الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا ضَمِنَ شَخْصٌ لآِخَرَ مَعْرِفَةَ إِنْسَانٍ، كَأَنْ جَاءَ إِنْسَانٌ إِلَى آخَرَ يَسْتَدِينُ مِنْهُ - مَثَلاً - فَقَال لَهُ: لَا أَعْرِفُكَ فَلَا أُعْطِيكَ، فَجَاءَ شَخْصٌ وَضَمِنَ لَهُ مَعْرِفَتَهُ، فَدَايَنَهُ، ثُمَّ غَابَ الْمُسْتَدِينُ أَوْ تَوَارَى، أَخَذَ الضَّامِنَ بِالدَّيْنِ، مَا لَمْ يُعَرِّفِ الدَّائِنَ بِالْمَدِينِ (1) .
ثَانِيًا: عَلَاقَةُ الْكَفِيل بِالْمَكْفُول عَنْهُ:
39 -
إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، فَإِنَّ الْكَفِيل يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ لِلدَّائِنِ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:
أ -
مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ:
40 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ إِذَا كَانَتْ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، ثَبَتَ لِلْكَفِيل الْحَقُّ فِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ إِذَا طَالَبَهُ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ، وَيَثْبُتَ لَهُ الْحَقُّ كَذَلِكَ فِي مُلَازَمَتِهِ إِذَا لَازَمَهُ الدَّائِنُ، وَالْحَقُّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحَبْسِهِ إِذَا مَا طَالَبَ الدَّائِنَ بِحَبْسِ الْكَفِيل، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ الْمَدِينَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيمَا صَارَ إِلَيْهِ، فَحُقَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِثْل مَا يُعَامَل بِهِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدِينِ
(1) كشاف القناع 3 / 362 وما بعدها، ومطالب أولي النهى 3 / 316 وما بعدها، والمغني والشرح الكبير 5 / 96 وما بعدها.
فَلَيْسَ لِلْكَفِيل الْحَقُّ فِي مُطَالَبَتِهِ بِذَلِكَ، لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْكَفَالَةِ وَبِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ إِلْزَامِ غَيْرِهِ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلضَّامِنِ الْحَقَّ فِي مُطَالَبَةِ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ إِلَى الدَّائِنِ لِيَخْلَصَ مِنَ الضَّمَانِ، وَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل، سَوَاءٌ طَالَبَهُ الدَّائِنُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِ الْمَدِينِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدِينَ بِتَسْلِيمِ مَا بِهِ الْوَفَاءُ إِلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ إِلَى الدَّائِنِ؛ لأَِنَّ الْمَدِينَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ إِذَا ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ، لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَدْخُل فِي الضَّمَانِ بِإِذْنِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ مِنْهُ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، ثُمَّ طَالَبَهُ الدَّائِنُ، جَازَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ إِذَا غَرِمَ جَازَ لَهُ كَذَلِكَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ إِذَا طُولِبَ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَمْ يُطَالِبْهُ الدَّائِنُ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مُطَالَبَةَ الْمَدِينِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ قَبْل أَنْ يَغْرَمَ لَمْ يَكُنْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 11، والزيلعي والشلبي 4 / 156.
(2)
الدسوقي والدردير 3 / 340، ومنح الجليل 3 / 261 وما بعدها.