الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (تَوْثِيقٌ ف 12) .
ثَالِثًا: الْكِتَابُ بِمَعْنَى كُتُبِ الْعِلْمِ:
13 -
يَأْتِي الْكِتَابُ بِمَعْنَى كُتُبِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ شَرْعِيَّةً أَمْ غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ: الْكِتَابُ هُوَ الَّذِي يَشْتَمِل عَلَى الْمَسَائِل سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً مِنْ فَنٍّ أَوْ فُنُونٍ، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ (1) .
وَيَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا:
الاِسْتِنْجَاءُ بِالْكُتُبِ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِمُحْتَرَمٍ كَالْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ؛ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الشَّرِيعَةِ وَالاِسْتِخْفَافِ بِحُرْمَتِهَا (2) .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْكُتُبِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَمَثَّلُوا لَهَا بِكُتُبِ السَّحَرِ وَالْفَلْسَفَةِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل إِذَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهَذِهِ الْكُتُبِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ - أَيْ لِشَرَفِهَا -
(1) الكليات للكفوي 2 / 386، وأسنى المطالب 1 / 4.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 227، وحاشية الدسوقي 1 / 113، والحطاب 1 / 287، ونهاية المحتاج 1 / 132، وكشاف القناع 1 / 69، والمغني 1 / 158.
قَال إِبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: مَحَل كَوْنِ الْحُرُوفِ لَهَا حُرْمَةٌ إِذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ، وَإِلَاّ فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَال عَلِيٌّ الأََجْهُورِيُّ: الْحُرُوفُ لَهَا حُرْمَةٌ سَوَاءٌ كُتِبَتْ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ (1) .
وَقَال الْحَطَّابُ: لَا يَجُوزُ الاِسْتِجْمَارُ بِالْمَكْتُوبِ وَلَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلاً كَالسِّحْرِ؛ لأَِنَّ الْحُرْمَةَ لِلْحُرُوفِ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كُتِبَتْ فِي أَثْنَاءِ مَا تَجِبُ إِهَانَتُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل بَعْدَ تَحْرِيفِهِمَا، فَيَجُوزُ إِحْرَاقُهَا وَإِتْلَافُهَا، وَلَا يَجُوزُ إِهَانَتُهَا؛ لأَِنَّ الاِسْتِنْجَاءَ بِهَذِهِ الْكُتُبِ إِهَانَةٌ لِمَكَانِ مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فَإِنَّ حُرْمَةَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُبَدَّل عَلَى وَجْهٍ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ مِنَ الْكُتُبِ كَكُتُبِ الْفَلْسَفَةِ وَكَذَا التَّوْرَاةُ وَالإِْنْجِيل إِذَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا وَخُلُوُّهُمَا عَنِ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ (3) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: نَقَلُوا عِنْدَنَا أَنَّ لِلْحُرُوفِ حُرْمَةً وَلَوْ مُقَطَّعَةً، وَذَكَرَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ أَنَّ حُرُوفَ الْهِجَاءِ قُرْآنٌ أُنْزِلَتْ عَلَى هُودٍ عليه السلام، وَمُفَادُهُ الْحُرْمَةُ بِالْمَكْتُوبِ مُطْلَقًا (4) .
(1) حاشية الدسوقي 1 / 113.
(2)
الحطاب 1 / 287.
(3)
نهاية المحتاج 1 / 132.
(4)
حاشية ابن عابدين 1 / 227.