الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُرْتَشِي، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إِذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ (1) .
وَلَكِنْ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي.
قَال مُنْلَا خُسْرَوْ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ حُكْمُهُ قَبْل أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
1 -
فَعَلَى قَوْلٍ: أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي صَحِيحٌ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ، سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا أَوِ الَّتِي لَمْ يَرْتَشِ فِيهَا، وَبِأَخْذِ الرِّشْوَةِ لَا يَبْطُل الْحُكْمُ؛ لأَِنَّ حَاصِل أَخْذِ الرِّشْوَةِ هُوَ فِسْقُ الْقَاضِي، وَبِمَا أَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي لَا يُوجِبُ انْعِزَالَهُ فَوِلَايَةُ الْقَاضِي بَاقِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ يَلْزَمُ نَفَاذُ قَضَائِهِ.
2 -
وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ: لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا، قَال قَاضِيخَانْ: إِنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ رِشْوَةً وَحَكَمَ فَحُكْمُهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِحَقٍّ؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدِ اسْتُؤْجِرَ لِلْحُكْمِ، وَالاِسْتِئْجَارُ لِلْحُكْمِ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي.
(1) البحر الرائق 6 / 284، قاضي خان 2 / 450، الزرقاني 7 / 826، ابن فرحون 1 / 24، الزواجر 1 / 159، المغني 9 / 40.
3 -
وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى الَّتِي حَكَمَ فِيهَا. وَهَذَا قَوْل الْخَصَّافِ وَالطَّحَاوِيِّ (1) .
انْعِزَال الْقَاضِي:
19 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمُعْتَمَدِ - وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْخَصَّافُ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْعَزِل بِفِسْقِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَبُولُهُ الرِّشْوَةَ.
قَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ارْتَشَى الْحَاكِمُ انْعَزَل فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُعْزَل، وَبَطَل كُل حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (2) .
وَمَذْهَبُ الآْخَرِينَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِل بِذَلِكَ، بَل يَنْعَزِل بِعَزْل الَّذِي وَلَاّهُ (3) .
أَثَرُ الرِّشْوَةِ:
أ -
فِي التَّعْزِيرِ:
20 -
هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَيَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ.
انْظُرْ: تَعْزِير.
ب -
دَعْوَى الرِّشْوَةِ عَلَى الْقَاضِي:
21 -
لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ
(1) درر الحكام 4 / 537.
(2)
القرطبي 6 / 183، ابن فرحون 1 / 78، مغني المحتاج 4 / 381، مطالب أولي النهى 6 / 468.
(3)
قاضي خان 2 / 362، ابن فرحون 1 / 78، أدب القضاء لابن أبي الدم 24