الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَكُنْ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّهُ قَائِفٌ (1) ، وَرَأَى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْقَائِفَ إِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ بَعْدَ الإِْلْحَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِلَاّ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي اسْتَخْلَفَهُ وَجَعَلَهُ حَاكِمًا بَيْنَهُمَا جَازَ، وَنَفَذَ حُكْمُهُ بِمَا رَآهُ، وَإِلَاّ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ وَإِلْحَاقِهِ حَتَّى يَحْكُمَ الْحَاكِمُ (2) .
د - حَيَاةُ مَنْ يُرَادُ إِثْبَاتُ نَسَبِهِ بِالْقِيَافَةِ، وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل: أَنَّهَا إِنْ وَضَعَتْهُ تَمَامًا مَيِّتًا لَا قَافَةَ فِي الأَْمْوَاتِ، وَنَقَل الصَّقَلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ: إِنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ، قَال الْحَطَّابُ: وَيُحْتَمَل رَدُّهُمَا إِلَى وِفَاقٍ؛ لأَِنَّ السَّمَاعَ (أَيْ لاِبْنِ الْقَاسِمِ) فِيمَنْ وُلِدَ مَيِّتًا، وَقَوْل سَحْنُونَ فِيمَا وُلِدَ حَيًّا (3) .
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ حَيَاةَ الْمَقُوفِ، فَإِذَا كَانَ مَيِّتًا جَازَ إِثْبَاتُ نَسَبِهِ بِالْقَافَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يُدْفَنْ (4) .
هـ - حَيَاةُ مَنْ يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ: اشْتَرَطَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ حَيَاةَ الْمُلْحَقِ بِهِ، فَعَنْ سَحْنُونَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ إِلَاّ بِأَبٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ فَلَا قَوْل لِلْقَافَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ
(1) حاشية الجمل 5 / 436.
(2)
المرجع السابق.
(3)
مواهب الجليل 5 / 248.
(4)
مغني المحتاج 4 / 489.
جِهَةِ قَرَابَتِهِ إِذْ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى شَبَهِ غَيْرِ الأَْبِ (1) ، وَيَجُوزُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَرْضُ الأَْبِ عَلَى الْقَافَةِ إِنْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ، جَاءَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ إِلَاّ عَلَى أَبٍ مَوْجُودٍ بِالْحَيَاةِ. قَال بَعْضُهُمْ: أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ، قِيل: وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْعَصَبَةِ (2) .
وَلَا يَشْتَرِطُ هَذَا الشَّرْطَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (3) .
اخْتِلَافُ الْقَافَةِ:
10 -
إِذَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْقَافَةِ جُمِعَ بَيْنَهَا إِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَلْحَقَ أَحَدُ الْقَائِفِينَ نَسَبَ اللَّقِيطِ بِرَجُلٍ، وَأَلْحَقَهُ الآْخَرُ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَتَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ.
وَتَفْرِيعًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْل قَائِفَيْنِ اثْنَيْنِ خَالَفَهُمَا قَائِفٌ ثَالِثٌ، كَبَيْطَارَيْنِ خَالَفَهُمَا بَيْطَارٌ فِي عَيْبٍ وَكَطَبِيبَيْنِ خَالَفَهُمَا طَبِيبٌ فِي عَيْبٍ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ (4) ، وَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمَا شَاهِدَانِ فَقَوْلُهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْل شَاهِدٍ وَاحِدٍ، لَكِنْ لَا يَتَرَجَّحُ قَوْل ثَلَاثَةِ قَافَةٍ عَلَى قَوْل قَائِفَيْنِ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ
(1) التاج والإكليل للمواق بهامش مواهب الجليل 5 / 248.
(2)
تبصرة الحكام 2 / 109.
(3)
مغني المحتاج 4 / 489، ومنتهى الإرادات 2 / 487.
(4)
منتهى الإرادات 2 / 488.
فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ قُدَامَةَ (1) .
أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ وَلَا التَّرْجِيحُ، كَأَنْ يُلْحِقَ الْقَائِفُ الْمَقُوفَ بِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ، وَيُلْحِقَهُ الآْخَرُ بِغَيْرِهِ، فَفِيهِ خِلَافُ الْفُقَهَاءِ: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ إِلَاّ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَيُؤَخَّرُ الْوَلَدُ إِذْ قَضَى الْقَافَةُ بِاشْتِرَاكِ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِيهِ إِلَى حِينِ بُلُوغِهِ، فَيُخَيَّرُ فِي الاِلْتِحَاقِ بِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ، بِنَاءً عَلَى مَا يَنْعَقِدُ مِنْ مَيْلٍ فِطْرِيٍّ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأَصْلِهِ قَدْ يُعِينُهُ عَلَى التَّعَرُّفِ عَلَيْهِ، جَاءَ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: الْحُكْمُ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا قَضَى الْقَافَةُ بِالاِشْتِرَاكِ أَنْ يُؤَخَّرَ الصَّبِيُّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَيُقَال لَهُ: وَال أَيَّهُمَا شِئْتَ، وَلَا يُلْحَقُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ (2) .
وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: لَوْ عَدِمَ الْقَائِفُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ أَشْكَل عَلَيْهِ الْحَال بِأَنْ تَحَيَّرَ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، وُقِفَ الأَْمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلاً وَيَخْتَارَ الاِنْتِسَابَ إِلَى أَحَدِهِمَا بِحَسَبِ الْمَيْل الَّذِي يَجِدُهُ، وَيُحْبَسُ لِيَخْتَارَ إِنِ امْتَنَعَ مِنَ الاِنْتِسَابِ، إِلَاّ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَيْلاً إِلَى أَحَدِهِمَا فَيُوقَفُ الأَْمْرُ.
وَلَا يُقْبَل رُجُوعُ قَائِفٍ إِلَاّ قَبْل الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ
(1) المغني 5 / 770.
(2)
بداية المجتهد 2 / 328.
بِقَوْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَكَذَا لَا يُصَدَّقُ لِغَيْرِ الآْخَرِ إِلَاّ بَعْدَ مُضِيِّ إِمْكَانِ تَعَلُّمِهِ مَعَ امْتِحَانٍ لَهُ بِذَلِكَ.
وَلَوِ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولاً نَسَبَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ عَمَلاً بِإِقْرَارِهِ دُونَهَا، لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى، وَإِنِ ادَّعَتْهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، امْرَأَةٌ أُخْرَى وَأَنْكَرَهُ زَوْجُهَا، وَأَقَامَ زَوْجُ الْمُنْكِرَةِ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فَيَسْقُطَانِ، وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَهَا، وَكَذَا زَوْجُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ الإِْسْنَوِيُّ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، أَوْ بِالرَّجُل لَحِقَهُ وَزَوْجَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَالأَْصَحُّ كَمَا قَال الإِْسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ قَائِفٍ بِقَوْل قَائِفٍ آخَرَ، وَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِالأَْشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ، وَآخَرُ بِالأَْشْبَاهِ الْخَفِيَّةِ كَالْخُلُقِ وَتَشَاكُل الأَْعْضَاءِ، فَالثَّانِي أَوْلَى مِنَ الأَْوَّل؛ لأَِنَّ فِيهَا زِيَادَةَ حِذْقٍ وَبَصِيرَةٍ، وَلَوْ أَلْحَقَ الْقَائِفُ التَّوْأَمَيْنِ بِاثْنَيْنِ، بِأَنْ أَلْحَقَ أَحَدَهُمَا بِأَحَدِهِمَا، وَالآْخَرَ بِالآْخَرِ بَطَل قَوْلُهُ حَتَّى يُمْتَحَنَ وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فَيُعْمَل بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِاثْنَيْنِ، وَيَبْطُل أَيْضًا قَوْل قَائِفَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الإِْلْحَاقِ حَتَّى يُمْتَحَنَا وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُمَا.
وَيَلْغُو انْتِسَابُ بَالِغٍ أَوْ تَوْأَمَيْنِ إِلَى اثْنَيْنِ،