الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالُوا: وَكَانَ مُقْتَضَى الدَّلِيل وُجُوبَ الْحُكُومَةِ فِي الْعِظَامِ كُلِّهَا، وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُ لآِثَارٍ وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الأَْعْظُمِ، وَمَا عَدَاهَا يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيل، فَيَجِبُ فِي الزَّنْدَيْنِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ، وَفِي كَسْرِ السَّاقِ بَعِيرَانِ، وَفِي السَّاقَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَفِي الْفَخِذِ بَعِيرَانِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ لَمْ يَجِبْ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ قِصَاصٌ، وَبَرِئَ وَعَادَ الْعُضْوُ لِهَيْئِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ بَرِئَ وَفِيهِ اعْوِجَاجٌ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ (1) (ر: دِيَاتٌ ف 63 - ف 68، حُكُومَةُ عَدْلٍ ف 4) .
كَسْرُ آلَاتِ اللَّهْوِ وَالصُّلْبَانِ وَظُرُوفِ الْخَمْرِ:
8 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي كَسْرِ آلَاتِ اللَّهْوِ، وَالصُّلْبَانِ، وَأَوْعِيَةِ الْخَمْرِ.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَسَرَ آلَةَ لَهْوٍ صَالِحَةً لِغَيْرِ اللَّهْوِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا صَالِحَةً لِغَيْرِ اللَّهْوِ؛ لأَِنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ صَالِحَةٌ لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ، فَلَمْ يُنَافِ الضَّمَانَ. فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ لِغَيْرِ اللَّهْوِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (2)
وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ تُضْمَنُ قِيمَتُهَا مَكْسُورَةً (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْصْنَامُ وَالصُّلْبَانُ وَآلَاتُ
(1) مواهب الجليل 6 / 248.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 134 - 135، بدائع الصنائع 7 / 167 - 168.
(3)
حاشية الدسوقي 4 / 336.
الْمَلَاهِي، وَالأَْوَانِي الْمُحَرَّمُ اتِّخَاذُهَا، غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَلَا يَجِبُ فِي إِبْطَالِهَا شَيْءٌ؛ لأَِنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ، وَالْمُحَرَّمُ لَا يُقَابَل بِشَيْءٍ مَعَ وُجُوبِ إِبْطَالِهَا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ؛ لإِِمْكَانِ إِزَالَةِ الْهَيْئَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ الْمَالِيَّةِ، بَل تُفْصَل لِتَعُودَ كَمَا قَبْل التَّأْلِيفِ، لِزَوَال اسْمِهَا وَهَيْئَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ بِذَلِكَ، فَلَا تَكْفِي إِزَالَةُ الأَْوْتَارِ مَعَ بَقَاءِ الْجِلْدِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَفْصِيل الْجَمِيعِ، بَل بِقَدْرِ مَا يَصْلُحُ لِلاِسْتِعْمَال.
وَقَالُوا إِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ فِي الإِْنْكَارِ لِمَنْعِ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ مَنْ يُرِيدُ إِبْطَالَهُ لِقُوَّتِهِ، أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ وَلَوْ بِإِحْرَاقٍ تَعَيَّنَ طَرِيقًا، وَإِلَاّ فَبِكَسْرٍ، فَإِنْ أَحْرَقَهَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ غَرِمَ قِيمَتَهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، لِتَمَوُّل رُضَاضِهَا وَاحْتِرَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ مَعَ إِمْكَانِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَقِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إِلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ
وَمِثْل آلَاتِ اللَّهْوِ فِي الأَْحْكَامِ: أَوَانِي الْخَمْرِ، وَظُرُوفُهَا، إِنْ تَعَذَّرَ إِرَاقَةُ الْخَمْرِ لِضِيقِ رُءُوسِ الأَْوَانِي، وَخَشْيَةِ لُحُوقِ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ إِرَاقَتِهَا، فَيَكْسِرُ الظَّرْفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ إِرَاقَتُهُ تَأْخُذُ مِنْ وَقْتِهِ زَمَنًا غَيْرَ تَافِهٍ،