الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتَقُومُ الأُْجْرَةُ مَقَامَ الرِّزْقِ؛ وَلأَِنَّ إِلْزَامَ الْبَائِنِ بِالإِْرْضَاعِ مَجَّانًا مَعَ انْقِطَاعِ نَفَقَتِهَا عَنِ الأَْبِ مُضَارَّةٌ لَهَا، فَسَاغَ لَهَا أَخْذُ الأُْجْرَةِ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (1) . وَقَال تَعَالَى:{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا (2) } فَإِنْ طَلَبَتِ الأُْمُّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل وَوَجَدَ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْل جَازَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا، لأَِنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِطَلَبِهَا مَا لَيْسَ لَهَا، فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (3) } .
وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ بِأَقَل مِمَّا طَلَبَتْهُ الأُْمُّ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا فِي الرَّضَاعِ؛ لأَِنَّهَا تَسَاوَتْ مَعَ غَيْرِهَا فِي الأُْجْرَةِ فَصَارَتْ أَحَقَّ بِهَا، كَمَا لَوْ طَلَبَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُجْرَةَ الْمِثْل (4) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الأُْمُّ مِمَّنْ يُرْضِعُ مِثْلُهَا وَكَانَتْ فِي عِصْمَةِ الأَْبِ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الأُْجْرَةِ بِالإِْرْضَاعِ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَهُ عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ بِوَاجِبٍ أُجْرَةً. أَمَّا الشَّرِيفَةُ الَّتِي لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ مِنَ الأَْبِ، فَلَهَا طَلَبُ الأُْجْرَةِ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ لِلرَّضَاعِ أَوْ وَجَدَ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ مَجَّانًا (5) .
(1) المصادر السابقة وابن عابدين 2 / 675.
(2)
سورة البقرة / 233.
(3)
سورة الطلاق / 6.
(4)
أسنى المطالب 3 / 455، المغني 7 / 627، ابن عابدين 2 / 675.
(5)
حاشية الدسوقي 2 / 526، الفواكه الدواني 2 / 101.
ثَانِيًا: الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّضَاعِ:
7 -
يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّضَاعِ بَعْضُ أَحْكَامِ النَّسَبِ:
أ - تَحْرِيمُ النِّكَاحِ سَوَاءٌ حَصَل الرَّضَاعُ فِي زَمَنِ إِسْلَامِ الْمَرْأَةِ أَوْ كُفْرِهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ (1) . وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ.
ب - ثُبُوتُ الْمَحْرَمِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِجَوَازِ النَّظَرِ، وَالْخَلْوَةِ، وَعَدَمِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِاللَّمْسِ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنَ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا سَائِرُ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَعَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ الْمَال، وَعَدَمِ الْحَبْسِ لِدَيْنِ الْوَلَدِ، وَالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَال أَوِ النَّفْسِ فَلَا تَثْبُتُ بِالرَّضَاعِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (2) .
الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ، وَدَلِيل التَّحْرِيمِ:
8 -
لِلرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:
1 -
الْمُرْضِعُ
2 -
الرَّضِيعُ
3 -
اللَّبَنُ.
(1) حديث: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 253 - ط السلفية) ، ومسلم (1072 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس.
(2)
أسنى المطالب 3 / 415، قليوبي 4 / 62، روضة الطالبين 9 / 3، المغني 7 / 535، كشاف القناع 5 / 442.