الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجْعَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الرَّجْعَةُ اسْمُ مَصْدَرِ رَجَعَ، يُقَال: رَجَعَ عَنْ سَفَرِهِ، وَعَنِ الأَْمْرِ يَرْجِعُ رَجْعًا وَرُجُوعًا وَرُجْعَى وَمَرْجِعًا، قَال ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ نَقِيضُ الذَّهَابِ، وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ فِي اللُّغَةِ الْفُصْحَى فَيُقَال: رَجَعْتُهُ عَنِ الشَّيْءِ وَإِلَيْهِ، وَرَجَعْتُ الْكَلَامَ وَغَيْرَهُ أَيْ رَدَدْتُهُ قَال تَعَالَى:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} (1)
وَرَجَعَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى أَهْلِهَا بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ بِطَلَاقٍ، فَهِيَ رَاجِعَةٌ، وَالرَّجْعَةُ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ، وَالرَّجْعَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (2) .
وَالرَّجْعِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى الرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ: مَا يَجُوزُ مَعَهُ لِلزَّوْجِ رَدُّ زَوْجَتِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: تَعَدَّدَتْ تَعْرِيفَاتُ الْفُقَهَاءِ لِلرَّجْعَةِ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:
(1) سورة التوبة / 83.
(2)
المعجم الوسيط، والمصباح المنير، مادة:(رجع) .
عَرَّفَهَا الْعَيْنِيُّ بِأَنَّهَا اسْتِدَامَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ.
وَعَرَّفَهَا صَاحِبُ الْبَدَائِعِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهَا " اسْتِدَامَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ الْقَائِمِ وَمَنْعُهُ مِنَ الزَّوَال (1) ".
وَعَرَّفَهَا الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهَا " عَوْدُ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ لِلْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ (2) ".
وَعَرَّفَهَا الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِقَوْلِهِ: رَدُّ الْمَرْأَةِ إِلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (3) .
وَعَرَّفَهَا الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا " إِعَادَةُ مُطَلَّقَةٍ غَيْرِ بَائِنٍ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ (4) ".
دَلِيل مَشْرُوعِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَحِكْمَتُهَا:
2 -
إِنَّ ارْتِجَاعَ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الإِْصْلَاحِ، لِذَلِكَ نَجِدُ الشَّرِيعَةَ الإِْسْلَامِيَّةَ قَدْ نَظَّمَتْ أَحْكَامَهَا. . وَقَدْ أَشَارَ الْكَاسَانِيُّ إِلَى حِكْمَةِ الرَّجْعَةِ بِقَوْلِهِ: " إِنَّ الْحَاجَةَ تَمَسُّ إِلَى
(1) البناية على الهداية 4 / 591 ط دار الفكر للطباعة والنشر، وبدائع الصنائع 3 / 181 ط دار الكتاب العربي، بيروت.
(2)
الشرح الكبير ص 369 ط المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة، والخرشي 4 / 79 ط - دار صادر بيروت.
(3)
مغني المحتاج 3 / 335 ط - عيسى الحلبي.
(4)
كشاف القناع 5 / 341، الناشر دار الباز - مكة، والروض المربع شرح زاد المستقنع 6 / 601 ط - بساط بيروت.
الرَّجْعَةِ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا أَشَارَ الرَّبُّ سبحانه وتعالى جل جلاله بِقَوْلِهِ: {لَا تَدْرِي لَعَل اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (1) فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّدَارُكِ، فَلَوْ لَمْ تَثْبُتِ الرَّجْعَةُ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ، لِمَا عَسَى أَنْ لَا تُوَافِقَهُ الْمَرْأَةُ فِي تَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَلَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهَا فَيَقَعُ فِي الزِّنَا (2) " لِذَا شُرِعَتِ الرَّجْعَةُ لِلإِْصْلَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهَذِهِ حِكْمَةٌ جَلِيلَةٌ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ.
3 -
وَقَدْ ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الرَّجْعَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ:
- أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (3) وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (4) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا (5) ، فَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ
(1) سورة الطلاق / 1.
(2)
بدائع الصنائع 3 / 181.
(3)
سورة البقرة / 228.
(4)
سورة البقرة / 231.
(5)
حديث عمر بن الخطاب أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها. أخرجه أبو داود (2 / 712 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (2 / 197 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، طَلَّقْتَ حَفْصَةَ وَهِيَ صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَرَاجِعْهَا (1) .
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ وَالرَّجُل يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَهِيَ امْرَأَتُهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى قَال رَجُلٌ لاِمْرَأَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أُطَلِّقُكِ فَتَبِينِي مِنِّي وَلَا آوِيكِ أَبَدًا، قَالَتْ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَال: أُطَلِّقُكِ فَكُلَّمَا هَمَّتْ عِدَّتُكِ أَنْ تَنْقَضِيَ رَاجَعْتُكِ، فَذَهَبَتِ الْمَرْأَةُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَسَكَتَتْ عَائِشَةُ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَل الْقُرْآنُ:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (2)
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاسْتَأْنَفَ النَّاسُ الطَّلَاقَ مُسْتَقْبَلاً، مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ (3) .
(1) حديث أنس: " أن النبي (طلق حفصة. . . . " أخرجه الحاكم (4 / 15 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وضعف الذهبي أحد رواته في ميزان الاعتدال 1 / 482 - ط الحلبي.
(2)
سورة البقرة / 229.
(3)
حديث عائشة: " كان الناس والرجل يطلق امرأته " أخرجه الترمذي (3 / 488 - ط الحلبي) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ثم أسنده مرة أخرى عن هشام بن عروة عن أبيه دون ذكر عائشة، وقال:" هذا أصح يعني مرسلاً ".