الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الْقَوْل قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا كَالإِْكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَالْبَسْمَلَةِ عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا فِي غَيْرِ مَا سَبَقَ (1) .
الْعُقُودُ مَنُوطَةٌ بِالْقَوْل غَالِبًا:
3 -
لَمَّا كَانَتِ الأَْقْوَال تَعْرِيفًا وَدَلَالَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ جَعَل الشَّارِعُ لِلْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ صِيَغًا لَا تَتِمُّ إِلَاّ بِالْقَوْل بِهَا؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا تَصِحُّ إِلَاّ بِالرِّضَا كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلَاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (2)، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ (3) ، وَالرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ، فَنِيطَ الْحُكْمُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ الْقَوْل - وَهُوَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول (4) -.
قَبُول الْقَوْل فِي الدَّعْوَى:
4 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَوْل الْمُدَّعِي فِي
(1) القواعد للعز بن عبد السلام 1 / 190.
(2)
سورة النساء / 29.
(3)
حديث: " إنما البيع عن تراض ". أخرجه ابن ماجه (2 / 737) من حديث أبي سعيد الخدري وصحح إسناده البوصيري في الزوائد (2 / 10) .
(4)
مغني المحتاج 2 / 3، 238، إعلام الموقعين 3 / 105 وما بعدها، وجواهر الإكليل 2 / 2، بدائع الصنائع 5 / 133.
الدَّعْوَى يُقْبَل بِالْبَيِّنَةِ، وَعَلَى أَنَّ قَوْل الْمُنْكِرِ يُقْبَل بِالْيَمِينِ لِحَدِيثِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دَعْوَى ف 12) .
وَقَال السُّيُوطِيُّ: يُقْبَل الْقَوْل بِلَا يَمِينٍ فِي فُرُوعٍ:
مِنْهَا: مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَادَّعَى مُسْقِطًا لَهَا كَأَنْ يَقُول مَثَلاً: إِنَّ هَذَا النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْل أَوْ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ؛ لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَتُهُ.
وَمِنْهَا: مَنِ اكْتَرَى مَنْ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ مَثَلاً، فَقَال الأَْجِيرُ: حَجَجْتُ فَيُقْبَل قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ؛ لأَِنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُمْكِنُ، وَكَذَا لَوْ قَال لِلأَْجِيرِ: قَدْ جَامَعْتَ فِي إِحْرَامِكَ فَأَفْسَدْتَهُ، وَأَنْكَرَ الأَْجِيرُ قُبِل قَوْل الأَْجِيرِ، وَكَذَا لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ أَوْ قَتَل صَيْدًا فِي إِحْرَامِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ قُبِل قَوْل الأَْجِيرِ؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ فِي كُل ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: الأَْبُ أَوِ الْجَدُّ إِذَا طَلَبَ الإِْعْفَافَ وَادَّعَى الْحَاجَةَ إِلَى النِّكَاحِ قُبِل قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إِذْ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ تَحْلِيفُهُ فِي مِثْل ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إِذَا نَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَصَابَهَا، فَيُقْبَل قَوْلُهَا فِي حِلِّهَا
(1) حديث: " البينة على المدعي. . . ". أخرجه الدارقطني (3 / 110) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 39) بالإرسال وبضعف أحد رواته.