الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رُؤْيَةُ الْمَشْهُودِ بِهِ:
10 -
مِنْ شُرُوطِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَعْلُومًا لِلشَّاهِدِ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.
فَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ إِلَاّ بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُل أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} (1) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَال: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَال لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ (2) .
وَمِنْ مَدَارِكِ الْعِلْمِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الرُّؤْيَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِنَ الأَْفْعَال كَالْغَصْبِ وَالإِْتْلَافِ وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَسَائِرِ الأَْفْعَال، وَكَذَا الصِّفَاتُ الْمَرْئِيَّةُ كَالْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَاّ بِرُؤْيَتِهِ، فَهَذَا يُشْتَرَطُ فِي تَحَمُّل الشَّهَادَةِ فِيهِ الرُّؤْيَةُ؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ قَطْعًا إِلَاّ بِرُؤْيَتِهِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ.
وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِثْل الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ
(1) سورة الإسراء / 36.
(2)
حديث: " عن ابن عباس قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل. . . . " أخرجه الحاكم (4 / 98 - 99 - ط دائرة المعارف العثمانية) وضعفه الذهبي في تلخيصه للمستدرك، وكذا ضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 198 - ط شركة الطباعة الفنية) .
وَالإِْجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْقْوَال، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْ مَدَارِكِ الْعِلْمِ، هَل لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ سَمَاعِ أَقْوَالِهِمَا، أَمْ يَكْفِي السَّمَاعُ فَقَطْ؟ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَكْفِي السَّمَاعُ وَلَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِذَا عَرَفَهُمَا وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ كَلَامُهُمَا، وَبِهَذَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَشُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى؛ لأَِنَّهُ عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَقِينًا فَجَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَآهُ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِمَنْ عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَقِينًا، وَقَدْ يَحْصُل الْعِلْمُ بِالسَّمَاعِ يَقِينًا، وَقَدِ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ بِتَجْوِيزِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَلِهَذَا قُبِلَتْ رِوَايَةُ الأَْعْمَى وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ أَزْوَاجِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ.
وَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الرُّؤْيَةُ مَعَ السَّمَاعِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ مِنَ الأَْقْوَال كَالأَْفْعَال؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّل بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ إِلَاّ فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّل فِيهَا بِالتَّسَامُعِ مِنَ النَّاسِ كَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ، وَالدَّلِيل عَلَى شَرْطِ التَّحَمُّل عَنْ طَرِيقِ الْمُعَايَنَةِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عَبَّاسٍ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ، وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ وَلَا يَعْلَمُ مِثْل الشَّمْسِ إِلَاّ بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الأَْعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ