الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى حِدَةٍ، فَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَيَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ إِلَاّ أَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ، فَكَمَا صَحَّ عَقْدُهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ فِي حُدُودِ مَهْرِ الْمِثْل فَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ لاِسْتِمْرَارِ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةٍ؛ وَكَذَا لِعَدَمِ وُجُودِ الإِْسْرَافِ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَ فِيهَا إِدْخَال غَيْرِ وَارِثٍ مَعَ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا الْمُفْلِسُ فَصَحَّتِ الرَّجْعَةُ مِنْهُ؛ لأَِنَّهَا لَا تَتَطَلَّبُ مَهْرًا جَدِيدًا فَلَا تَشْغَل ذِمَّتَهُ بِالْتِزَامَاتٍ مَالِيَّةٍ وَلَا يَحْتَاجُ لإِِذْنِ الدَّائِنِينَ، كَمَا أَجَازُوا الرَّجْعَةَ مِنَ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ عَقْدِ نِكَاحِهِ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِمْرَارٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ إِنْشَاءً جَدِيدًا لَهُ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَرْطَ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً مُخْتَارًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي الرِّدَّةِ وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ، كَمَا لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِيهَا.
فَالرَّجْعَةُ لَا تَصِحُّ إِلَاّ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ (2) .
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّفِيهَ فَكَمَا
(1) الخرشي 4 / 79 - 80، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 2 / 369 - 370
(2)
مغني المحتاج 3 / 335 - 336، ونهاية المحتاج 7 / 53.
يَصِحُّ نِكَاحُهُ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ. . . وَالسَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ فِي الأَْصْل أَهْلٌ لإِِبْرَامِ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَا لَا تَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَجْعَةُ السَّكْرَانِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، لأَِنَّ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا لَاغِيَةٌ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ؛ لأَِنَّ الإِْحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الْمُحْرِمِ لإِِنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ عَارِضٌ. هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعَةِ رِضَا الْمَرْأَةِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} (1) .
يَدُل عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
كَيْفِيَّةُ الرَّجْعَةِ:
لِلرَّجْعَةِ كَيْفِيَّتَانِ: رَجْعَةٌ بِالْقَوْل، وَرَجْعَةٌ بِالْفِعْل.
أَوَّلاً: الرَّجْعَةُ بِالْقَوْل:
12 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِالْقَوْل الدَّال عَلَى ذَلِكَ، كَأَنْ يَقُول لِمُطَلَّقَتِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ رَاجَعْتُكِ، أَوِ ارْتَجَعْتُكِ، أَوْ رَدَدْتُكِ لِعِصْمَتِي وَهَكَذَا كُل لَفْظٍ يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى.
قَال الْعَيْنِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَا نَصُّهُ: " وَالرَّجْعَةُ أَنْ يَقُول لِلَّتِي طَلَّقَهَا طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ: رَاجَعْتُكِ بِالْخِطَابِ لَهَا، أَوْ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي بِالْغَيْبَةِ، وَهَذَا
(1) سورة البقرة / 228.