الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يرتب على التابعي في المسانيد الكبار كمسند أنس لكنه ليس منضبطًا أيضًا.
وقد يأتي بأحاديث في غير مكانها وفي غير مسانيدها إما لغرض الاستشهاد (1)، أو لا يكون هناك غرض واضح.
* غلب على طريقته ذكر جميع الإسناد حتى لوكان مكررًا، لكنه يختصره أحيانًا فلا يذكر إلَاّ الصحابي فقط أو من قبله، ويشير إلى أنه مكرر في الذي قبله بواو العطف فيقول مثلًا: وبه عن فلان، أو: عن فلان.
أو يختصره بذكر شيخه ثم يقول: بنحوه أي بنحو الإسناد السابق، لكنه قليل.
* الغالب من منهجه ذكر المتن كاملًا ولو كان مكررًا، وقد يختصر بعضه أو كله أحيانًا لكنه قليل.
* من خصائص مسنده تعدد طرق الحديث، وقد يكرر طرقه فتصل إلى عشرة وليس بينها اختلاف يذكر، حتى إنه أحيانًا لا يختلف إلَاّ شيخه فقط وقد يكرر الحديث بسنده ومتنه، ولا يذكرها متتابعة في الغالب بل تكون مفرقة في ثنايا المسند.
* تضمن مسنده إضافة إلى الأحاديث المرفوعة موقوفات، ومراسيل، وأحاديث منقطعة.
المطلب الثالث أهم ما خدم به
نظرًا لما لمسند أبي يعلى من أهمية كبيرة لا سيما احتوائه على أحاديث ليست في شيء من الكتب الستة، فقد كثر النقل عنه كما تطالع هذا في كتب تلاميذه ومنهم ابن عدي في الكامل، ويقدر الأستاذ حسين أسد أن سُبْع صحيح
(1) انظر: مسنده (2/ 328 - 329).
ابن حبان تقريبًا جاء من طريق شيخه أبي يعلى، ونقلت عنه المصادر الثانوية أيضًا كـ"الترغيب والترهيب" للمنذري، و "الجامع الصغير" للسيوطي، و "كنز العمال"، وعدد من كتب الصحابة.
ومع أن ما سبق كان نقولًا جزئية ليست على نظام معين ومنهج واضح في النقل عنه، أو العزو إليه، إلَاّ أنها بكل حال تعطينا صورة واضحة عما لهذا الكتاب ولمؤلفه من قيمة.
وفي أواخر القرن الثامن: طالعتنا جهود الحفاظ الثلاثة شيوخ مدرسة الزوائد: الهيثمي، وابن حجر، والبوصيري، وعلى أيديهم أخذت العناية بهذا المسند منهجًا واضحًا فجردوا زوائده إمّا استقلالًا كما فعل الهيثمي في المقصد العلي، أو مع غيره كما فعل الهيثمي أيضًا، وابن حجر، والبوصيري.
وإليك بيان ذلك عن طريق عرض ما صنف في زوائده:
1 -
المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي:
ألفه الحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807 هـ)، وهو كتاب مستقل جَرّد فيه الهيثمي زوائد مسند أبي يعلى على الكتب الستة لما رأى من قيمته، قال في مقدمته له: (
…
فقد نظرت مسند الإمام أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي رضي الله عنه فرأيت فيه فوائد غزيرة، لا يفطن لها كثير من الناس فعزمت على جمعها على أبواب الفقه لكي يسهل الكشف عنها لنفسي ولمن أراد ذلك، وسميته "المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي"
…
) (1). اهـ.
ويمكن أن يستنتج من مقدمته:
* أنه استخرج زوائد مسند أبي يعلى على الكتب الستة فقط.
(1) مقدمة "المقصد"(1/ 81، 83).
ولم يبدأ بكتاب الطهارة، بل بدأ بكتاب الإيمان، وثنى بالعلم، وثلث بالطهارة ثم الصلاة
…
ثم ختم بكتاب الورع ثم الزهد، وعدد الكتب (58) كتابًا.
* أن شرطه في الزوائد، أن يكون مما تفرد به أبو يعلى من حديث بتمامه. أو شاركهم فيه أو بعضهم وفيه زيادة، فيقول:"أخرجه فلان خلا قوله كذا"، أو "لم أره بتمامه عند أحد منهم" أو نحو هذا القول.
* إذا اختصر أبو يعلى الحديث بأن قال: "فذكره، أو فذكر نحوه" فإن الهيثمي يضع قبل ذلك: "قال" فتكون: "قال: فذكره
…
" وما كان من ذلك ليس فيه، قال: فهو من كلامه هو وليس من كلام أبي يعلى.
* أنه يورد من زوائد أبي يعلى ما رواه البخاري تعليقًا، وما رواه النسائي في "الكبرى" دون "الصغرى".
* أنه وقع له مسند العشرة من المسند الكبير لأبي يعلى فأورد زوائده وميزها بالحرف "ك" قبل الحديث.
* بدأ بكتاب الإيمان، وختم بكتاب الزهد، وقسم كل كتاب إلى أبواب ترجم لها وذكر تحت كل باب ما يتعلق به من الأحاديث الزوائد.
* بلغ عدد الأحاديث الزوائد فيه قرابة (ألفين وأربعمائة حديث)(1).
2 -
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:
هذا الكتاب هو أول دواوين الزوائد بلا ريب، وفائدته عظيمة، فقد تقدم (2) أنه جمع زوائد ستة كتب هي (مسند الإمام أحمد، والبزار، وأبي يعلى، ومعاجم الطبراني الثلاثة) على الكتب الستة الأصول، مجردة الأسانيد وقد تقدم التعريف بهذا الكتاب، وأذكر هنا أن زوائد أبي يعلى التي في "المجمع" هي للرواية المختصرة أو كما تسمى المسند الصغير، وهو مجرد من
(1) حقق منها (615) حديث، في رسالة دكتوراه قدمها الشيخ نايف الدعيس في الجامعة الإسلامية وقد طبعت هذه الرسالة.
(2)
(ص 70).
الأسانيد ضمنه الهيثمي أحكامًا على الرجال والأحاديث (1)، على ما تقدم في التعريف به (2).
3 -
"المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية":
مسندة، ومجردة كما تقدم بيان هذا، والرواية المطولة لمسند أبي يعلى قد وقعت للحافظ كاملة، وتقدم أنه قال بأنه سيستخرج منها ما زاد على نسخة الهيثمي التي أودع زوائدها على الستة في "مجمع الزوائد" فما زاد عنها وعلى الأصول السبعة، فإنه سيودعه في كتاب المطالب.
4 -
إتحاف السادة الخيرة بزوائد المسانيد العشرة:
مسندة، ومجردة، جرده البوصيري نفسه، وفيه ضمن هذه المسانيد مسند أبي يعلى، ويلاحظ أنه يورد زوائد من المسند الكبير لأبي يعلى كما يفعل الحافظ ابن حجر، لكن الحافظ ابن حجر يفترق عنه في ترك بعض ما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في حين أن البوصيري -علي ما يظهر- ذكرها كلها ويذكر أيضًا ما كان فيها وإن كان في مسند أحمد.
* * *
(1) طبع هذا الكتاب في خمس مجلدات تضمنت عشرة أجزاء، وهي طبعة تحتاج إلى عناية ودقة، فقد وقعت فيها أخطاء، وسقط وتصحيف، وتحريف.
ومنه نسخة خطية جيدة في مجلدين في المكتبة المحمودية بالمدينة النبوية في جملة الكتب التي أوقفها الحافظ محمد عابد السندي.
(2)
انظر: (ص 70) من هذه الدراسة.