الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د -
الإِْذْنُ:
6 -
الإِْذْنُ لُغَةً: هُوَ الإِْبَاحَةُ، وَإِطْلَاقُ الْفِعْل، وَالإِْرَادَةُ، حَيْثُ يُقَال: بِإِذْنِ اللَّهِ، أَيْ بِإِرَادَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي إِطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ: تَفْوِيضُ الأَْمْرِ إِلَى آخَرَ، فَيَقُولُونَ: صَبِيٌّ مَأْذُونٌ، أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ تَعْبِيرٌ عَنِ الرِّضَا.
هـ -
الإِْكْرَاهُ
7 -
الإِْكْرَاهُ وَالإِْجْبَارُ، وَهُمَا مِنْ أَضْدَادِ " الرِّضَا " وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(إِكْرَاه) .
و
الاِخْتِيَارُ:
8 -
الاِخْتِيَارُ لُغَةً: الاِصْطِفَاءُ، وَالإِْيثَارُ، وَالتَّفْضِيل، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ " الْقَصْدُ إِلَى أَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ دَاخِلٍ فِي قُدْرَةِ الْفَاعِل بِتَرْجِيحِ أَحَدِ الأَْمْرَيْنِ عَلَى الآْخَرِ " وَلَخَّصَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: الْقَصْدُ إِلَى الشَّيْءِ وَإِرَادَتُهُ " وَعَرَّفَهُ الْجُمْهُورُ " أَنَّهُ الْقَصْدُ إِلَى الْفِعْل وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ (1)". وَسَبَقَ التَّفْصِيل فِيهِ فِي مُصْطَلَحِ " اخْتِيَار (2) ".
حَقِيقَةُ الرِّضَا وَعَلَاقَتُهُ بِالاِخْتِيَارِ:
8 م - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرِّضَا وَالاِخْتِيَارَ
(1) رد المحتار على الدر المختار 4 / 507، وكشف الأسرار للبزدوي 4 / 383، وتيسير التحرير 2 / 290، مواهب الجليل / 25، وشرح الخرشي 5 / 9، وفتاوى السيوطي ورقة (13) ، وشرح الكوكب المنير 1 / 509.
(2)
الموسوعة الفقهية 2 / 9.
شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ وَالآْثَارُ، فِي حِينِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ (1) .
وَعَلَى ضَوْءِ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الرِّضَا أَخَصُّ مِنْ الاِخْتِيَارِ، قَسَّمُوا الاِخْتِيَارَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ يُوجَدُ الرِّضَا فِي أَحَدِهَا، وَيَنْعَدِمُ فِي قِسْمَيْنِ:
1 -
اخْتِيَارٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ مَا يَكُونُ صَاحِبُهُ مُتَمَتِّعًا بِالأَْهْلِيَّةِ الْكَامِلَةِ دُونَ إِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ (2) أَوْ كَمَا يَقُول الْبَزْدَوِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ: مَا يَكُونُ الْفَاعِل فِي قَصْدِهِ مُسْتَبِدًّا - أَيْ مُسْتَقِلًّا (3) ".
وَالاِخْتِيَارُ الصَّحِيحُ - عِنْدَهُمْ - يَتَحَقَّقُ حَتَّى وَإِنْ صَاحَبَهُ إِكْرَاهٌ مَا لَمْ يَكُنْ مُلْجِئًا، لَكِنَّ الرِّضَا يَتَحَقَّقُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ الإِْكْرَاهِ، وَأَمَّا إِذَا وُجِدَ إِكْرَاهٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَإِنَّ الاِخْتِيَارَ صَحِيحٌ، وَالرِّضَا فَاسِدٌ.
2 -
اخْتِيَارٌ بَاطِلٌ وَهُوَ حِينَمَا يَكُونُ صَاحِبُهُ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الرِّضَا مَعْدُومًا أَيْضًا.
3 -
اخْتِيَارٌ فَاسِدٌ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى إِرَادَةِ
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 507، وكشف الأسرار 4 / 383، والمصادر الفقهية والأصولية السابقة.
(2)
الإكراه الملجئ عند الحنفية هو ما يكون التهديد بإتلاف النفس أو العضو، أو الضرب الذي يفضي إلى تلف النفس، أو العضو، وغير الملجئ هو ما كان الإكراه بالحبس أو القيد، أو الضرب (بدائع الصنائع 7 / 175) .
(3)
كشف الأسرار 4 / 382.
شَخْصٍ آخَرَ، أَيْ أَنْ يَتِمَّ فِي ظِل إِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الرِّضَا مَعْدُومًا (1) .
فَالإِْكْرَاهُ فِي نَظَرِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُنَافِي الاِخْتِيَارَ حَيْثُ قَدْ يَكُونُ صَحِيحًا مَعَ الإِْكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ، وَيَكُونُ فَاسِدًا مَعَ الإِْكْرَاهِ الْمُلْجِئِ، وَلَكِنَّ الإِْكْرَاهَ بِقِسْمَيْهِ يُنَافِي الرِّضَا (2) .
9 -
وَهَذِهِ الأَْقْسَامُ الثَّلَاثَةُ لَهَا عَلَاقَةٌ - كَقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ - بِتَقْسِيمِهِمُ الْعُقُودَ إِلَى الصَّحِيحِ، وَالْبَاطِل، وَالْفَاسِدِ.
وَتَتَلَخَّصُ وِجْهَةُ نَظَرِ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ فِي أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ لِكُلٍّ مِنْ الاِخْتِيَارِ وَالرِّضَا مُخْتَلِفٌ، فَالرِّضَا هُوَ ضِدُّ السَّخَطِ، وَسُرُورُ الْقَلْبِ وَارْتِيَاحُ النَّفْسِ بِحَيْثُ تَظْهَرُ آثَارُهُ عَلَى الْوَجْهِ، وَأَمَّا الاِخْتِيَارُ فَلَا تُلَاحِظُ فِيهِ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، بِالإِْضَافَةِ إِلَى أَنَّ الشَّرْعَ فَرَّقَ بَيْنَ التَّصَرُّفَاتِ، حَيْثُ اشْتَرَطَ الرِّضَا فِي الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ، فَقَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلَاّ أَنْ تَكُونَ
(1) المصادر السابقة.
(2)
يقول أبو زيد الدبوسي في تقديم الأدلة / مخطوطة دار الكتب المصرية رقم 255 أصول الفقه ص 910: " المكره مختار لما فعله قاصدًا إياه؛ لأنه عرف الشرين فاختار أهونهما عليه عن علم وقصد، إلا أنه قصد فاسد؛ لأنه قصد لا عن رضا به، بل لدفع الشر عن نفسه "، وقال البزدوي في أصوله بهامش كشف الأسرار / 383:" الإكراه لا ينافي الاختيار، ولذلك كان مخاطبًا في عين ما أكره عليه ".
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ (1) } فِي حِينِ لَمْ يَشْتَرِطِ الرِّضَا فِي بَعْضِ تَصَرُّفَاتٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ، مِثْل الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ (2) وَمِنَ الْمَعْلُومِ بَدَاهَةً أَنَّ الرِّضَا بِآثَارِ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْهَزْل، مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ، وَعَلَى ضَوْءِ ذَلِكَ قَسَّمُوا الْعُقُودَ فَجَعَلُوا بَعْضَهَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى الرِّضَا وَهِيَ الْعُقُودُ الَّتِي سَمَّوْهَا بِالْعُقُودِ غَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ، وَهِيَ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ. وَاشْتَرَطُوا فِي بَعْضِهَا الرِّضَا، وَهِيَ الْعُقُودُ الْمَالِيَّةُ، ثُمَّ جَعَلُوا الاِخْتِيَارَ أَسَاسًا لِجَمِيعِ الْعُقُودِ (3) .
10 -
وَلَمْ يَعْتَرِفِ الْجُمْهُورُ بِهَذَا التَّقْسِيمِ الثُّلَاثِيِّ لِلاِخْتِيَارِ، حَيْثُ هُوَ مَحْصُورٌ عِنْدَهُمْ فِي الصَّحِيحِ وَالْبَاطِل، كَمَا أَنَّ الإِْكْرَاهَ عِنْدَهُمْ يُنَافِي الاِخْتِيَارَ كَمَا يُنَافِي الرِّضَا، قَال الشَّاطِبِيُّ: فَالْعَمَل إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ الْقَصْدُ تَعَلَّقَتْ بِهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ، وَإِذَا عُرِّيَ عَنِ الْقَصْدِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا. فَلَوْ فَرَضْنَا الْعَمَل مَعَ عَدَمِ الاِخْتِيَارِ كَالْمُلْجَأِ، وَالنَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ. . فَلَا يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِهِمْ مُقْتَضَى
(1) سورة النساء / 29.
(2)
حديث: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة " أخرجه أبو داود 3 / 644 - تحقيق عزت عبيد دعاس، والترمذي (3 / 481 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال:" حديث حسن ".
(3)
إعلام الموقعين 3 / 123 - 126