الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ، وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل أَنْ يَنْظُرَ بِكَمْ يُسْتَأْجَرُ إِذَا كَانَ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْجَدِكِ بِلَا زِيَادَةِ ضَرَرٍ وَلَا زِيَادَةِ رَغْبَةٍ مِنْ شَخْصٍ خَاصٍّ، بَل الْعِبْرَةُ بِالأُْجْرَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا الأَْكْثَرُ (1) .
فَلَوْ زَادَ أَجْرُ الْمِثْل بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةً فَاحِشَةً، فَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ بِالأُْجْرَةِ الزَّائِدَةِ، وَقَبُول الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ يَكْفِي عَنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ (2) ، وَالْمُرَادُ زِيَادَةُ أَجْرِ مِثْل الْوَقْفِ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ الْكُل بِلَا زِيَادَةِ أَحَدٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ زِيَادَةَ تَعَنُّتٍ أَيْ إِضْرَارٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَلَا الزِّيَادَةُ بِعِمَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ (3) .
ج - عَدَمُ الضَّرَرِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْقُنْيَةِ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَقْفًا وَغَرَسَ فِيهَا وَبَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا بِأَجْرِ الْمِثْل إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ (4) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ: لَوْ حَصَل ضَرَرٌ مَا، بِأَنْ كَانَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ مُتَغَلِّبًا يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ،
(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 200.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 398 - 399.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 399.
(4)
الفتاوى الخيرية 1 / 172.
لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ. اهـ. وَأَضَافَ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الإِْسْعَافِ وَغَيْرِهِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الإِْجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ.
وَقَال الْعَلَاّمَةُ قَنْلِي زَادَهْ: يَجِبُ عَلَى كُل قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ، وَعَلَى كُل قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ، أَنْ يَنْظُرَ فِي الأَْوْقَافِ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ، أَنْ يَفْسَخَ الإِْجَارَةَ، وَيَرْفَعَ بِنَاءَهُ وَغَرْسَهُ، أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الأُْجْرَةِ، وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالأَْرْضِ (1) .
وَفِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ: حَانُوتٌ أَصْلُهُ وَقْفٌ، وَعِمَارَتُهُ لِرَجُلٍ، وَهُوَ لَا يَرْضَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضَهُ بِأَجْرِ الْمِثْل، قَالُوا: إِنْ كَانَتِ الْعِمَارَةُ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَتْ يُسْتَأْجَرُ الأَْصْل بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ كُلِّفَ رَفْعَهُ، وَيُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَاّ يُتْرَكْ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الأَْجْرِ (2) .
ثَانِيًا: وَضْعُ الْكَدِكِ فِي الأَْمْلَاكِ الْخَاصَّةِ:
8 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْكَدِكُ الْمُسَمَّى بِالسُّكْنَى قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ، فَلِصَاحِبِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ بِأَجْرِ الْمِثْل، أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَدِكُ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ، فَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ بِرَفْعِ الْكَدِكِ (3)
(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 115.
(2)
الفتاوى الخيرية 1 / 180.
(3)
تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 200.
لأَِنَّ الإِْجَارَةَ تَنْتَهِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ إِجْمَاعًا (1) .
وَالْفَرْقُ - كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ - أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ عَنْ إِيجَارِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعَطِّلَهُ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلإِْيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إِلَاّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إِيجَارِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، لِمَا فِيهِ مِنَ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ (2) .
قَال خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا كَذَلِكَ إِنْ أَبَى الْمَالِكُ إِلَاّ الْقَلْعَ، بَل يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ، إِلَاّ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الأَْغْرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الأَْرْضِ فَإِذَنْ لَا يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ بَل يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الأَْرْضِ لِلْمَالِكِ، فَتَكُونُ الأَْغْرَاسُ وَالأَْرْضُ لِلْغَارِسِ، وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ لِلْغَارِسِ قِيمَةَ الأَْغْرَاسِ فَتَكُونُ الأَْرْضُ وَالأَْشْجَارُ لَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ (3) .
قَال الأَْتَاسِيُّ بَعْدَ نَقْل هَذَا الْقَوْل: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى أَوْ غَرَسَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ. . . وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ أَوِ الْغَرْسُ
(1) الفتاوى الخيرية 1 / 173.
(2)
تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 200.
(3)
الفتاوى الخيرية 1 / 172.
بِدُونِ إِذْنِ مَالِكِ الأَْرْضِ، فَلَيْسَ إِلَاّ الْقَلْعُ أَوْ تَخْيِيرُ الْمَالِكِ بَيْنَ تَكْلِيفِهِ بِهِ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ، إِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالأَْرْضِ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (1) .
أَمَّا وَضْعُ الْكَدِكِ الْمُتَّصِل اتِّصَال قَرَارٍ قَصْدًا بِتَعَاقُدٍ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَاحِبِ الْحَانُوتِ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ حَقَّ الْقَرَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ وَلَا إِجَارَتَهُ لِغَيْرِهِ (2) .
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ قَال عُلَيْشٌ: إِنَّ الْخُلُوَّ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدِكُ الْمُتَعَارَفُ فِي حَوَانِيتِ مِصْرَ، فَإِنْ قَال قَائِلٌ: الْخُلُوُّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْمِلْكِ، قِيل لَهُ: إِذَا صَحَّ فِي وَقْفٍ فَالْمِلْكُ أَوْلَى لأَِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ، نَعَمْ بَعْضُ الْجَدِكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إِصْلَاحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ، خُصُوصًا وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحَكْرِ لِلْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدِكِ، وَبَعْضُ الْجَدِكَاتِ أُمُورٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْمَكَانِ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ فِيهِ، كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ، فَهَذِهِ بَعِيدَةُ الْخَلَوَاتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ
(1) شرح المجلة للأتاسي 2 / 515 - 516.
(2)
الفتاوى المهدية 5 / 26.