الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل عُمَرَ رضي الله عنه: " لَا يُقْبَل عَلَى الرَّضَاعِ أَقَل مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَظْهَرِ النَّكِيرُ مِنْ أَحَدٍ، فَصَارَ إِجْمَاعًا.
وَلأَِنَّ هَذَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الاِنْفِرَادِ؛ لأَِنَّ قَبُول شَهَادَتِهِنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي أُصُول الشَّرْعِ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ ضَرُورَةُ عَدَمِ اطِّلَاعِ الرِّجَال عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ، فَإِذَا جَازَ الاِطِّلَاعُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ تَتَحَقَّقِ الضَّرُورَةُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مُطْلَقًا قَبْل الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ. وَيُعْمَل قَبْل الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الأَْبَوَيْنِ، وَلَوْ أُمًّا، وَأَوْلَى بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا، فَيُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ، وَلَا يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُمَا بَعْدَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُقْبَل شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، أَوْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ إِنْ فَشَا ذَلِكَ قَبْل الْعَقْدِ، وَلَا يُقْبَل شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ فَشَا ذَلِكَ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لأَِنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ الرِّجَال عَلَيْهِ إِلَاّ نَادِرًا، وَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْضِيَّةِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عُقْبَةَ قَال: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ
لَهُ ذَلِكَ فَقَال: كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا (1) . وَهُوَ يَدُل عَلَى الاِكْتِفَاءِ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ.
أَمَّا الإِْقْرَارُ بِالرَّضَاعِ فَلَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِ إِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي: بَابُ الشَّهَادَةِ ".
قَبُول شَهَادَةِ أُمَّيِ الزَّوْجَيْنِ بِالرَّضَاعِ:
33 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ أُمَّيِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الرَّضَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَقْبُولَةٌ كَالأَْجْنَبِيَّتَيْنِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ كَانَ فِيمَنْ يَشْهَدُ بِالرَّضَاعِ أُمُّ الْمَرْأَةِ أَوْ بِنْتُهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُدَّعِيًا، وَالْمَرْأَةُ مُنْكِرَةٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا.
وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ الأُْمُّ أَوْ الْبِنْتُ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَى سَبِيل الْحِسْبَةِ، وَإِنِ احْتَمَل كَوْنَ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً؛ لأَِنَّ الرَّضَاعَ تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُدَّعِيَةً فَلَا تُقْبَل لِلتُّهْمَةِ
(1) حديث: " كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما " تقدم تخريجه فقرة / 15.
(2)
روضة الطالبين 9 / 34 - 36، والمغني 7 / 558 - 559، الخرشي 4 / 182، بدائع الصنائع 4 / 14، ابن عابدين 2 / 413، شرح الزرقاني 4 / 243، الدسوقي 2 / 507، الشرح الصغير 2 / 727، نهاية المحتاج 7 / 158، 183 - 184