الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ مِنْ نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النَّسْخِ.
15 -
وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَاتِ اللَّبَنِ وَطُرُقِ وُصُولِهِ إِلَى الْمَعِدَةِ. فَإِنْ مَصَّهُ مِنَ الثَّدْيِ مَرَّةً، وَشَرِبَ مِنْ إِنَاءٍ مَرَّةً، وَأَوْجَرَ مِنْ حَلْقِهِ مَرَّةً، وَأَكَلَهُ جُبْنًا مَرَّةً بِحَيْثُ تَمَّ لَهُ خَمْسُ مَرَّاتٍ أَثَّرَ فِي التَّحْرِيمِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الرَّضَعَاتُ مُتَفَرِّقَاتٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى اشْتِرَاطَ تَعَدُّدِ الرَّضَعَاتِ.
وَالْمُعْتَمَدُ فِي التَّعَدُّدِ وَالتَّفَرُّقِ هُوَ الْعُرْفُ إِذْ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ، وَلَا فِي الشَّرْعِ.
وَالرُّجُوعُ فِي الرَّضْعَةِ وَالرَّضَعَاتِ إِلَى الْعُرْفِ، وَمَا تَنْزِل عَلَيْهِ الأَْيْمَانُ فِي ذَلِكَ، وَمَتَى تَخَلَّل فَصْلٌ طَوِيلٌ تَعَدَّدَ.
وَلَوِ ارْتَضَعَ ثُمَّ قَطَعَ إِعْرَاضًا، وَاشْتَغَل بِشَيْءٍ آخَرَ، ثُمَّ عَادَ وَارْتَضَعَ، فَهُمَا رَضْعَتَانِ، وَلَوْ قَطَعَتِ الْمُرْضِعَةُ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الإِْرْضَاعِ، فَهُمَا رَضْعَتَانِ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ الصَّبِيُّ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهَا رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَحْصُل التَّعَدُّدُ بِأَنْ يَلْفِظَ الثَّدْيَ، ثُمَّ يَعُودَ إِلَى الْتِقَامِهِ فِي الْحَال، وَلَا بِأَنْ يَتَحَوَّل مِنْ ثَدْيٍ إِلَى ثَدْيٍ، أَوْ تَحَوُّلِهِ لِنَفَادِ مَا فِي الأَْوَّل، وَلَا بِأَنْ يَلْهُوَ عَنْ الاِمْتِصَاصِ، وَالثَّدْيُ فِي فَمِهِ، وَلَا بِأَنْ يَقْطَعَ التَّنَفُّسَ، وَلَا بِأَنْ يَتَخَلَّل النَّوْمَةُ الْخَفِيفَةُ، وَلَا بِأَنْ تَقُومَ وَتَشْتَغِل بِشُغْلٍ خَفِيفٍ،
ثُمَّ تَعُودَ إِلَى الإِْرْضَاعِ، فَكُل ذَلِكَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ (1) .
ثَالِثًا: الرَّضِيعُ:
أ -
أَنْ يَصِل اللَّبَنُ إِلَى الْمَعِدَةِ:
16 -
يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِل اللَّبَنُ إِلَى الْمَعِدَةِ بِارْتِضَاعٍ أَوْ إِيجَارٍ أَوْ إِسْعَاطٍ وَإِنْ كَانَ الطِّفْل نَائِمًا؛ لأَِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ حُصُول الْغِذَاءِ بِاللَّبَنِ وَإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ وَسَدِّ الْمَجَاعَةِ لِتَتَحَقَّقَ الْجُزْئِيَّةُ، وَلَا يَحْصُل ذَلِكَ إِلَاّ بِمَا وَصَل إِلَى الْمَعِدَةِ.
أَمَّا الإِْقْطَارُ فِي الأُْذُنِ أَوِ الإِْحْلِيل، أَوِ الْحُقْنَةُ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ (2) .
ب -
أَلَاّ يَبْلُغَ الرَّضِيعُ حَوْلَيْنِ:
17 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ ارْتِضَاعَ الطِّفْل وَهُوَ دُونَ الْحَوْلَيْنِ يُؤَثِّرُ فِي التَّحْرِيمِ.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ الأَْصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ الْمُؤَثِّرِ فِي التَّحْرِيمِ حَوْلَانِ، فَلَا يُحَرِّمُ بَعْدَ حَوْلَيْنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ
(1) أسنى المطالب 3 / 417، نهاية المحتاج 7 / 176، سبل السلام 3 / 216، القليوبي 4 / 63، المغني 7 / 535 - 536، كشاف القناع 5 / 445، روضة الطالبين 9 / 7.
(2)
روضة الطالبين 9 / 6، القليوبي 4 / 63، 64، بدائع الصنائع 4 / 19، أسنى المطالب 3 / 416، المغني 7 / 513، كشاف القناع 5 / 445، حاشية الدسوقي 2 / 503) ، قال المالكية: يؤثر الحقنة في الدبر.
يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ (1) } ، وَقَالُوا: جَعَل اللَّهُ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ، وَلَيْسَ وَرَاءَ تَمَامِ الرَّضَاعَةِ شَيْءٌ. وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ (2) } وَقَال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا (3) } وَأَقَل الْحَمْل سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَتَبْقَى مُدَّةُ الْفِصَال حَوْلَيْنِ؛ وَلِحَدِيثِ: لَا رَضَاعَ إِلَاّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ (4) . وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَاّ مَا فَتَقَ الأَْمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ وَكَانَ قَبْل الْفِطَامِ (5) .
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ إِرْضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ ". وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُ يَدْخُل عَلَيْكِ الْغُلَامُ الأَْيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُل عَلَيَّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا لَكِ فِي رَسُول اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ . قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ سَالِمًا يَدْخُل عَلَيَّ
(1) سورة البقرة / 233.
(2)
سورة لقمان / 14.
(3)
سورة الأحقاف / 15.
(4)
حديث: " لا رضاع إلا ما كان في الحولين " أخرجه الدارقطني (4 / 17 - ط. دار المحاسن) من حديث ابن عباس، وصوب الدارقطني وقفه.
(5)
حديث: " لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء " أخرجه الترمذي (3 / 449 - ط الحلبي) من حديث أم سلمة، وقال:" حديث حسن صحيح ".
وَهُوَ رَجُلٌ، وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُل عَلَيْكِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ قَال: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (1) فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَتْ بِهِ عَائِشَةُ، وَأَبَى غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذْنَ بِهِ، مَعَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ عَنْهُ قَال: الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ (2) لَكِنَّهَا رَأَتِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ رَضَاعَةً أَوْ تَغْذِيَةً. فَمَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ الثَّانِيَ لَمْ يُحَرِّمْ إِلَاّ مَا كَانَ قَبْل الْفِطَامِ،
وَهَذَا هُوَ إِرْضَاعُ عَامَّةِ النَّاسِ. وَأَمَّا الأَْوَّل فَيَجُوزُ إِنِ احْتِيجَ إِلَى جَعْلِهِ ذَا مَحْرَمٍ.
وَقَدْ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ.
وَقَال: رَضَاعُ الْكَبِيرِ تَنْتَشِرُ بِهِ الْحُرْمَةُ فِي حَقِّ الدُّخُول وَالْخَلْوَةِ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَبَّى فِي الْبَيْتِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُونَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَاللَّيْثِ (3) .
(1) حديث: " أرضعيه حتى يدخل عليك " أخرجه مسلم (2 / 1077 - ط الحلبي) ، ورواية مالك في الموطأ (2 / 605 - ط الحلبي) .
(2)
حديث: " الرضاعة من المجاعة " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 146 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1078 - ط الحلبي) .
(3)
بدائع الصنائع 4 / 6، وابن عابدين 2 / 403، والمغني 7 / 542، وكشاف القناع 5 / 445، ونهاية المحتاج 7 / 166، 175، وأسنى المطالب 3 / 416، والقليوبي 4 / 63، وحاشية الدسوقي 2 / 503، والفواكه الدواني 2 / 88، ومجموع فتاوى ابن تيمية 34 / 60، والاختيارات 283، والإنصاف 9 / 334.