الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَجْمُوعَةٍ مِنَ الْمُبَرِّرَاتِ الْمَعْقُولَةِ تَكَفَّل الشَّاطِبِيُّ بِعَدِّهَا عَدًّا وَاضِحًا مُرَتَّبًا. (1)
آرَاءُ الْعُلَمَاءِ فِي تَتَبُّعِ الرُّخَصِ:
26 -
الرُّخَصُ الشَّرْعِيَّةُ الثَّابِتَةُ بِالْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ لَا بَأْسَ فِي تَتَبُّعِهَا لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ (2) .
أَمَّا تَتَبُّعُ رُخَصِ الْمَذَاهِبِ الاِجْتِهَادِيَّةِ وَالْجَرْيُ وَرَاءَهَا دُونَ سَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَنَحْوُهَا مِمَّا يُمَاثِلُهَا يُعْتَبَرُ هُرُوبًا مِنَ التَّكَالِيفِ، وَتَخَلُّصًا مِنَ الْمَسْئُولِيَّةِ، وَهَدْمًا لِعَزَائِمِ الأَْوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَجُحُودًا لِحَقِّ اللَّهِ فِي الْعِبَادَةِ، وَهَضْمًا لِحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَهُوَ يَتَعَارَضُ مَعَ مَقْصِدِ الشَّرْعِ الْحَكِيمِ مِنَ الْحَثِّ عَلَى التَّخْفِيفِ عُمُومًا وَعَلَى التَّرَخُّصِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (3) . إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ وَقَدِ اعْتَبَرَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْعَمَل فِسْقًا لَا يَحِل. (4) وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ الإِْجْمَاعَ
(1) الموافقات 1 / 333 - 333 (ترجيح الأخذ بالعزيمة) وص 339 - 344 (ترجيح الأخذ بالرخصة) .
(2)
حديث: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (11 / 323 - ط وزارة الأوقاف العراقية) من حديث ابن عباس، وحسنه المنذري في الترغيب (2 / 135 - ط الحلبي) .
(3)
سورة البقرة / 185.
(4)
الموافقات 4 / 140، وشرح التنقيح ص 386، والمعيار 6 / 369 - 381، 382.
عَلَيْهِ. (1) وَقَال نَقْلاً عَنْ غَيْرِهِ: لَوْ أَخَذْتَ بِرُخْصَةِ كُل عَالِمٍ اجْتَمَعَ فِيكَ الشَّرُّ كُلُّهُ. (2)
وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً عَمِل بِقَوْل أَهْل الْكُوفَةِ فِي النَّبِيذِ وَأَهْل الْمَدِينَةِ فِي السَّمَاعِ وَأَهْل مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ كَانَ فَاسِقًا. (3)
وَقَدْ دَخَل الْقَاضِي إِسْمَاعِيل - يَوْمًا - عَلَى الْمُعْتَضِدِ الْعَبَّاسِيِّ فَرَفَعَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ كِتَابًا وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ وَقَدْ جَمَعَ فِيهِ صَاحِبُهُ الرُّخَصَ مِنْ زَلَل الْعُلَمَاءِ فَقَال لَهُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ - بَعْدَ أَنْ تَأَمَّلَهُ -: مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيقٌ، فَقَال: أَلَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الأَْحَادِيثُ؟ قَال: بَلَى، وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ الْمُسْكِرَ لَمْ يُبِحِ الْمُتْعَةَ، وَمَنْ أَبَاحَ الْمُتْعَةَ لَمْ يُبِحِ الْغِنَاءَ وَالْمُسْكِرَ، وَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلَاّ وَلَهُ زَلَّةٌ، وَمَنْ جَمَعَ زَلَل الْعُلَمَاءِ ثُمَّ أَخَذَ بِهَا ذَهَبَ دِينُهُ، فَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِإِحْرَاقِ ذَلِكَ الْكِتَابِ. (4)
فَالأَْخْذُ بِالرُّخَصِ لَا يَعْنِي تَتَبُّعَهَا وَالْبَحْثَ عَنْهَا لِلتَّحَلُّل مِنَ التَّكْلِيفِ وَإِنَّمَا يَعْنِي الاِنْتِقَال مِنْ تَكْلِيفٍ أَشَدَّ إِلَى تَكْلِيفٍ أَخَفَّ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ.
الرُّخَصُ إِضَافِيَّةٌ:
27 -
إِنَّ الرُّخَصَ عَلَى كَثْرَةِ أَدِلَّتِهَا أَوْ صِيَغِهَا،
(1) مراتب الإجماع ص 175.
(2)
الأحكام 6 / 179.
(3)
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ص 272.
(4)
نفس المصدر.