الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْسْلَامِ كَانَ حَرَامًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، سَوَاءٌ جَرَى بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ، وَسَوَاءٌ دَخَلَهَا الْمُسْلِمُ بِأَمَانٍ أَمْ بِغَيْرِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ؛ وَلأَِنَّ مَا كَانَ رِبًا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ كَانَ رِبًا مُحَرَّمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا لَوْ تَبَايَعَهُ مُسْلِمَانِ مُهَاجِرَانِ وَكَمَا لَوْ تَبَايَعَهُ مُسْلِمٌ وَحَرْبِيٌّ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ؛ وَلأَِنَّ مَا حُرِّمَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ حُرِّمَ هُنَاكَ كَالْخَمْرِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ فَلَمْ يَصِحَّ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ هُنَاكَ (1) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَحْرُمُ الرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرَا مِنْهَا؛ لأَِنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ إِلَاّ أَنَّهُ بِالأَْمَانِ حُرِّمَ التَّعَرُّضُ لَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ تَحَرُّزًا عَنِ الْغَدْرِ وَنَقْضِ الْعَهْدِ، فَإِذَا رَضُوا بِهِ حَل أَخْذُ مَالِهِمْ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لأَِنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِالأَْمَانِ (2) .
مَسْأَلَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ:
38 -
إِذَا جَمَعَ الْبَيْعُ رِبَوِيًّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَبِيعِ مِنْهُمَا بِأَنِ اشْتَمَل أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ اشْتَمَل الآْخَرُ عَلَيْهِمَا، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ مِنْ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَكَذَا لَوِ
(1) المجموع 9 / 391، والمغني 4 / 45 - 46
(2)
رد المحتار 4 / 188، والاختيار 2 / 33
اشْتَمَل عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، أَوِ اشْتَمَلَا جَمِيعُهُمَا عَلَى جِنْسٍ رِبَوِيٍّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فِيهِمَا كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ، أَوِ اخْتَلَفَ نَوْعُ الْمَبِيعِ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عَنْ قِيمَةِ الصِّحَاحِ بِهِمَا أَيْ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَيْ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ بِمُكَسَّرَةٍ فَقَطْ. . . إِذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ بِمَسْأَلَةِ " مُدِّ عَجْوَةٍ ". وَالدَّلِيل عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَل (1) .
وَاسْتَدَل مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَال أَحَدِ طَرَفَيِ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الآْخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ، وَالتَّوْزِيعُ يُؤَدِّي إِلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوِ الْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا بَاعَ مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدَّيْنِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَل مِنْهُ لَزِمَتْهُ الْمُفَاضَلَةُ، أَوْ مِثْلَهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ
(1) حديث فضالة بن عبيد: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها خرز وذهب " أخرجه مسلم (3 / 1213 - ط الحلبي) .