الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَامَ الإِْمَامُ بِنَفْسِهِ فِي مَسْجِدٍ، فَلَا يَقِفُ الْمُؤْتَمُّونَ حَتَّى يُتِمَّ إِقَامَتَهُ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي الْقِيَامُ حَال الإِْقَامَةِ أَوْ أَوَّلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، فَلَا يُطْلَبُ لَهُ تَعْيِينُ حَالٍ، بَل بِقَدْرِ الطَّاقَةِ لِلنَّاسِ، فَمِنْهُمُ الثَّقِيل وَالْخَفِيفُ، إِذْ لَيْسَ فِي هَذَا شَرْعٌ مَسْمُوعٌ إِلَاّ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَال: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ، وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ صَحَّ هَذَا وَجَبَ الْعَمَل بِهِ، وَإِلَاّ فَالْمَسْأَلَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِهَا الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، أَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَرْعٌ، وَأَنَّهُ مَتَى قَامَ كُل وَاحِدٍ، فَحَسَنٌ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ وَالإِْمَامِ أَنْ لَا يَقُومَا حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الإِْقَامَةِ، وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ شَيْخًا بَطِيءَ النَّهْضَةِ أَنْ يَقُومَ عِنْدَ قَوْلِهِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، وَلِسَرِيعِ النَّهْضَةِ أَنْ يَقُومَ بَعْدَ الْفَرَاغِ، لِيَسْتَوُوا قِيَامًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
فَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ الإِْمَامُ مَعَ الْقَوْمِ بَل يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَرَوُا الإِْمَامَ لِمَا رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا
(1) الدر المختار ورد المحتار 1 / 372، 447.
(2)
الشرح الصغير 1 / 256، وبداية المجتهد 1 / 150. ط. دار المعرفة، والدسوقي 1 / 200.
تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ (1) .
وَرَأْيُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ الْمُصَلِّي عِنْدَ قَوْل الْمُؤَذِّنِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ (2) ".
الْقِيَامُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ قِيَامِ الْخَطِيبِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفَيْنِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّ قِيَامَ الْخَطِيبِ فِي الْخُطْبَةِ سُنَّةٌ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَجِبْ؛ لأَِنَّهُ ذِكْرٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ الْقِيَامُ، كَالأَْذَانِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ قِيَامَ الْخَطِيبِ حَال الْخُطْبَةِ شَرْطٌ، إِنْ قَدَرَ، وَذَهَبَ الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الأَْظْهَرَ أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، فَإِنْ جَلَسَ أَسَاءَ وَصَحَّتْ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ خَطَبَ قَاعِدًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ،
(1) المجموع 3 / 255، 256 ط. السلفية.
(2)
المغني 1 / 458.
(3)
الدر المختار ورد المحتار 1 / 760، وفتح القدير 1 / 414، وكشاف القناع 2 / 43، 39، والمغني 2 / 302 وما بعدها.