الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَا لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ (1) .
وَخَالَفَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقَال: كُل شَيْئَيْنِ يَتَقَارَبُ الاِنْتِفَاعُ بِهِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ مُتَفَاضِلاً، كَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالزَّبِيبِ، لأَِنَّهُمَا يَتَقَارَبُ نَفْعُهُمَا فَجَرَيَا مَجْرَى نَوْعَيِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ (2) .
الاِخْتِلَافُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الأَْجْنَاسِ:
20 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا سِوَى الأَْجْنَاسِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الأَْحَادِيثِ، هَل يَحْرُمُ الرِّبَا فِيهَا كَمَا يَحْرُمُ فِي هَذِهِ الأَْجْنَاسِ السِّتَّةِ أَمْ لَا يَحْرُمُ؟ .
فَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الأَْجْنَاسِ السِّتَّةِ، بَل يَتَعَدَّى إِلَى مَا فِي مَعْنَاهَا، وَهُوَ مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي الأَْجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ؛ لأَِنَّ ثُبُوتَ الرِّبَا فِيهَا بِعِلَّةٍ، فَيَثْبُتُ فِي كُل مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ
(1) حديث: " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدًا بيد " أخرجه بمعناه البخاري (الفتح 4 / 379، 383 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1213 - ط الحلبي) من حديث أبي بكرة، ولفظه عند مسلم وأبي عوانة كما في الفتح (4 / 383) .
(2)
المغني 4 / 5.
التَّحْرِيمِ؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، فَتُسْتَخْرَجُ عِلَّةُ الْحُكْمِ وَيَثْبُتُ فِي كُل مَوْضِعٍ وُجِدَتْ عِلَّتُهُ فِيهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَإِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ رَوَيَا حَدِيثَ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الأَْعْيَانِ السِّتَّةِ وَفِي آخِرِهِ وَكَذَلِكَ كُل مَا يُكَال وَيُوزَنُ (1) فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ إِلَى سَائِرِ الأَْمْوَال، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الرَّمَا (2) أَيِ الرِّبَا، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ عَيْنَ الصَّاعِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا يَدْخُل تَحْتَ الصَّاعِ، كَمَا يُقَال خُذْ هَذَا الصَّاعَ أَيْ مَا فِيهِ، وَوَهَبْتُ لِفُلَانٍ صَاعًا أَيْ مِنَ الطَّعَامِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَْنْصَارِيَّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَكُل تَمْرَ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَال: لَا، وَاللَّهِ، يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الْجَمْعِ. فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا
(1) حديث: " وكذلك كل ما يكال ويوزن. . . . " أخرجه البيهقي 5 / 286 - ط دائرة المعارف العثمانية بلفظ: " وكل ما يكال أو يوزن ".
(2)
حديث عبد الله بن عمر: " لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين " أخرجه أحمد (2 / 109 - ط الميمنية) وضعف إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (8 / 182 - ط المعارف) .