الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ؟ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ فَقَالُوا: نَحْنُ، فَقَال: كُلُّكُمْ خَيْرٌ مِنْهُ (1) .
وَجَاءَ فِي الْمَبْسُوطِ: قَال قَوْمٌ: إِنَّ الْكَسْبَ يَنْفِي التَّوَكُّل عَلَى اللَّهِ أَوْ يُنْقِصُ مِنْهُ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالتَّوَكُّل قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2) فَمَا يَتَضَمَّنُ نَفْيَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ التَّوَكُّل يَكُونُ حَرَامًا، وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ يَنْفِي التَّوَكُّل قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا (3) .
وَهُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ (4) .
أَنْوَاعُ الْكَسْبِ:
10 -
إِنَّ حَاجَةَ الإِْنْسَانِ لِلْمَادَّةِ لَازِمَةٌ لَا يَعْرَى مِنْهَا بَشَرٌ، فَإِذَا عَدِمَ الْمَادَّةَ الَّتِي هِيَ قِوَامُ نَفْسِهِ لَمْ تَدُمْ لَهُ حَيَاةٌ، وَلَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ دُنْيَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَيْهِ لَحِقَهُ مِنَ الْوَهَنِ فِي نَفْسِهِ وَالاِخْتِلَال فِي دُنْيَاهُ بِقَدْرِ مَا تَعَذَّرَ مِنَ الْمَادَّةِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ الْقَائِمَ بِغَيْرِهِ يَكْمُل بِكَمَالِهِ، وَيَخْتَل بِاخْتِلَالِهِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَتِ الْمَوَادُّ مَطْلُوبَةً
(1) حديث أبي قلابة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرافق بين أصحابه. . . " أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2 / 356) مرسلاً.
(2)
سورة المائدة / 23.
(3)
حديث: " لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله. . . " أخرجه الترمذي (4 / 573) من حديث عمر بن الخطاب، وقال: حديث حسن صحيح.
(4)
المبسوط 30 / 247، وانظر الكسب ص 37 وما بعدها.
لِحَاجَةِ الْكَافَّةِ إِلَيْهَا، أَعْوَزَتْ بِغَيْرِ طَلَبٍ (1) .
ثُمَّ إِنَّهُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ جَعَل سَدَّ حَاجَةِ النَّاسِ وَتَوَصُّلَهُمْ إِلَى مَنَافِعِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: بِمَادَّةٍ وَكَسْبٍ.
فَأَمَّا الْمَادَّةُ فَهِيَ حَادِثَةٌ عَنِ اقْتِنَاءِ أُصُولٍ نَامِيَةٍ بِذَوَاتِهَا.
وَأَمَّا الْكَسْبُ فَيَكُونُ بِالأَْفْعَال الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْمَادَّةِ، وَالتَّصَرُّفُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَقَلُّبٌ فِي تِجَارَةٍ،
وَالثَّانِي: تَصَرُّفٌ فِي صِنَاعَةٍ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ هُمَا فَرْعٌ لِوَجْهَيِ الْمَادَّةِ، فَصَارَتْ أَسْبَابُ الْمَوَادِّ الْمَأْلُوفَةِ وَجِهَاتُ الْمَكَاسِبِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: نَمَاءُ زِرَاعَةٍ، وَنِتَاجُ حَيَوَانٍ، وَرِبْحُ تِجَارَةٍ، وَكَسْبُ صِنَاعَةٍ (2) .
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمَكَاسِبِ الْمُخْتَلِفَةِ:
11 -
قَال السَّرَخْسِيُّ: الْمَكَاسِبُ أَرْبَعَةٌ: الإِْجَارَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالزِّرَاعَةُ وَالصِّنَاعَةُ وَكُل ذَلِكَ فِي الإِْبَاحَةِ سَوَاءٌ (3) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ أَفْضَل أَنْوَاعِ الْكَسْبِ الْجِهَادُ؛ لأَِنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ حُصُول الْكَسْبِ وَإِعْزَازِ الدِّينِ وَقَهْرِ عَدُوِّ اللَّهِ (4) .
(1) أدب الدنيا والدين للماوردي ص333 - 334.
(2)
أدب الدنيا والدين للماوردي ص335 - 336، وانظر روضة الطالبين 3 / 281.
(3)
المبسوط 30 / 258 - 259، والكسب ص 63.
(4)
الاختيار 4 / 171، والفتاوى الهندية 5 / 349.