الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِبَا الْفَضْل لِمَا يَخَافُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ رِبَا النَّسِيئَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا بَاعُوا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ - وَلَا يُفْعَل هَذَا إِلَاّ لِلتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ النَّوْعَيْنِ - إِمَّا فِي الْجَوْدَةِ، وَإِمَّا فِي السِّكَّةِ، وَإِمَّا فِي الثِّقَل وَالْخِفَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - تَدَرَّجُوا بِالرِّبْحِ الْمُعَجَّل فِيهَا إِلَى الرِّبْحِ الْمُؤَخَّرِ وَهُوَ عَيْنُ رِبَا النَّسِيئَةِ، وَهَذَا ذَرِيعَةٌ قَرِيبَةٌ جِدًّا، فَمِنْ حِكْمَةِ الشَّارِعِ أَنْ سَدَّ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الذَّرِيعَةَ، وَهِيَ تَسُدُّ عَلَيْهِمْ بَابَ الْمَفْسَدَةِ (1) . .
أَثَرُ الرِّبَا فِي الْعُقُودِ:
15 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي يُخَالِطُهُ الرِّبَا مَفْسُوخٌ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَأَنَّ مَنْ أَرْبَى يُنْقَضُ عَقْدُهُ وَيُرَدُّ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً؛ لأَِنَّهُ فَعَل مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ وَنَهَى عَنْهُ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْفَسَادَ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَمِل عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ (2) وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: جَاءَ بِلَالٌ رضي الله عنه بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ فَقَال بِلَالٌ: مِنْ تَمْرٍ كَانَ عِنْدَنَا رَدِيءٍ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال رَسُول
(1) المجموع 10 / 26، وأعلام الموقعين 2 / 155.
(2)
حديث: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أخرجه مسلم (3 / 1344 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَل، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ (1) فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا أَيْ هُوَ الرِّبَا الْمُحَرَّمُ نَفْسُهُ لَا مَا يُشْبِهُهُ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ رَدٌّ يَدُل عَلَى وُجُوبِ فَسْخِ صَفْقَةِ الرِّبَا وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِوَجْهٍ (2) .
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّل رِبًا أَضَعُ رِبَانَا: رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ (3) .
وَقَال عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ الرَّدُّ وَالإِْبْطَال (4) .
وَفَصَّل ابْنُ رُشْدٍ فَقَال: مَنْ بَاعَ بَيْعًا أَرْبَى فِيهِ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ لِلرِّبَا فَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ الْمُوجِعَةُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ مَا كَانَ قَائِمًا، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَبَاعَا كُل ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ عَيْنًا، أَوْ كُل أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةٍ عَيْنًا، فَقَال لَهُمَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا (5) .
(1) حديث أبي سعيد: " جاء بلال بتمر برني. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 490 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1215 - 1216 - ط الحلبي)
(2)
تفسير القرطبي 3 / 356 - 358، وحاشية القليوبي 2 / 175 و 167
(3)
حديث: " ربا الجاهلية موضوع " أخرجه مسلم (2 / 889 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي 8 / 183.
(5)
حديث: " أربيتما فردا. . . . " أخرجه مالك في الموطأ (2 / 632 - ط الحلبي) عن يحيى بن سعيد مرسلاً.