الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
وَرَدَتِ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالرِّجْل فِي عَدَدٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مِنْهَا مَا يَلِي:
أ -
الْوُضُوءُ:
2 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ غَسْل الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ - وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِل السَّاقِ وَالْقَدَمِ - مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. . .} (1) وَلِلأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي غَسْل الرِّجْلَيْنِ، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ فِي وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ غَسَل كُل رِجْلٍ ثَلَاثًا (2) . وَفِي لَفْظٍ: ثُمَّ غَسَل رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَل رِجْلَهُ الْيُسْرَى مِثْل ذَلِكَ (3) . وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَيْلٌ لِلأَْعْقَابِ مِنَ النَّارِ (4) وَذَلِكَ عِنْدَمَا رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ.
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً تَوَضَّأَ،
(1) سورة المائدة / 6.
(2)
حديث: " غسل كل رجل ثلاثًا. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 266 - ط السلفية) من حديث عثمان.
(3)
حديث: " ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين " أخرجه مسلم (1 / 205 - ط الحلبي) من حديث عثمان.
(4)
حديث: " ويل للأعقاب من النار " أخرجه مسلم (1 / 214 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو.
فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى (1) .
وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْمَسْحُ لَا الْغَسْل، وَذَلِكَ أَخْذًا بِقِرَاءَةِ مُهَاجِرٍ " أَرْجُلِكُمْ " فِي قَوْله تَعَالَى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (2) فَإِنَّهَا تَقْتَضِي كَوْنَ الأَْرْجُل مَمْسُوحَةً لَا مَغْسُولَةً.
وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ غَسْل الرِّجْلَيْنِ وَبَيْنَ مَسْحِهِمَا؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ قَدْ ثَبَتَ كَوْنُهَا قِرَاءَةً وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ مُقْتَضَيْهِمَا وَهُوَ وُجُوبُ الْغَسْل بِقِرَاءَةِ النَّصْبِ وَوُجُوبُ الْمَسْحِ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ، فَيُخَيَّرُ الْمُكَلَّفُ إِنْ شَاءَ عَمِل بِقِرَاءَةِ النَّصْبِ فَغَسَل، وَإِنْ شَاءَ عَمِل بِقِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَمَسَحَ، وَأَيُّهُمَا فَعَل يَكُونُ آتِيًا بِالْمَفْرُوضِ، كَمَا هُوَ الْحَال فِي الأَْمْرِ بِأَحَدِ الأَْشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (3) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وُضُوء، مَسْح) .
ب -
حَدُّ السَّرِقَةِ:
3 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حَدَّ السَّارِقِ قَطْعُ يَدِهِ
(1) حديث عمر: " أن رجلاً توضأ. . . . " أخرجه مسلم (1 / 215 - ط الحلبي) .
(2)
سورة المائدة / 6.
(3)
البدائع 1 / 5، والمجموع 1 / 417، والقوانين الفقهية ص 27، وجواهر الإكليل 1 / 14، والمغني لابن قدامة 1 / 132.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1) وَأَوَّل مَا يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ يَدُهُ الْيُمْنَى؛ لأَِنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى فَكَانَتِ الْبِدَايَةُ بِهَا أَرْدَعَ؛ وَلأَِنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ، فَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ بِقَطْعِهَا أَوْلَى.
4 -
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال فِي السَّارِقِ: إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ (2) وَلأَِنَّهُ فِي الْمُحَارَبَةِ الْمُوجِبَةِ قَطْعَ عُضْوَيْنِ إِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ، وَلَا تُقْطَعُ يَدَاهُ، وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّهُ إِنْ سَرَقَ ثَانِيًا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (3) وَلأَِنَّ الْيَدَ آلَةُ السَّرِقَةِ وَالْبَطْشِ فَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ بِقَطْعِهَا أَوْلَى، قَال ابْنُ قُدَامَةَ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْل - وَهَذَا شُذُوذٌ يُخَالِفُ قَوْل جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ مِنْ أَهْل الْفِقْهِ وَالأَْثَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
5 -
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا سَرَقَ ثَالِثًا بَعْدَ قَطْعِ
(1) سورة المائدة / 38.
(2)
حديث أبي هريرة: " إذا سرق السارق فاقطعوا يده " أخرجه الدراقطني (3 / 181 - ط دار المحاسن) وأعله شمس الحق العظيم آبادي في تعليقه عليه بضعف أحد رواته، ولكن له شاهد من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه أبو داود (4 / 565 - 566 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(3)
سورة المائدة / 38.
يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ بَل يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أُتِيَ بِسَارِقٍ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْل قَدْ سَرَقَ يُقَال لَهُ: سَدُومُ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنَّمَا عَلَيْهِ قَطْعُ يَدٍ وَرِجْلٍ، فَحَبَسَهُ عُمَرُ، وَلَمْ يَقْطَعْهُ.
وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ - الْيُمْنَى - ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ - الْيُسْرَى - ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّالِثَةَ وَقَدْ سَرَقَ، فَقَال لأَِصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَال: قَتَلْتُهُ إِذَنْ وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْل، لَا أَقْطَعُهُ، إِنْ قَطَعْتُ يَدَهُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُل الطَّعَامَ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِل مِنْ جَنَابَتِهِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَتَمَسَّحُ، وَإِنْ قَطَعْتُ رِجْلَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَمْشِي، بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ، إِنِّي لأََسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَبْطِشُ بِهَا، وَلَا رِجْلاً يَمْشِي عَلَيْهَا، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِخَشَبَةٍ وَحَبَسَهُ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَالثَّوْرِيُّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ إِنْ سَرَقَ ثَالِثًا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى. فَإِنْ سَرَقَ رَابِعًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي