الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ -
كَفَالَةُ الدَّيْنِ:
23 -
يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ لِصِحَّةِ كَفَالَةِ الدَّيْنِ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا صَحِيحًا، وَأَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:
1 - أَنْ يَكُونَ دَيْنًا صَحِيحًا:
يُشْتَرَطُ فِي الدَّيْنِ الْمَكْفُول بِهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا صَحِيحًا، وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إِلَاّ بِالأَْدَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ، وَعَلَى ذَلِكَ تَجُوزُ كَفَالَةُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ وُجُوبِهَا بِالْقَضَاءِ أَوِ الرِّضَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَاضِيَةً أَوْ حَاضِرَةً أَوْ مُسْتَقْبَلَةً.
وَقَال الشَّافِعِيُّ - فِي الْجَدِيدِ -: تَجِبُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (1) .
فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ صَحِيحًا، فَلَا يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْعَيْنِ؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ قَبِيل التَّبَرُّعِ، وَالتَّبَرُّعُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالنَّذْرِ، وَقَدْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ، وَالْحَاجَةُ إِلَى التَّعَامُل بِهَا تُبَرِّرُ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ أَنْ يَكُونَ مَآلُهُ إِلَى الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ، كَأَنْ يَقُول الْكَفِيل:
(1) ابن عابدين 5 / 283 - 284، والسوقي 3 / 333، والقليوبي وعميرة 2 / 326، والمغني 5 / 74 - 75.
كَفَلْتُ لَكَ بِمَالِكَ قِبَل فُلَانٍ، وَلَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - فِي الْجَدِيدِ - إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُول، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَالْتِزَامُ الْمَجْهُول غَرَرٌ يَنْهَى عَنْهُ الشَّارِعُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَعْلُومًا حَتَّى يَكُونَ الْكَفِيل عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَمِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ. (1)
2 - أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ:
يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَكْفُول بِهِ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْكَفَالَةِ بِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ، وَعَلَى ذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ بِهِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْكَفَالَةِ - لأَِنَّ مَآلَهُ إِلَى الْوُجُوبِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول الْكَفِيل: أَقْرِضْ فُلَانًا وَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا سَتُقْرِضُهُ إِيَّاهُ (2) .
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ - فِي الْجَدِيدِ - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْكَفَالَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ: فَإِنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ - عَلَى هَذَا
(1) فتح القدير 6 / 298، وبداية المجتهد 2 / 294، والقليوبي وعميرة 2 / 326، والمغني 5 / 72.
(2)
ابن عابدين 5 / 303، والدسوقي 3 / 333، والقليوبي وعميرة 2 / 326، والمغني 5 / 72 - 73.