الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَحْرُمُ طَلَبُ الرِّشْوَةِ، وَبَذْلُهَا، وَقَبُولُهَا، كَمَا يَحْرُمُ عَمَل الْوَسِيطِ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي (1) .
غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - أَنْ يَدْفَعَ رِشْوَةً لِلْحُصُول عَلَى حَقٍّ، أَوْ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَوْ ضَرَرٍ، وَيَكُونُ الإِْثْمُ عَلَى الْمُرْتَشِي دُونَ الرَّاشِي (2) .
قَال أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُل عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بِالرِّشْوَةِ (3) .
وَفِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَال: إِذَا عَجَزْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَاسْتَعَنْتَ عَلَى ذَلِكَ بِوَالٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَثِمَ دُونَكَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ زَوْجَةً يُسْتَبَاحُ فَرْجُهَا، بَل يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لأَِنَّ مَفْسَدَةَ الْوَالِي أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ اسْتِعَانَتُكَ بِالأَْجْنَادِ يَأْثَمُونَ وَلَا تَأْثَمُ، وَكَذَلِكَ فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّادِرَ مِنَ الْمُعِينِ عِصْيَانٌ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ، وَالْجَحْدَ وَالْغَصْبَ عِصْيَانٌ وَمَفْسَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الاِسْتِعَانَةَ بِالْمَفْسَدَةِ - لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ - عَلَى دَرْءِ
(1) المغني 9 / 78، كشاف القناع 6 / 316، الزواجر 2 / 188، الكبائر للذهبي 142، نهاية المحتاج 8 / 243، نيل الأوطار 8 / 277، ابن عابدين 4 / 303، مواهب الجليل 6 / 120، المحلى 9 / 131، 157
(2)
كشاف القناع 6 / 316، نهاية المحتاج 8 / 243، القرطبي 6 / 183، ابن عابدين 4 / 304، الحطاب 6 / 121، المحلى 9 / 157، مطالب أولي النهى 6 / 479.
(3)
القرطبي 6 / 183.
مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا، كَفِدَاءِ الأَْسِيرِ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكُفَّارِ لِمَالِنَا حَرَامٌ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ مَفْسَدَةُ إِضَاعَةِ الْمَال، فَمَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ أَوْلَى أَنْ يُجَوَّزَ.
فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَسِيرًا نَحْوَ كِسْرَةٍ وَتَمْرَةٍ، حُرِّمَتْ الاِسْتِعَانَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يُبَاحُ بِالْيَسِيرِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الأَْثَرِ بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ بِالْحَبَشَةِ فَرَشَا بِدِينَارَيْنِ، حَتَّى خُلِّيَ سَبِيلُهُ. وَقَال: إِنَّ الإِْثْمَ عَلَى الْقَابِضِ دُونَ الدَّافِعِ (2) .
وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَانِعَ الرَّجُل عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ إِذَا خَافَ الظُّلْمَ (3) .
أَقْسَامُ الرِّشْوَةِ:
8 -
قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الرِّشْوَةَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا:
أ - الرِّشْوَةُ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالإِْمَارَةِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي.
ب - ارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِحَقٍّ؛ لأَِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
ج - أَخْذُ الْمَال لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، دَفْعًا
(1) حاشية الرهوني 7 / 313.
(2)
القرطبي 6 / 184.
(3)
كشاف القناع 6 / 316.