلب السابع معرفته بعلل الحديث ورجاله وبعض آرائه في مصطلح الحديث

- ‌المطلب الثامن عنايته بتفسير كتاب الله تبارك وتعالى

- ‌المطلب التاسع فقهه واجتهاداته، وتأثره ببعض مشاهير معاصريه، ومخالفته لبعضهم

- ‌المطلب العاشر دوره في نشر السنّة

- ‌المطلب الحادي عشر بعض ثناء المشاهير عليه

- ‌المطلب الثاني عشر مؤلفاته

- ‌المطلب الثالث عشر أهم تلاميذه

- ‌المطلب الرابع عشر وفاته، وما ذكر من تغير حفظه

- ‌المبحث الثاني التعريف بمسنده وأهم ما خدم به

- ‌المطلب الأول ثبوت نسبة المسند لإسحاق

- ‌المطلب الثاني حجمه

- ‌المطلب الثالث أهميته

- ‌المطلب الرابع الموجود عن هذا المسند الآن

- ‌المطلب الخامس وصف مخطوط هذا المجلد

- ‌المطلب السادس توثيق نسبة هذا القسم الموجود إلى مسند إسحاق بن راهويه

- ‌المطلب السابع محتوى هذا القسم الموجود -وهو المجلد الرابع- وأهم ما خدم به

- ‌المطلب الثامن زوائد ما وقع لابن حجر من مسند إسحاق بن راهويه

- ‌المطلب التاسع شيوخ إسحاق بن راهويه الذين وقفت عليهم في المطالب العالية

- ‌الفصل التاسع. التعريف بابن أبي شيبة

- ‌المبحث الأول حياته العامة

- ‌المطلب الأول اسمه ونسبه وأسرته

- ‌المطلب الثاني ولادته ووفاته

- ‌المبحث الثاني حياته العلمية

- ‌المطلب الأول أشهر مشايخه

- ‌المطلب الثاني أشهر تلاميذه

- ‌المطلب الثالث ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب الرابع آثاره

- ‌المطلب الخامس مسنده

- ‌الفصل العاشر التعريف بعبد بن حميد

- ‌المبحث الأول حياته العامة

- ‌المطلب الأول اسمه وولادته

- ‌المطلب الثاني وفاته

- ‌المبحث الثاني حياته العلمية

- ‌المطلب الأول شيوخه

- ‌المطلب الثاني تلاميذه

- ‌المطلب الثالث ثناء العلماء عليه

- ‌المطلب الرابع آثاره

- ‌القسم الثالث دراسة النسخ الخطية وإيراد نماذج منها

- ‌الفصل الأول دراسة النسخ الخطية

- ‌المبحث الأول النسخة المحمودية- ورمز ها (مح)

- ‌المبحث الثاني النسخة السعيدية - ورمزها (حس)

- ‌المبحث الثالث النسخة العمرية - ورمزها (عم)

- ‌المبحث الرابع النسخة السعودية- ورمزها (سد)

- ‌المبحث الخامس النسخة التركية - ورمزها (ك)

- ‌المبحث السادس نسخة جامعة برنستون (مجموعة يهوذا) [ورمزها (بر)]

- ‌المبحث السابع النسخة المجردة من الأسانيد

- ‌المبحث الثامن النسخة الراشدية

- ‌الفصل الثاني أيراد نماذج من صور مخطوطات الكتاب

الفصل: ‌المطلب الخامس الصناعة الحديثية في الكتاب

بعد هذه القائمة الكبيرة من المصادر الأصيلة التي حلى بها الحافظ كتابه (المطالب)، يحق لنا أن نقول بأنه صنفه وسط هذه الموسوعة، آخذًا في اعتباره مواطن الاتفاق والاختلاف معها، يصرح بذلك تارة، ويلمح أخرى، ويسكت أحيانًا لوضوح المقصود، تفننا منه، وإبداعًا في البناء، ومع هذا وافته المنية وهو غير راض عن هذا المصنف مع عشرات من مصنفاته، لأن همته العالية أبت أن تقنع بمثل ذلك، وفيها (التقريب) و (الدرر)(1)، فكيف لو عاش في زمننا وشاهد الفضلات، تثقل كواهل المكتبات، قد جثمت على رؤوس الأمهات؟ ماذا سيفعل لو رأى المتطفلين على ساح العلماء، قد ركبوا موجة التعالم؟

‌المطلب الخامس الصناعة الحديثية في الكتاب

وسيكون الحديث في هذا المطلب من خلال الجزئيات الآتية:

1 -

طريقته في سياق الأسانيد، مع المقارنة بغيره:

لا تختلف طريقة ابن حجر عن طريقة البوصيري في أن كلًا منهما يسوق الحديث بإسناده كاملًا إذا كان من أحد المسانيد العشرة، وقد يكتفي بسياق بعضه ثم يحيل على إسناد سابق، أو لاحق (2)، وقد يكون الحديث عنده بإسنادين، من مسند أو أكثر، ويلتقيان في أثناء الإسناد، فيسوقهما إليه، ثم يوحد سياقهما (3).

وقد يكرر سياق الأسانيد وذلك كي يظهر جوانب نقص أو اختلاف بينهما (4).

(1) هما كتاباه (تقريب التهذيب) و (الدرر الكامنة).

(2)

انظر مثلًا: ح (47، 50، 54، 170، 181).

(3)

انظر مثلًا: ح (8، 188).

(4)

انظر مثلًا: ح (40، 55، 148).

ص: 140

وهذا المنهج ليس بدعًا من ابن حجر والبوصيري -رحمهما الله- بل هو الذي سار عليه جماهير المحدثين خلفًا عن سلف، في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها، وفيه يظهر جانب الاختصار وعدم التكرار والحق أن ذكر الأسانيد من أعظم الميزات التي امتاز بها كتابا (المطالب) و (الإتحاف) حيث حفظا لنا المطلوب من أصول كتب أصبح بعضها مفقودًا أو في حكم المفقود.

2 -

طريقته في سياق المتون مع المقارنة بغيره:

مشى الثلاثة -أعني الحافظ والهيثمي والبوصيري- أيضًا على ما مشى عليه السابقون من الاختصار في ذكر المتون، فيذكرون السند ثم يحيلون على متن سابق مثل قولهم (فذكره، بنحوه، بمعناه، بلفظه

إلخ)، وقد يقطعون المتن بين الأبواب، وربما يكتفون بالشاهد من اللفظ، وأحيانًا بالإشارة للمتن فقط فتجدهم مثلًا يقولون: فيه حديث فلان تقدم في باب كذا، أو يأتي في باب كذا، ونظرًا لشهرة هذا المنهج، فقد كان غنيًا عن التنبيه، وهو واقع ملموس في أعمالهم، مع أن الوصيري ذكر شيئًا من ذلك في مقدمته (1)، وصرحوا به جميعًا في ثنايا كتبهم، فقد قال الحافظ في ل (142): هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَاقَهُ بِطُولِهِ، وَفَرَّقْتُهُ في أبوابه. وقال في ل (152): أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَقَدْ توخيت ما زاد عليه. وقال في ل (167): وَقَدْ سَبَقَ طَرَفٌ مِنْهُ فِي الصَّوْمِ، وَطَرَفٌ منه في النكاح (2).

3 -

ذكره للمتابعات والشواهد، مع المقارنة بغيره:

يعتبر الحافظ في هذه الناحية أقل من البوصيري، وأكثر من الهيثمي، ففي حين بلغت الأحاديث التي خدمها الحافظ بذلك نحو العشر -بحسب القسم

(1) الإتحاف (ق 1ص 2 - 3) من مقدمة الكتاب.

(2)

وانظر أيضًا المطالب: ح (11، 14، 30، 35، 56. 60، 157)؛ والمجمع (ص 207، 210، 211، 217)؛ والإتحاف ح (10، 21، 39، 100، 110).

ص: 141

المحقق-، فقد أربت على الثلث عند البوصيري وعند الهيثمي لم تجاوز عدة أحاديث (1)، ويبرز ذكر الشواهد والمتابعات عندهم فيما يلي:

(أ) جمع طرق الحديث من الكتب التي استخرجوا زوائدها في مكان واحد.

(ب) سياق طرق أخرى من مصادر أخرى.

(ج) الإشارة إلى شواهد وردت في الكتب المستخرج زوائدها.

(د) ذكر أو الإشارة إلى شواهد من مصادر أخرى.

ولعل قلة عناية الهيثمي رحمه الله بها، راجع إلى أسباب أهمها:

- ضخامة المادة التي جمعها، خاصة إذا عرفنا أنه استقاها من ستة مصادر فقط، ولعله يعتبر أكبر موسوعة لأحاديث الأحكام في العصور المتأخرة.

- اهتمامه بالحكم على الأسانيد.

- عدم ذكر الأسانيد، وهذا ظاهر في عدم العناية بالمتابعات خاصة.

4 -

بيانه لدرجة الأحاديث وتنبيهه على الأحاديث الموضوعة، مع المقارنة بغيره:

وهو في هذا المجال أقل الثلاثة، مع كون الأحاديث التي بين درجتها أو أشار إلى ذلك بلغت أقل من الربع (2) قليلًا، إلَاّ أن البوصيري قد تجاوزت عنده النصف (3)، أما الهيثمي فلا يكاد يترك الحديث بلا حكم إلَاّ في جملة يسيرة، لكن ابن حجر يمتاز عنهما بالتحرير ودقة الأحكام، وفي المثل (سكت

(1) انظر مثلًا: المطالب ح (11، 12، 15، 16، 20، 35، 47)، والإتحاف ح (4، 5، 19، 23، 35، 49)؛ والمجمع (ص 203، 204، 208).

(2)

وانظر على سبيل المثال: ح (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 10، 11، 12).

(3)

وانظر على سبيل المثال: ح (1، 4، 5، 8، 9، 11، 13، 15، 16).

ص: 142

دهرًا ونطق عبرًا) فكلامه رحمه الله برد الأكباد، وحين يتصدى للحكم على أثر أو قول تتناثر الدرر تحت قلمه، ولذا قلت أوهامه في هذا الكتاب وغيره، بل إنه لم يصبر عن كتابي صاحبيه حتى وشاهما بتلك التعليقات المفيدة، والتي غلب عليها جانب النقد، وقد نقل البوصيري عنه بعض الأحكام، صرح بالنقل عنه أحيانًا وأحيانًا لا يصرح (1).

كما امتاز عنهما بتفننه في الأحكام، وإيجاز ألفاظها، فمرة يحكم على الإسناد ويعلل ذلك (2)، ومرة بدون تعليل (3)، وأحيانًا يحكم على الرواة (4) وأحيانًا يحكم على المتن (5)، وقد يبهم العلة (6)، وهذا كله منه تصريح بالحكم، وفي بعض الأحيان يلمح إليه (7)، وفي حالات قليلة ينقل الحكم عن غيره (8).

5 -

بيانه للتفرد في السند أو المتن مع المقارنة بغيره:

وهذا من أقل ما رأيته في تعليقات الحافظ في المطالب (9)، ولربما كان هو والهيثمي -والذي لم أرَ له شيئًا من ذلك- اكتفيا بالحكم على الإسناد أو المتن، كما يعتذر للهيثمي بما سبق وهو كثرة الأحاديث التي جمعها، أما البوصيري وهو وإن كان في الجملة أكثر منهما إلَاّ أن ما عنده يعتبر قليل (10).

(1) انظر: الإتحاف (ق 1 ص 17) من مقدمة المحقق.

(2)

نظر: ح (1، 135).

(3)

انظر: ح (3، 5، 7).

(4)

انظر: ح (2، 11، 37).

(5)

انظر: ح (12، 15، 16).

(6)

انظر: ح (4، 6، 156).

(7)

انظر: ح (10، 40، 173).

(8)

انظر: ح (67، 69).

(9)

انظر: ح (1).

(10)

انظر: الإتحاف ح (8، 39).

ص: 143

6 -

بيانه لأحوال الرواة توثيقًا وتجريحًا، مع المقارنة بغيره:

جاء الكلام في الرواة عندهم على ثلاثة ألوان، فإما أن يصرحوا بوصفهم، وهذا على لونين:

- أن يوثقوا أو يجرحوا، عموم رواة الإسناد، مثل: رجاله ثقات (1)، أو لأشخاص بخصوصهم مثل: فلان ضعيف، أو مجهول ونحو ذلك (2).

- أن يوثقوا أو يجرحوا ضمنيًا، كأن يحكم على الإسناد بأنه صحيح (3)، أو ضعيف جدًا أو واه (4)، أو حسن (5)، لأن كل وصف له من الرواة ما يناسبه، فلا يمكن أن يكون في الإسناد ضعيف أو متروك، ثم يحكم عليه بأنه صحيح، وهلم جرا.

- أن يلمحوا إلى حال الرواة كان يشير بأن غيره ممن هو أوثق منه قد خالفه (6)، أو أنه شاذ (7)، ونحو ذلك.

وبالجملة فالحافظ يعتبر أقل الثلاثة كلامًا في الرواة، إذ تبلغ نسبة الأحاديث التي تكلم على رواتها نحو العشر، بينما بلغت عند البوصيري ما يقارب النصف، في حين أن الهيثمي نادرًا ما يهمل الحديث من الكلام عن رواته، وهذه ميزة تذكر له رحمه الله، وإياهم وجميع موتى المسلمين، لكن كما أسلفت في العنصر الرابع -الماضي آنفًا- وإن قل كلامه، فهو يمتاز بالتحرير

(1) انظر: ح (2، 11، 194)، والإتحاف ح (9، 11، 30).

(2)

انظر: ح (2، 38، 66)، والإتحاف ح (13، 15، 19).

(3)

انظر: ح (194، 198)، والإتحاف ح (16، 30).

(4)

انظر: ح (7، 78، 90)، والإتحاف ح (47).

(5)

انظر: ح (1، 5)، والإتحاف ح (27).

(6)

انظر: ح (6، 108، 140)، والإتحاف ح (34، 39).

(7)

انظر: ح (16، 31).

ص: 144

والإتقان الذي لا يوجد إلَاّ عند أمثال الذهبي رحمه الله، فهو البلسم الشافعي، ولذا كثرت الأوهام عند صاحبيه، بينما لا تكاد تذكر عنده، ولا أنسى أن أشير أنهم قد ينقلون هذا الكلام عن غيرهم، والبوصيري يتميز عنهما بأنه يبين سبب الحكم العام أو الخاص.

7 -

بيانه للأسماء والنسب والأنساب والكنى والألقاب وغير ذلك مما يميز الراوي عن غيره، مع المقارنة:

هذا الأمر مع قلته في المطالب، فإن الحافظ أكثر عناية به منهما (1)، بل هو نادر عندهما، لا سيما الهيثمي الذي قلما يتعرض لذلك.

8 -

بيانه لبعض ما يؤخذ من الأحكام:

وهو نادر جدًا في المطالب (2)، وشبه معدوم في المجمع، والإتحاف (3) أكثر منهما وإن كان قليلًا، مع العلم أن الحافظ والبوصيري قد ينقلان ذلك عمن سبقهما، ويمكن أن يعتذر لهم في ذلك أن الكتاب ليس شرحًا، كما أن تراجم الأبواب تقوم مقام الاستنباط، خصوصًا في المطالب التي جاءت كثير من تراجمه أعجوية في الفقه ودقة النظر.

* * *

(1) انظر لذلك: ح (1، 66، 79، 108، 161، 191).

(2)

انظر لذلك: ح (147)، ول (42، 62، 93).

(3)

انظر لذلك: الإتحاف (12، 35).

ص: 145