الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضَ الْعَسْكَرِ لِيُحْرَسَ مِنْ هُجُومِ الْعَدُوِّ، أَوْ أَفْرَدَ مِنَ الْجَيْشِ كَمِينًا؛ لِكَوْنِهِمْ رِدْءًا لِمَنْ قَاتَل، وَعَوْنًا لَهُمْ عَلَى الْغَنِيمَةِ تَقْوَى بِهِ نُفُوسُ الْمُقَاتِلِينَ. (1)
وَأَمَّا الْمَدَدُ فَإِذَا لَحِقُوا عَسَاكِرَ الْمُسْلِمِينَ أَثْنَاءَ الْقِتَال يُسْهَمُ لَهُمْ، وَإِذَا لَحِقُوهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَال وَإِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا إِذَا لَحِقُوهُمْ بَعْدَ الْقِتَال قَبْل أَنْ يُخْرِجُوا الْغَنِيمَةَ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ، وَيُسْهَمُ لَهُمْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُل إِلَاّ بَعْدَ الإِْحْرَازِ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (2) وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ:(غَنِيمَة) .
الرِّدْءُ فِي الْجِنَايَاتِ:
4 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ عُقُوبَةِ الرِّدْءِ فِي جَرَائِمِ التَّعْزِيرِ إِذَا رَأَى الْقَاضِي ذَلِكَ.
أَمَّا فِي الْحُدُودِ، فَلَا يُحَدُّ الرِّدْءُ حَدَّ الزِّنَى وَلَا حَدَّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ؛ لأَِنَّهَا جَرَائِمُ تَتَعَلَّقُ بِشَخْصِ الْمُجْرِمِ.
(1) المراجع السابقة.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 231، والفتاوى الخانية 3 / 567، والشرح الكبير مع الدسوقي 2 / 192، والمهذب 2 / 247، والمغني 8 / 419، 420، وكشاف القناع 3 / 82، 83، وقليوبي 3 / 193 وما بعدها.
وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (الْحِرَابَةِ) وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْل، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
أ -
الرِّدْءُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (الْحِرَابَةِ) :
5 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) أَنَّ الرِّدْءَ أَيِ الْمُعِينَ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ، فَإِنْ بَاشَرَ أَحَدُهُمْ أُجْرِيَ الْحَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ، فَإِذَا قَتَل أَحَدُهُمْ يُقْتَل هُوَ وَالآْخَرُونَ؛ لأَِنَّهُ جَزَاءُ الْمُحَارَبَةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ رِدْءًا لِلْبَعْضِ؛ وَلأَِنَّ الْمُحَارَبَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حُصُول الْمَنَعَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ، وَمِنْ عَادَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُبَاشَرَةُ مِنَ الْبَعْضِ وَالإِْعَانَةُ مِنَ الْبَعْضِ الآْخَرِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَاشِرُ مِنْ فِعْلِهِ إِلَاّ بِقُوَّةِ الرِّدْءِ، فَلَوْ لَمْ يَلْحَقِ الرِّدْءُ بِالْمُبَاشِرِ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى انْفِتَاحِ بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُبَاشِرُ وَالرِّدْءُ كَالْغَنِيمَةِ، وَنَصَّ الدُّسُوقِيُّ عَلَى أَنَّ الرِّدْءَ يَشْمَل مَنْ يَتَقَوَّى الْمُحَارِبُونَ بِجَاهِهِ، إِذْ لَوْلَا جَاهُهُ مَا تَجَرَّأَ الْقَاتِل عَلَى الْقَتْل، فَجَاهُهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْقَتْل حُكْمًا (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ أَعَانَ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ أَوْ كَثَّرَ جَمْعَهُمْ بِالْحُضُورِ، أَوْ كَانَ
(1) فتح القدير مع الهداية 5 / 181، وبدائع الصنائع 7 / 91، والزرقاني 8 / 11، وحاشية الدسوقي 4 / 350، المواق بهامش الحطاب 6 / 316، والمغني 8 / 297.