الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ الْكَبَائِرِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} ، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ (1) . . . .
مَنَاطُ تَقْسِيمِ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ
.
وَضَابِطُ الْكَبِيرَةِ:
5 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى تَقْسِيمِ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَمِنَ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَونَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي مَدْحِ الْمُؤْمِنِينَ الأَْتْقِيَاءِ:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ} .
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ (2) . . .، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَْحَادِيثِ.
وَقَدْ قَال الْغَزَالِيُّ: إِنْكَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ
(1) حديث: " اجتنبوا السبع الموبقات. . . ". سبق تخريجه ف1.
(2)
حديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 405) ومسلم (1 / 91) من حديث أبي بكرة.
الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يَلِيقُ بِالْفَقِيهِ (1) .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ، كَأَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ (الْبَاقِلَاّنِيِّ) ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الإِْسْفَرَايِينِيِّ، وَأَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقُشَيْرِيِّ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ، وَنَسَبَهُ ابْنُ بَطَّالٍ إِلَى الأَْشْعَرِيَّةِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي كَبَائِرُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ عُصِيَ سُبْحَانَهُ، فَكُلُّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِهِ كَبَائِرُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَعْظَمَ وَقْعًا مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا يُقَال لِبَعْضِهَا صَغَائِرُ بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا، كَالْقُبْلَةِ الْمُحَرَّمَةِ صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزِّنَا، لَا أَنَّهَا صَغِيرَةٌ فِي نَفْسِهَا (2)، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كُل مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ كَبِيرَةٌ (3) .
وَقَال الْقَرَافِيُّ: الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ فِي الْمَعَاصِي لَيْسَ مِنْ جِهَةِ مَنْ عَصَى، بَل مِنْ جِهَةِ الْمَفْسَدَةِ الْكَائِنَةِ فِي ذَلِكَ الْفِعْل، فَالْكَبِيرَةُ مَا عَظُمَتْ مَفْسَدَتُهَا، وَالصَّغِيرَةُ مَا قَلَّتْ مَفْسَدَتُهَا (4) .
أَمَّا ضَابِطُ الْكَبِيرَةِ، فَقَدْ قَال
(1) فتح الباري 10 / 423، والزواجر 1 / 5.
(2)
تفسير القرطبي 5 / 159، والفروق للقرافي 4 / 66، والزواجر 1 / 5، وفتح الباري 10 / 424.
(3)
أثر ابن عباس: " كل ما نهى الله عنه كبيرة ". أخرجه ابن جرير في تفسيره (5 / 40) .
(4)
الفروق للقرافي 4 / 66.