الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْعَرَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَالْعَجَمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ ابْنَتَيْهِ عُثْمَانَ، وَزَوَّجَ عَلِيٌّ عُمَرَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (1) .
وَالْكَفَاءَةُ فِي النَّسَبِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .
ج -
الْحُرِّيَّةُ:
9 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ الْحُرِّيَّةَ مِنْ خِصَال الْكَفَاءَةِ، فَلَا يَكُونُ الْقِنُّ أَوِ الْمُبَعَّضُ أَوِ الْمُدَبَّرُ أَوِ الْمُكَاتَبُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ وَلَوْ عَتِيقَةً؛ لأَِنَّهَا تَتَعَيَّرُ بِهِ، إِذِ النَّقْصُ وَالشَّيْنُ بِالرِّقِّ فَوْقَ النَّقْصِ وَالشَّيْنِ بِدَنَاءَةِ النَّسَبِ؛ وَلأَِنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِنِكَاحِهِ لأَِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ، غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ، مَشْغُولٌ عَنِ امْرَأَتِهِ بِحُقُوقِ سَيِّدِهِ، وَمِلْكُ السَّيِّدِ رَقَبَتَهُ يُشْبِهُ مِلْكَ الْبَهِيمَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3) ، وَلَوْ كَانَ
(1) المغني 4 / 166.
(2)
جواهر الإكليل 6 / 483.
(3)
حديث عائشة: " أن بريرة أعتقت فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 138) ، ومسلم (3 / 1143) .
زَوْجُهَا حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا (1) ، وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ أَوْ عَدَمِهَا فِي تَأَوُّلَيْنِ.
فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ نِكَاحَ الْعَبْدِ عَرَبِيَّةً، وَقَال عَبْدُ الْبَاقِي: إِنَّهُ الأَْحْسَنُ وَرَجَّحَ الدَّرْدِيرُ عَدَمَ كَفَاءَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرَّةِ، وَقَال الدُّسُوقِيُّ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ (2) .
د -
الْحِرْفَةُ:
10 -
الْحِرْفَةُ مَا يُطْلَبُ بِهِ الرِّزْقُ مِنَ الصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَالْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ، كَمُلَابَسَةِ الْقَاذُورَاتِ (3) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ - وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الرِّوَايَةِ الْمُعْتَمَدَةِ عَنْ أَحْمَدَ - إِلَى اعْتِبَارِ الْحِرْفَةِ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّهُ فَضَّل بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} ، أَيْ فِي سَبَبِهِ، فَبَعْضُهُمْ يَصِل إِلَيْهِ بِعِزٍّ وَرَاحَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِذُلٍّ وَمَشَقَّةٍ؛ وَلأَِنَّ النَّاسَ يَتَفَاخَرُونَ بِشَرَفِ الْحِرَفِ وَيَتَعَيَّرُونَ بِدَنَاءَتِهَا.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ
(1) بدائع الصنائع 2 / 319، والمبسوط 5 / 24 - 25، ونهاية المحتاج 6 / 251، ومغني المحتاج 3 / 165، والمغني 6 / 484، ومطالب أولي النهى 5 / 85.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 288، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 461 - 462، وحاشية الدسوقي 2 / 250.
(3)
نهاية المحتاج 6 / 353، ومغني المحتاج 3 / 166.
الْحِرْفَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ الاِنْتِقَال وَالتَّحَوُّل عَنِ الْخَسِيسَةِ إِلَى النَّفِيسَةِ مِنْهَا، فَلَيْسَتْ وَصْفًا لَازِمًا.
وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، حَيْثُ قَال: إِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ فَاحِشَةً. .
كَحِرْفَةِ الْحَجَّامِ وَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ، فَلَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمْ كُفْءَ بِنْتِ الْعَطَّارِ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالْجَوْهَرِيِّ.
وَوَفْقَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لَا يَكُونُ الرَّجُل صَاحِبُ الصِّنَاعَةِ أَوِ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ أَوِ الْخَسِيسَةِ كُفْءَ بِنْتِ صَاحِبِ الصِّنَاعَةِ أَوِ الْحِرْفَةِ الرَّفِيعَةِ أَوِ الشَّرِيفَةِ. . لِمَا سَبَقَ، وَلِمَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ مِنْ أَنَّهُ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَشْبَهَ نَقْصَ النَّسَبِ، وَلِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ: الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَفِي آخِرِهِ " إِلَاّ حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ (1) "، قِيل لأَِحْمَدَ: كَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ وَأَنْتَ تُضَعِّفُهُ؟ قَال: الْعَمَل عَلَيْهِ، يَعْنِي أَنَّهُ مُوَافِقٌ لأَِهْل الْعُرْفِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَثْبُتُ الْكَفَاءَةُ بَيْنَ الْحِرْفَتَيْنِ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ، كَالْبَزَّازِ مَعَ الْبَزَّازِ، وَالْحَائِكِ مَعَ الْحَائِكِ، وَتَثْبُتُ عِنْدَ اخْتِلَافِ جِنْسِ الْحِرْفَةِ إِذَا كَانَ يُقَارِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَالْبَزَّازِ مَعَ الصَّائِغِ، وَالصَّائِغِ مَعَ الْعَطَّارِ، وَلَا تَثْبُتُ
(1) حديث: " العرب بعضهم أكفاء لبعض. . . " تقدم تخريجه ف (8) .
فِيمَا لَا مُقَارَبَةَ بَيْنَهُمَا، كَالْعَطَّارِ مَعَ الْبَيْطَارِ، وَالْبَزَّازِ مَعَ الْخَرَّازِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الاِعْتِبَارُ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ لِبَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا لِبَلَدِ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَعْيِيرِهَا أَوْ عَدَمِهِ، وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِحِرَفِ بَلَدِهَا، أَيِ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ.
قَال الرَّمْلِيُّ: حِرْفَةُ الآْبَاءِ - كَحِرْفَةِ الزَّوْجِ - مُعْتَبَرَةٌ فِي الْكَفَاءَةِ، وَالأَْوْجَهُ أَنَّ كُل ذِي حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ لَيْسَ كُفْءَ الَّذِي حِرْفَتُهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهَا لِلنَّجَاسَةِ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحِرَفِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا تَفَاضُلاً مُتَسَاوِيَةٌ إِلَاّ إِنِ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِتَفَاوُتِهَا. . وَقَال: مَنْ لَهُ حِرْفَتَانِ: دَنِيَّةٌ وَرَفِيعَةٌ اعْتُبِرَ مَا اشْتُهِرَ بِهِ، وَإِلَاّ غَلَبَتِ الدَّنِيَّةُ، بَل لَوْ قِيل بِتَغْلِيبِهَا مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ؛ لأَِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَعْيِيرِهِ بِهَا. (1)
وَأَضَافَ الْقَلْيُوبِيُّ: لَوْ تَرَكَ حِرْفَةً لأَِرْفَعَ مِنْهَا أَوْ عَكْسِهِ، اعْتُبِرَ قَطْعُ نِسْبَتِهِ عَنِ الأُْولَى، وَلَيْسَ تَعَاطِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لِتَوَاضُعٍ أَوْ كَسْرِ نَفْسٍ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ مُضِرًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَالْعِلْمِ - بِشَرْطِ عَدَمِ الْفِسْقِ - وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ أَرْفَعُ الْحِرَفِ كُلِّهَا، فَيُكَافِئَانِ سَائِرَ الْحِرَفِ، فَلَوْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهَا إِلَى قَاضٍ لِيُزَوِّجَهَا، لَا يُزَوِّجُهَا إِلَاّ مِنَ ابْنِ عَالِمٍ
(1) بدائع الصنائع 2 / 320، والاختيار 3 / 99، وفتح القدير 2 / 424، ونهاية المحتاج 6 / 353، ومغني المحتاج 3 / 166، والمغني 6 / 485، ومطالب أولي النهى 5 / 186.