الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ قَال بِهَذَا النَّوْعِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ الْحَنَفِيَّةُ لإِِثْبَاتِ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ (1) .
وَقَال بِهِ أَيْضًا الْمَالِكِيَّةُ لَكِنَّهُمْ سَكَتُوا عَنِ اشْتِرَاطِ الصَّحْوِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
ب -
رُؤْيَةُ عَدْلَيْنِ:
4 -
نُقِل الْقَوْل بِاشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ (2) ، وَقَال بِهَذَا الرَّأْيِ الْمَالِكِيَّةُ فِي حَالَةِ الْغَيْمِ وَالصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ وَشَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَاشْتَرَطُوا فِي الْعَدْل الإِْسْلَامَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالذُّكُورَةَ وَمَا تَقْتَضِيهِ الْعَدَالَةُ مِنَ الْعَقْل وَالْبُلُوغِ وَالاِلْتِزَامِ بِالإِْسْلَامِ (3) .
وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ اثْنَيْنِ فَقَطْ فِي الصَّحْوِ، وَفِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ رِيبَةً، وَلَمْ يُنْقَل عَنْهُ تَعْيِينُ الْعَدَدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَل فِي مِثْلِهَا غَيْرُ الرُّؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ.
قَال: " وَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ غَيْرُهُمَا فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ وَالصَّحْوِ، وَأَيَّةُ رِيبَةٍ أَكْبَرُ مِنْ هَذِهِ (4) ".
(1) الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 80 (دار الكتاب العربي بيروت، ط 2: 1402 / 1982) .
(2)
المدونة 1 / 174 (دار الفكر، ط 2: 1400 / 1980) .
(3)
الحطاب: مواهب الجليل 2 / 381.
(4)
المرجع نفسه 2 / 385.
وَنُقِل الْقَوْل بِاشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا هِلَال رَمَضَانَ عَنِ الْبُوَيْطِيِّ تِلْمِيذِ الشَّافِعِيِّ (1) .
ج -
رُؤْيَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ:
5 -
لِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلَاتٌ وَشُرُوطٌ فِي قَبُول رُؤْيَةِ الْعَدْل الْوَاحِدِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: قَبِل الْحَنَفِيَّةُ فِي رُؤْيَةِ هِلَال رَمَضَانَ شَهَادَةَ الْعَدْل الْوَاحِدِ فِي الْغَيْمِ أَوِ الْغُبَارِ وَانْعِدَامِ صَحْوِ السَّمَاءِ، وَاكْتَفَوْا فِي وَصْفِ الْعَدَالَةِ بِتَرْجِيحِ الْحَسَنَاتِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، وَقَبِلُوا شَهَادَةَ مَسْتُورِ الْحَال، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الذُّكُورَةَ وَالْحُرِّيَّةَ، وَاعْتَبَرُوا الإِْعْلَامَ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ قَبِيل الإِْخْبَارِ.
وَتَتِمُّ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمْ فِي الْمِصْرِ أَمَامَ الْقَاضِي، وَفِي الْقَرْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ رَأَى الْهِلَال وَحْدَهُ وَلَمْ يَقْبَل الْقَاضِي شَهَادَتَهُ صَامَ، فَلَوْ أَفْطَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ (2) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى قَبُول شَهَادَةِ الْعَدْل الْوَاحِدِ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَبْصَرْتُ الْهِلَال اللَّيْلَةَ، قَال: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: يَا بِلَال أَذِّنْ فِي
(1) أبو إسحاق الشيرازي: المهذب 1 / 179 (ط. عيسى الحلبي، مصر) .
(2)
الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 81.
النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا (1) .
وَتَقَدَّمَ فِي تَرَائِي الْهِلَال حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرُؤْيَةِ الْهِلَال فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ.
وَبِأَنَّ الإِْخْبَارَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَال مِنَ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ؛ لأَِنَّهُ يُلْزِمُ الْمُخْبَرَ بِالصَّوْمِ، وَمَضْمُونُ الشَّهَادَةِ لَا يُلْزِمُ الشَّاهِدَ بِشَيْءٍ، وَالْعَدَدُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الرِّوَايَةِ فَأَمْكَنَ قَبُول خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَال بِالشُّرُوطِ الْوَاجِبِ تَوَفُّرُهَا فِي الرَّاوِي لِخَبَرٍ دِينِيٍّ، وَهِيَ: الإِْسْلَامُ وَالْعَقْل وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ (2) .
وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْمَالِكِيَّةُ رُؤْيَةَ الْعَدْل الْوَاحِدِ فِي إِثْبَاتِ الْهِلَال، وَلَمْ يُوجِبُوا الصَّوْمَ بِمُقْتَضَاهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ (3) ، وَأَلْزَمُوا مَنْ رَأَى الْهِلَال وَحْدَهُ بِإِعْلَامِ الإِْمَامِ بِرُؤْيَتِهِ لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ رَأَى أَوْ عَلِمَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا، وَأَوْجَبُوا عَلَى الرَّائِي الْمُنْفَرِدِ الصِّيَامَ، وَلَوْ رَدَّ الإِْمَامُ شَهَادَتَهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ
(1) حديث ابن عباس: " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال. . . " أخرجه أبو داود (2 / 754 - 755 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (3 / 66 - ط الحلبي) ، وبين الترمذي أن أكثر رواته رووه مرسلاً، وكذا نقل الزيلعي عن النسائي أنه رجح الإرسال، انظر نصب الراية (2 / 443 - ط المجلس العلمي) .
(2)
الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 81.
(3)
الحطاب: شرح مواهب الجليل 2 / 384، وزروق: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني 1 / 291.
الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَال: إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَأَلْتُهُمْ وَأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا (2) .
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ قَبُول هَذَا النَّوْعِ مِنَ الرُّؤْيَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مَنْ يَعْتَنِي بِأَمْرِ الْهِلَال (3) .
وَقَبِل بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ الرَّجُل الْوَاحِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا أُرِيدَ مِنَ الشَّهْرِ مَعْرِفَةُ عِلْمِ التَّارِيخِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حُلُول دَيْنٍ أَوْ إِكْمَال عِدَّةٍ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ (4) .
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَبُول رُؤْيَةِ الْعَدْل الْوَاحِدِ فِي هِلَال رَمَضَانَ وَإِلْزَامُ الْجَمِيعِ الصِّيَامَ بِمُقْتَضَاهَا احْتِيَاطًا لِلْفَرْضِ، وَلَمْ يَقْبَلُوهَا مِنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ؛ لأَِنَّ الإِْخْبَارَ بِالرُّؤْيَةِ عِنْدَهُمْ مِنْ قَبِيل الشَّهَادَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَبُول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِخْبَارَ ابْنِ عُمَرَ وَحْدَهُ بِهِلَال رَمَضَانَ، وَقَبُولِهِ أَيْضًا إِخْبَارَ
(1) المدونة 1 / 174، وبداية المجتهد 1 / 293.
(2)
حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه النسائي (4 / 132 - 133 - ط المكتبة التجارية) وإسناده صحيح.
(3)
الحطاب: مواهب الجليل 2 / 386.
(4)
المرجع نفسه ص 382