الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْسَدَهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً فَسَدَ مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهِ وَاسْتَأْنَفَ، لأَِنَّ التَّتَابُعَ وَصْفٌ فِي الاِعْتِكَافِ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ الْوَفَاءُ بِهِ، فَلَزِمَهُ، وَإِنْ كَانَ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَالْعَشَرَةِ الأَْوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَبْطُل مَا مَضَى وَيَسْتَأْنِفُهُ، لأَِنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا فَبَطَل بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، كَمَا لَوْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ بِلَفْظِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَبْطُل، لأَِنَّ مَا مَضَى مِنْهُ قَدْ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِيهِ أَدَاءً صَحِيحًا، فَلَمْ يَبْطُل بِتَرْكِهَا فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالتَّتَابُعُ هَاهُنَا حَصَل ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ، وَالتَّعْيِينُ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الإِْخْلَال بِأَحَدِهِمَا، فَفِيمَا حَصَل ضَرُورَةً أَوْلَى، وَلأَِنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ لَا مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ، فَالْخُرُوجُ فِي بَعْضِهِ لَا يُبْطِل مَا مَضَى مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا يَقْضِي مَا أَفْسَدَ فِيهِ فَحَسْبُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، لأَِنَّهُ تَارِكٌ لِبَعْضِ مَا نَذَرَهُ (1) .
قَضَاءُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ:
34 -
تَرْكُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَانِعٍ قَاهِرٍ يَمْنَعُ الْمُحْرِمَ مِنْ أَرْكَانِ النُّسُكِ، وَيُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ بِالإِْحْصَارِ، أَوْ يَكُونَ بِغَيْرِ مَانِعٍ قَاهِرٍ، وَيُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ بِالْفَوَاتِ.
(1) المغني 3 / 200.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَرِ قَضَاءُ النُّسُكِ الَّذِي أُحْصِرَ عَنْهُ إِذَا كَانَ وَاجِبًا كَحَجَّةِ الإِْسْلَامِ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَيْنِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، وَكَعُمْرَةِ الإِْسْلَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا يَسْقُطُ هَذَا الْوَاجِبُ عَنْهُ بِسَبَبِ الإِْحْصَارِ.
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَحْكَامِ قَضَاءِ النُّسُكِ الْوَاجِبِ الَّذِي أُحْصِرَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ، وَقَضَاءِ نُسُكِ التَّطَوُّعِ وَمَا يَلْزَمُ الْمُحْصَرَ فِي الْقَضَاءِ
(ر: إِحْصَارٌ ف 49 - 51)(وَحَجٌّ ف 121 - 123) .
وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّل بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مِنْ قَابِلٍ (1) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُزَنِيُّ، أَنَّهُ يَمْضِي فِي حَجٍّ فَاسِدٍ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ أَفْعَال الْحَجِّ، لأَِنَّ سُقُوطَ مَا فَاتَ وَقْتُهُ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَفُتْ (2) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي صُوَرِ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَتَحَلُّل مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَكَيْفِيَّةِ التَّحَلُّل (ر: فَوَاتٌ) .
قَضَاءُ الأُْضْحِيَّةِ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا:
35 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّ التَّضْحِيَةَ
(1) الفتاوى الهندية 1 / 256، والقوانين الفقهية ص139 نشر دار الكتاب العربي، والمهذب 1 / 240، والمغني 3 / 527 - 528.
(2)
المغني 3 / 527، والمهذب 1 / 240.