الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 -
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رَهْنِ الْمُصْحَفِ، فَأَجَازَ رَهْنَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَيْنِ فِي رَهْنِ الْمُصْحَفِ.
إِحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَا يَحْصُل ذَلِكَ إِلَاّ بِبَيْعِهِ، وَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ رَهْنُهُ وَعَلَّلَهَا بِقَوْلِهِ: إِذَا رَهَنَ مُصْحَفًا لَا يَقْرَأُ فِيهِ إِلَاّ بِإِذْنِهِ فَظَاهِرُ هَذَا صِحَّةُ رَهْنِهِ (1) .
رَهْنُ الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ:
25 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُعَارَ الْكِتَابُ الْمَوْقُوفُ إِلَاّ بِرَهْنٍ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الرَّهْنُ؛ لأَِنَّ الْكُتُبَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَال لَهَا: عَارِيَّةٌ أَيْضًا، بَل الآْخِذُ لَهَا إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْوَقْفِ اسْتَحَقَّ الاِنْتِفَاعَ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ فَشَرْطُ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا فَاسِدٌ، وَإِنْ أَعْطَى يَكُونُ رَهْنًا فَاسِدًا وَيَكُونُ فِي يَدِ خَازِنِ الْكُتُبِ أَمَانَةً، هَذَا إِنْ أُرِيدَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ، وَإِنْ أُرِيدَ مَدْلُولُهُ لُغَةً، وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً
(1) حاشية الطحطاوي على الدر المختار 4 / 237، والمدونة 5 / 318، والمهذب 1 / 316، ومطالب أولي النهى 3 / 253، وكشاف القناع 3 / 327، والمغني لابن قدامة 4 / 380، والآداب الشرعية 2 / 176.
فَيَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لأَِنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ مُرَادُ الْوَاقِفِ فَالأَْقْرَبُ الْحَمْل عَلَى اللُّغَوِيِّ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ، وَفِي بَعْضِ الأَْوْقَاتِ يَقُول الْوَاقِفُ: لَا تُخْرِجْ إِلَاّ بِتَذْكِرَةٍ فَيَصِحُّ، وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنَّ تَجْوِيزَ الْوَاقِفِ الاِنْتِفَاعَ مَشْرُوطٌ بِذَلِكَ، وَلَا نَقُول: إِنَّهَا تَبْقَى رَهْنًا، بَل لَهُ أَخْذُهَا فَيُطَالِبُهُ الْخَازِنُ بِرَدِّ الْكِتَابِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ وَلَا بَيْعُهُ، وَلَا بَدَل الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ بِتَلَفِهِ إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ (1) .
إِعَارَةُ الْكُتُبِ وَاسْتِعَارَتُهَا:
26 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ إِعَارَةِ الْكُتُبِ وَاسْتِعَارَتِهَا (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ إِعَارَةِ الْمُصْحَفِ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَذَلِكَ لِمَنْ دَخَل عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، وَقَال بَعْضُهُمْ: الْوُجُوبُ مُسَلَّمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ إِذَا وَجَدَ مَنْ يُعِيرُهُ، وَأَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ إِعَارَةُ الْمُصْحَفِ لِمُحْتَاجٍ لِقِرَاءَةٍ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَهَذَا إِذَا لَمْ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 367، والحطاب 6 / 36، وحاشية الجمل 3 / 275، ومغني المحتاج 2 / 126، وكشاف القناع 3 / 327.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 4 / 507، والشرح الصغير 3 / 572، ومغني المحتاج 2 / 264، وأسنى المطالب 2 / 324، وكشاف القناع 4 / 63 - 64.