الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسُّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كُتُبَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ:
15 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كُتُبَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِكُتُبِ التَّفْسِيرِ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنْ يَمَسَّهَا غَيْرُ الْمُتَطَهِّرِ؛ لأَِنَّهَا لَا تُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا بِالْمَسِّ كَمَا قَال ابْنُ مَرْزُوقٍ.
وَعَامَّةُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَنْعِ مَسِّ لَفْظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، قَال فِي السِّرَاجِ عَنِ الإِْيضَاحِ: لَا يَجُوزُ مَسُّ مَوْضِعِ الْقُرْآنِ مِنْهَا، أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ التَّفْسِيرِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ، وَقَوْلٌ بِعَدَمِهَا، وَالثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ فِي التَّفْسِيرِ دُونَ غَيْرِهِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْقَوْل الثَّالِثُ هُوَ الأَْظْهَرُ وَالأَْحْوَطُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ فِي التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ الْمَسُّ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ جَازَ مَسُّهُ.
وَقَال ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ مَسُّ التَّفَاسِيرِ الَّتِي فِيهَا آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ (1) .
(1) ابن عابدين 1 / 119، وحاشية الدسوقي 1 / 125، والشرح الصغير 1 / 151، ومغني المحتاج 1 / 37، وكشاف القناع 1 / 135.
16 -
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِي مَسِّ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ - غَيْرِ الْقُرْآنِ - كَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ.
فَأَجَازَ مَسَّهَا لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ مَسُّهَا وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَدَّلَةٍ، إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: إِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ (1) .
وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْحَنَفِيَّةِ، فَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: قَال الشَّيْخُ إِسْمَاعِيل: وَفِي الْمُبْتَغَى. وَلَا يَجُوزُ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ. وَعَلَّل بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ ذَلِكَ بِاشْتِرَاكِ سَائِرِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فِي وُجُوبِ التَّعْظِيمِ، لَكِنَّهُ قَال: نَعَمْ، يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ بِمَا لَمْ يُبَدَّل.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسُّ، فَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: الظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَسِّ، قَال فِي النَّهْرِ: وقَوْله تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ} (2) ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِلْقُرْآنِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِهِ (3) .
17 -
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ
(1) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 125، ومغني المحتاج 1 / 37، وكشاف القناع 1 / 135.
(2)
سورة الواقعة / 79.
(3)
حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 1 / 116 - 117.