الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَظَالِمَ يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَوْرًا؛ لأَِنَّ بَقَاءَهَا بِيَدِهِ ظُلْمٌ آخَرُ. وَكَذَا السَّارِقُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً اتِّفَاقًا.
فَإِنْ هَلَكَتْ أَوِ اسْتُهْلِكَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَإِلَاّ فَقِيمَتُهَا، سَوَاءٌ قُطِعَ أَوْ لَمْ يُقْطَعْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قُطِعَ فِي السَّرِقَةِ وَالْعَيْنُ هَالِكَةٌ لَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ، فَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمُ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يُغَرَّمُ صَاحِبُ سَرِقَةٍ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (1) وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ لَا يَضْمَنُ السَّارِقُ سَرِقَتَهُ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ (2) وَفِي رِوَايَةٍ لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ (3) . وَلأَِنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يُنَافِي الْقَطْعَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ ضَمِنَهُ لَمَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الأَْخْذِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ فَيَنْتَفِي الْقَطْعُ لِلشُّبْهَةِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى انْتِفَائِهِ فَهُوَ الْمُنْتَفِي.
(1) حديث: " لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد " أخرجه النسائي (8 / 93 - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وقال النسائي:" هذا مرسل، وليس بثابت ".
(2)
حديث: " لا يضمن السارق سرقته بعد إقامة الحد " أخرجه البزار كما في نصب الراية (3 / 375 - ط المجلس العلمي) ، ونقل الزيلعي عن ابن القطان أنه أعله بالإرسال، كما تقدم ذلك في النسائي أيضًا، وزاد كذلك بجهالة الراوي عن عبد الرحمن بن عوف.
(3)
حديث: " لا غرم على السارق بعد قطع يمينه " أخرج هذه الرواية الدارقطني (3 / 182 - ط دار المحاسن) بإسناد الرواية السابقة.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ الْقَطْعِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَسْرُوقِ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَغْرَمْ (1) . وَكَذَلِكَ يَجِبُ رَدُّ مَال الْغَيْرِ إِذَا أَخَذَهُ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ عِنْدَمَا يُوجَدُ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ، وَذَلِكَ كَرَدِّ اللُّقَطَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَالِكِ، وَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ عِنْدَ الطَّلَبِ (2) .
مُؤْنَةُ (3) الرَّدِّ:
17 -
مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْمَبِيعِ إِلَى بَائِعِهِ وَالثَّمَنِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَتَكُونُ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَبِيعَ إِذَا كَانَ وَاجِبَ الرَّدِّ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ
مُؤْنَةُ الرَّدِّ
عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي (4) .
وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى
(1) شرح فتح القدير 5 / 168، 169 ط دار إحياء التراث العربي، حاشية ابن عابدين 3 / 210، 5 / 114 ط دار إحياء التراث العربي، القوانين الفقهية 358، 390 ط دار العلم للملايين 1979 م، قليوبي وعميرة 3 / 28، 4 / 198 ط عيسى البابي الحلبي، كشاف القناع 4 / 78، 6 / 149 ط عالم الكتب 1983 م.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 494 ط دار إحياء التراث العربي، القوانين الفقهية 371 ط دار العلم للملايين 1979م، قليوبي وعميرة 3 / 20، 122، 181 ط عيسى البابي الحلبي، كشاف القناع 4 / 65، 209 وما بعدها ط عالم الكتب 1983 م.
(3)
المؤنة: اسم لما يتحمله الإنسان من ثقل النفقة (التعريفات للجرجاني ص 303) .
(4)
روضة الطالبين 3 / 408 ط المكتب الإسلامي، حاشية الجمل 3 / 84 ط دار إحياء التراث العربي، المغني 4 / 253 مطبوعات رئاسة إدارات البحوث العلمية - الرياض 1981 م، القوانين الفقهية 286 - ط دار العلم للملايين 1979 م.