الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: إِنَّ مِنَ الرِّبَا أَبْوَابًا لَا تَخْفَى وَإِنَّ مِنْهَا السَّلَمَ فِي السِّنِّ؛ وَلأَِنَّ الْحَيَوَانَ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا فَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الأَْثْرَمِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَمِمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ؛ وَلأَِنَّ أَبَا رَافِعٍ قَال: اسْتَسْلَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا؛ وَلأَِنَّهُ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ صَدَاقًا فَثَبَتَ فِي السَّلَمِ كَالثِّيَابِ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزَنُ وَلَا يُذْرَعُ فَنَقَل إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: لَا أَرَى السَّلَمَ إِلَاّ فِيمَا يُكَال أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُوقَفُ عَلَيْهِ، قَال أَبُو الْخَطَّابِ: مَعْنَاهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِحَدٍّ مَعْلُومٍ لَا يَخْتَلِفُ كَالذَّرْعِ، فَأَمَّا الرُّمَّانُ وَالْبَيْضُ فَلَا أَرَى السَّلَمَ فِيهِ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ وَعَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَل وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُكَال وَلَا يُوزَنُ وَمِنْهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي كُل مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ كَالْبُقُول؛ لأَِنَّهُ يَخْتَلِفُ وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْبَقْل بِالْحُزَمِ؛ لأَِنَّ
الْحُزَمَ يُمْكِنُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَلَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِ كَالْجَوَاهِرِ، وَنَقَل إِسْمَاعِيل بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ مَنْصُورٍ جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالسَّفَرْجَل وَالرُّمَّانِ وَالْمَوْزِ وَالْخَضْرَاوَاتِ وَنَحْوِهَا؛ لأَِنَّ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَتَقَارَبُ وَيَنْضَبِطُ بِالصِّغَرِ وَالْكُبْرِ، وَمَا لَا يَتَقَارَبُ يَنْضَبِطُ بِالْوَزْنِ (1) .
ب -
الْقَرْضُ:
7 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَرْضِ الأَْشْيَاءِ الْقِيَمِيَّةِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَصِحُّ قَرْضُ الْقِيَمِيَّاتِ كَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَكُل شَيْءٍ مُتَفَاوِتٍ؛ لأَِنَّ الْقَرْضَ إِعَارَةٌ ابْتِدَاءً حَتَّى صَحَّ بِلَفْظِهَا، مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ إِلَاّ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ فَيَسْتَلْزِمُ إِيجَابَ الْمِثْل فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ، قَال فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ؛ لأَِنَّهُ لَا يَجِبُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَيَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ الصَّحِيحِ، وَالْمَقْبُوضُ بِقَرْضٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِرَدٍّ، وَفِي الْقَرْضِ الْجَائِزِ لَا يَتَعَيَّنُ بَل يُرَدُّ الْمِثْل وَإِنْ كَانَ قَائِمًا.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ قَرْضَ مَا لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ مِنَ الْقِيَمِيَّاتِ يُعْتَبَرُ عَارِيَّةً مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ (2) .
(1) المغني 4 / 307 - 309.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 171 - 172.