الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَمِينِ، وَلَا يَرْجِعُ عَمَل الْقَائِفِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْرِفَةِ التَّخَلُّقِ مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَّا مِنْ هَذَا التَّخَلُّقِ وَلَا فِرَاشَ، فَإِنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ (1) .
شُرُوطُ الْقَائِفِ:
8 -
يُشْتَرَطُ فِي الْقَائِفِ مَا يَلِي:
أ - الْخِبْرَةُ وَالتَّجْرِبَةُ: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِقَوْل الْقَائِفِ إِلَاّ بِتَجْرِبَتِهِ فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ عَمَلِيًّا، وَذَلِكَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ، فَإِنْ أَصَابَ فِي الْمَرَّاتِ جَمِيعًا اعْتُمِدَ قَوْلُهُ. . . وَالأَْبُ مَعَ الرِّجَال كَذَلِكَ عَلَى الأَْصَحِّ، فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ فِي رِجَالٍ كَذَلِكَ (2) .
وَإِذَا حَصَلَتِ التَّجْرِبَةُ وَتَوَلَّدَتِ الثِّقَةُ بِخِبْرَتِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَكْرَارِ هَذَا الاِخْتِبَارِ عِنْدَ كُل إِلْحَاقٍ (3) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ مَعَ عَشَرَةٍ مِنَ الرِّجَال غَيْرِ مَنْ يَدَّعِيهِ وَيَرَى إِيَّاهُمْ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ سَقَطَ قَوْلُهُ لأَِنَّا تَبَيَّنَّا خَطَأَهُ،
(1) المبسوط 17 / 70، وشرح معاني الآثار للطحاوي 3 / 116، 180، 4 / 161.
(2)
حاشية الجمل 5 / 435.
(3)
المرجع السابق.
وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرَيْنَاهُ إِيَّاهُ مَعَ عِشْرِينَ فِيهِمْ مُدَّعِيهِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَ، وَلَوِ اعْتُبِرَ بِأَنْ يُرَى صَبِيًّا مَعْرُوفَ النَّسَبِ مَعَ قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ، فَإِذَا أَلْحَقَهُ بِقَرِيبِهِ عُلِمَتْ إِصَابَتُهُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِ سَقَطَ قَوْلُهُ جَازَ وَهَذِهِ التَّجْرِبَةُ عِنْدَ عَرْضِهِ عَلَى الْقَائِفِ لِلاِحْتِيَاطِ فِي مَعْرِفَةِ إِصَابَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُجَرَّبْ فِي الْحَال بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالإِْصَابَةِ وَصِحَّةِ الْمَعْرِفَةِ فِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ جَازَ (1) .
ب - الْعَدَالَةُ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ مَالِكٍ فِي اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الْقَائِفِ لِلْعَمَل بِقَوْلِهِ، فَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي (الْقَائِفِ) الْوَاحِدِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الاِجْتِزَاءَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْعَدَالَةَ (2) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَيَشْتَرِطُونَ الْعَدَالَةَ لِلْعَمَل بِقَوْل الْقَائِفِ؛ لأَِنَّهُ حُكْمٌ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ (3) .
ج - التَّعَدُّدُ: الأَْصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ لإِِثْبَاتِ النَّسَبِ بِقَوْل الْقَائِفِ، وَيُكْتَفَى بِقَوْل قَائِفٍ وَاحِدٍ كَالْقَاضِي وَالْمُخْبِرِ، لَكِنْ وُجِدَ فِي هَذِهِ الْمَذَاهِبِ رَأْيٌ آخَرُ يَقْضِي
(1) المغني 5 / 770.
(2)
تبصرة الحكام 2 / 108.
(3)
المغني 5 / 769، ومنتهى الإرادات 2 / 489، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 435.
بِاشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ، جَاءَ فِي " التَّبْصِرَةِ " حِكَايَةُ الْخِلَافِ عَنْ مَالِكٍ فِي الاِجْتِزَاءِ بِقَائِفٍ وَاحِدٍ كَالأَْخْبَارِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَائِفَيْنِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَهُ ابْنُ دِينَارٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ، قَال بَعْضُ الشُّيُوخِ وَالْقِيَاسُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يُحْكَمَ بِقَوْل الْقَائِفِ الْوَاحِدِ (1)، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ كَمَا جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يُقْبَل إِلَاّ قَوْل اثْنَيْنِ. . . فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ. . . وَقَال الْقَاضِي: يُقْبَل قَوْل الْوَاحِدِ؛ لأَِنَّهُ حُكْمٌ، وَيُقْبَل فِي الْحُكْمِ قَوْل وَاحِدٍ، وَحَمَل كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى مَا إِذَا تَعَارَضَ قَوْل الْقَائِفَيْنِ (2) ، وَالرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الاِكْتِفَاءُ بِقَوْل قَائِفٍ وَاحِدٍ فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ، وَهُوَ كَحَاكِمٍ، فَيَكْفِي مُجَرَّدُ خَبَرِهِ؛ لأَِنَّهُ يَنْفُذُ مَا يَقُولُهُ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ (3) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ (4) .
وَمَبْنَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ أَوْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ هُوَ التَّرَدُّدُ فِي اعْتِبَارِ قَوْل الْقَائِفِ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ رَجَّحَ الْقَرَافِيُّ إِلْحَاقَ قَوْل الْقَائِفِ بِالشَّهَادَةِ لِلْقَضَاءِ بِهِ فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ وَاحْتِمَال وُقُوعِ الْعَدَاوَةِ أَوِ التُّهْمَةِ
(1) تبصرة الحكام 2 / 108.
(2)
المغني 5 / 770.
(3)
شرح منتهى الإرادات 2 / 488.
(4)
حاشية الجمل 5 / 435.
لِذَلِكَ، وَلَا يَقْدَحُ انْتِصَابُهُ لِهَذَا الْعَمَل عَلَى الْعُمُومِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ مَعَ الشَّاهِدِ (1) ، أَمَّا السُّيُوطِيُّ فَيُرَجِّحُ إِلْحَاقَ قَوْل الْقَائِفِ بِالرِّوَايَةِ، يَقُول: وَالأَْصَحُّ الاِكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الرِّوَايَةِ؛ لأَِنَّهُ مُنْتَصِبٌ انْتِصَابًا عَامًّا لإِِلْحَاقِ النَّسَبِ (2) .
د - الإِْسْلَامُ: نَصَّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ، وَقَدْ سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَى الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى فِي هَذَا الْمَذْهَبِ، وَهِيَ الْقَاضِيَةُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ بِوُجُوبِ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ لِلْعَمَل بِقَوْل الْقَائِفِ فِي مَذْهَبِهِمْ (4) .
هـ - الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ: الأَْصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ اشْتِرَاطُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْمَرْجُوحُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ (5) .
و الْبَصَرُ وَالسَّمْعُ، وَانْتِفَاءُ مَظِنَّةِ التُّهْمَةِ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَدُوًّا لِمَنْ يَنْفِي نَسَبَهُ، وَلَا أَصْلاً أَوْ فَرْعًا لِمَنْ يُثْبِتُ نَسَبَهُ، نَصَّ عَلَى
(1) الفروق 1 / 8.
(2)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص419.
(3)
مغني المحتاج 4 / 88، ونهاية المحتاج 8 / 375، ومنتهى الإرادات 2 / 489.
(4)
المبدع 5 / 310.
(5)
منتهى الإرادات 2 / 489، والمبدع 5 / 310، ومغني المحتاج 4 / 88.