الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْل - بِمَا سَيَكُونُ مِنْ دَيْنٍ مَوْعُودٍ بِهِ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - فِي الْجَدِيدِ - مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ قَبْل ثُبُوتِهِ، يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ فِي الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ قَبْل ثُبُوتِهِ لَا تُشْغَل بِهِ ذِمَّةٌ، فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْكَفَالَةِ (1) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ - رَغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَلْزَمْ - لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَ شَخْصٌ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَا بَذَلَهُ لِلآْخَرِ إِنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا وَرُدَّ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ بَعْدَهُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ ضَمَانَ الدَّرْكِ إِنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَل فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَا يَدْخُل الثَّمَنُ فِي ضَمَانِهِ إِلَاّ بِقَبْضِهِ، وَضَمَانُ الدَّرْكِ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إِنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ إِنْ أَخَذَ بِشُفْعَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْبَيْعِ بِبَيْعٍ آخَرَ، وَلَا يَخْتَصُّ ضَمَانُ الدَّرْكِ بِالثَّمَنِ بَل يَجْرِي فِي الْمَبِيعِ فَيَضْمَنُهُ لِلْبَائِعِ إِنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا أَوْ أَخَذَ بِشُفْعَةٍ سَابِقَةٍ (2) .
(1) تحفة المحتاج وحواشيها 5 / 217، والشرقاوي على التحرير 2 / 102، والقليوبي وعميرة 2 / 325 - 326.
(2)
فتح القدير 6 / 298، وبداية المجتهد 2 / 294، والشرقاوي على التحرير 2 / 121 - 122، والمغني 5 / 76 - 78، ومغني المحتاج 2 / 201.
أَمَّا الْجُعْل فِي الْجَعَالَةِ فَأَجَازَ الْكَفَالَةَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْكَفَالَةُ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْعَمَل أَوْ كَانَتْ بَعْدَهُ لأَِنَّهُ آيِلٌ إِلَى اللُّزُومِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالْجُعْل قَبْل الْفَرَاغِ مِنَ الْعَمَل؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ آيِلٍ لِلُّزُومِ بِنَفْسِهِ، بَل بِالْعَمَل، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَل (1) .
ب -
كَفَالَةُ الْعَيْنِ:
24 -
الْمَقْصُودُ بِضَمَانِ الْعَيْنِ أَوْ كَفَالَتِهَا: أَنْ يَلْتَزِمَ الْكَفِيل بِرَدِّ عَيْنِهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَبِرَدِّ مِثْلِهَا أَوْ قِيمَتِهَا إِذَا تَلِفَتْ، وَلِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ كَفَالَةِ الأَْعْيَانِ تَفْصِيلٌ يَرْجِعُ إِلَى ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّةِ الأَْصِيل أَوْ عَدَمِ ثُبُوتِهِ، وَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:
قَدْ يَكُونُ الْمَكْفُول بِهِ مِنَ الأَْعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا أَوْ مَضْمُونَةً بِغَيْرِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْمَكْفُول بِهِ أَمَانَةً فِي يَدِ حَائِزِهِ، فَهَذِهِ حَالَاتٌ ثَلَاثٌ تَفْصِيلُهَا كَمَا يَلِي:
1 - الْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا:
25 -
هِيَ الَّتِي يَجِبُ عَلَى حَائِزِهَا أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى صَاحِبِهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ يَرُدَّ مِثْلَهَا أَوْ
(1) فتح القدير 6 / 298، والدسوقي 3 / 333، وقليوبي وعميرة 2 / 326، والمغني 5 / 74.