الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
الْكَسْبُ قَدْ يَكُونُ فَرْضًا، وَهُوَ الْكَسْبُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (1)، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ (2) ، فَإِنْ تَرَكَ الاِكْتِسَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسِعَهُ، وَإِنِ اكْتَسَبَ مَا يَدَّخِرُهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ (3) ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحْبِسُ لأَِهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ (4) .
وَقَدْ يَكُونُ الْكَسْبُ مُسْتَحَبًّا، وَهُوَ كَسْبُ مَا زَادَ عَلَى أَقَل الْكِفَايَةِ لِيُوَاسِيَ بِهِ فَقِيرًا أَوْ يَصِل بِهِ قَرِيبًا (5) .
وَيُبَاحُ كَسْبُ الْحَلَال لِزِيَادَةِ الْمَال وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَال مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَالْمُرُوءَةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ إِذَنْ (6) .
وَأَمَّا الْكَسْبُ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّكَاثُرِ - وَإِنْ كَانَ
(1) الفتاوى الهندية 5 / 348، والكسب لمحمد بن الحسن ص 57، ومطالب أولي النهى 6 / 341، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 278.
(2)
حديث: " كفى بالمرء إثمًا أن يحبس. . . " أخرجه مسلم (2 / 692) من حديث عبد الله بن عمرو.
(3)
الفتاوى الهندية 5 / 349، والكسب ص 58.
(4)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبس لأهله قوت سنتهم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 502) من حديث عمر بن الخطاب.
(5)
الفتاوى الهندية 5 / 349، والكسب ص 60، ومطالب أولي النهى 6 / 342.
(6)
مطالب أولي النهى 6 / 341، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 178، والفتاوى الهندية 5 / 349، والكسب ص 60.
مِنْ حِلٍّ - فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِحُرْمَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَاظُمِ الْمُفْضِي إِلَى هَلَاكِ صَاحِبِهِ دُنْيَا وَأُخْرَى (1) .
آدَابُ الْكَسْبِ:
6 -
قَال أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ كَسْبُهُ طَيِّبًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ:
أَوَّلُهَا: أَنْ لَا يُؤَخِّرَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لأَِجْل الْكَسْبِ، وَلَا يُدْخِل النَّقْصَ فِيهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لأَِجْل الْكَسْبِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْصِدَ بِكَسْبِهِ اسْتِعْفَافًا لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ، وَلَا يَقْصِدَ بِهِ الْجَمْعَ وَالْكَثْرَةَ.
الرَّابِعُ: أَنْ لَا يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي الْكَسْبِ جِدًّا.
وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَرَى رِزْقَهُ مِنَ الْكَسْبِ، وَيَرَى الرِّزْقَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْكَسْبُ سَبَبًا (2) .
كَمَا يَجِبُ عَلَى كُل مُسْلِمٍ مُكْتَسِبٍ تَحْصِيل عِلْمِ الْكَسْبِ، وَذَلِكَ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ الْمَكَاسِبُ عَنْهَا، وَهِيَ الْبَيْعُ وَالرِّبَا وَالسَّلَمُ وَالإِْجَارَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ، وَمَهْمَا
(1) الفتاوى الهندية 5 / 349، ومطالب أولي النهى 6 / 342.
(2)
تنبيه الغافلين 2 / 500 - 501.