الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْأَةُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ حَقِّهَا، فَلَهَا أَنْ تَصْبِرَ وَتَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الْكِسْوَةِ، بَل يَفْرِضُ الْحَاكِمُ لَهَا الْكِسْوَةَ ثُمَّ يَأْمُرُهَا بِالاِسْتِدَانَةِ لِتُحِيل عَلَيْهِ (1) .
ثَانِيًا: الْكِسْوَةُ الْوَاجِبَةُ لِلْقَرِيبِ:
6 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى وُجُوبِ كِسْوَةِ الْقَرِيبِ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ، بِشَرْطِ الْيَسَارِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (2) .
وَلَا شَكَّ أَنَّ كِسْوَتَهَا مِنَ الإِْحْسَانِ الَّذِي أَمَرَتْ بِهِ الآْيَةُ، وقَوْله تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} إِلَى أَنْ قَال: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْل ذَلِكَ} (3) .
وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدَ رضي الله عنها: خُذِي مَا يَكْفِيكِ، وَوَلَدَكَ بِالْمَعْرُوفِ (4) .
وَالْوَاجِبُ فِي كِسْوَةِ الْقَرِيبِ هُوَ قَدْرُ الْكِفَايَةِ؛ لأَِنَّهَا وَجَبَتْ لِلْحَاجَةِ، فَتُقَدَّرُ بِمَا تَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ، مَعَ اعْتِبَارِ سِنِّهِ وَحَالِهِ وَعَادَةِ الْبَلَدِ.
(1) المصادر السابقة كلها الواردة في الصفحة السابقة عمود (1) هامش (1) .
(2)
سورة الإسراء / 23.
(3)
سورة البقرة / 233.
(4)
حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 507) من حديث عائشة.
قَال ابْنُ جُزَيٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَيَكُونُ قَدْرُهَا - أَيِ الْكِسْوَةِ - وَجَوْدَتُهَا عَلَى حَسَبِ حَال الْمُنْفِقِ وَعَوَائِدِ الْبِلَادِ (1) .
ثَالِثًا: الْكِسْوَةُ الْوَاجِبَةُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:
7 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كِسْوَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَحَدُ أَنْوَاعِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَأَنَّ الْحَالِفَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالإِْطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمِ الأَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (2) .
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ مِنَ الْكِسْوَةِ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّهَا تَتَقَدَّرُ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ رَجُلاً فَثَوْبٌ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَدِرْعٌ وَخِمَارٌ، أَيْ مَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا فِيهِ (3) ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ غَيْرُ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّ كِسْوَةَ الْمِسْكِينِ تَتَقَدَّرُ بِمَا يَصْلُحُ لأَِوْسَاطِ النَّاسِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَال الْقَابِضِ، وَقِيل: يُعْتَبَرُ فِي الثَّوْبِ حَال الْقَابِضِ، إِنْ كَانَ يَصْلُحُ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 678 وما بعدها، والقوانين الفقهية ص 222، ومغني المحتاج 3 / 446 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 7 / 594.
(2)
سورة المائدة / 89.
(3)
القوانين الفقهية ص 163، والمغني لابن قدامة 8 / 742 وابن عابدين 3 / 61.