الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَيْلُولَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْقَيْلُولَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ قَال يَقِيل قَيْلاً وَقَيْلُولَةً، وَقَائِلَةً: نَامَ نِصْفَ النَّهَارِ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْقَيْلُولَةُ هِيَ النَّوْمُ قَبْل الزَّوَال (2) .
وَقَال الْعَيْنِيُّ: الْقَيْلُولَةُ مَعْنَاهَا النَّوْمُ فِي الظَّهِيرَةِ (3) .
وَقَال الْمُنَاوِيُّ: الْقَيْلُولَةُ: النَّوْمُ وَسْطَ النَّهَارِ عِنْدَ الزَّوَال وَمَا قَارَبَهُ مِنْ قَبْل أَوْ بَعْدُ (4) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 -
نَوْمُ الْقَائِلَةِ مُسْتَحَبٌّ (5) .
قَال الْمَوْصِلِيُّ: تُسْتَحَبُّ الْقَيْلُولَةُ (6) .
(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير.
(2)
الإقناع للشربيني الخطيب 1 / 106.
(3)
عمدة القاري 6 / 201.
(4)
فيض القدير 1 / 494.
(5)
عمدة القاري 6 / 253.
(6)
الاختيار 4 / 168.
قَال عليه الصلاة والسلام: قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيل (1)، وَقَال: اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ، وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْل (2) ، يَعْنِي الصَّلَاةَ فِيهِ. وَهُوَ التَّهَجُّدُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ اسْتَقْبَلَتِ السَّهَرَ بِنَشَاطٍ وَقُوَّةِ انْبِسَاطٍ، فَأَفَادَ نَدْبَ التَّسَحُّرِ وَالنَّوْمِ وَسْطَ النَّهَارِ وَبِقَصْدِ التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ (3) .
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: يُسَنُّ لِلْمُتَهَجِّدِ الْقَيْلُولَةُ وَهِيَ النَّوْمُ قَبْل الزَّوَال وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السُّحُورِ لِلصَّائِمِ (4) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: نَوْمٌ) .
الاِسْتِئْذَانُ لِلدُّخُول وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ:
3 -
وَقْتُ الْقَائِلَةِ هُوَ مِنَ الأَْوْقَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي عَادَةُ النَّاسِ الاِنْكِشَافَ فِيهَا وَمُلَازَمَةَ التَّعَرِّي، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {مِنْ قَبْل صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ
(1) حديث: " قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ". أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في ذكر أخبار أصبهان (1 / 195) من حديث أنس بن مالك.
(2)
حديث: " استعينوا بطعام السحر على صيام النهار ". أخرجه ابن ماجه (1 / 540) من حديث ابن عباس، وأورده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 302) ، وذكر أن في إسناده راويًا ضعيفًا.
(3)
فيض القدير 1 / 494، والآداب للبيهقي ص277.
(4)
القناع 1 / 106.
الْعِشَاءِ} ، فَمَا قَبْل الْفَجْرِ وَقْتُ انْتِهَاءِ النَّوْمِ وَوَقْتُ وَضْعِ ثِيَابِ النَّوْمِ وَلُبْسِ ثِيَابِ النَّهَارِ، وَوَقْتُ الْقَائِلَةِ وَقْتُ التَّجَرُّدِ أَيْضًا وَهِيَ الظَّهِيرَةُ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَقْتُ التَّعَرِّي لِلنَّوْمِ فَالتَّكَشُّفُ غَالِبٌ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ، يُرْوَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ غُلَامًا مِنَ الأَْنْصَارِ يُقَال لَهُ مُدْلِجٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ظَهِيرَةً لِيَدْعُوَهُ فَوَجَدَهُ نَائِمًا قَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَدَقَّ الْغُلَامُ الْبَابَ فَنَادَاهُ وَدَخَل فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَجَلَسَ فَانْكَشَفَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَقَال عُمَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ نَهَى أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَخَدَمَنَا عَنِ الدُّخُول عَلَيْنَا فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ إِلَاّ بِإِذْنٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ هَذِهِ الآْيَةَ قَدْ أُنْزِلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْل صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} ، فَخَرَّ سَاجِدًا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى (1) ، فَقَدْ أَدَّبَ اللَّهُ عز وجل عِبَادَهُ فِي هَذِهِ الآْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبِيدُ إِذْ لَا بَال لَهُمْ، وَالأَْطْفَال الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ إِلَاّ أَنَّهُمْ عَقَلُوا مَعَانِيَ الْكَشْفَةِ
(1) سبب نزول آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) . أورده القرطبي في تفسيره (12 / 304) ولم يعزه إلى أي مصدر، وأورده البغوي في تفسيره (3 / 335) مختصرًا بدون إسناد.
وَنَحْوَهَا يَسْتَأْذِنُونَ عَلَى أَهْلِيهِمْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الأَْوْقَاتُ الَّتِي تَقْتَضِي عَادَةُ النَّاسِ الاِنْكِشَافَ فِيهَا وَمُلَازَمَةَ التَّعَرِّي (1) .
ثُمَّ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي هَذِهِ الآْيَةِ هَل هِيَ مُحْكَمَةٌ أَوْ مَنْسُوخَةٌ؟ فَقَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: هِيَ مُحْكَمَةٌ: يَعْنِي فِي الرِّجَال خَاصَّةً، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَدْ ذَهَبَ حُكْمُهَا. رَوَى عِكْرِمَةُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْل الْعِرَاقِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، كَيْفَ تَرَى فِي هَذِهِ الآْيَةِ الَّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِمَا أُمِرْنَا فَلَا يَعْمَل بِهَا أَحَدٌ، قَوْل اللَّهِ:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. . .} ، وَقَرَأَهَا. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ بِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ السَّتْرَ وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ (2) ، فَرُبَّمَا دَخَل الْخَادِمُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ، وَالرَّجُل عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِالاِسْتِئْذَانِ فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ. فَجَاءَهُمُ اللَّهُ بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَل بِذَلِكَ (3) .
(1) تفسير القرطبي 12 / 304.
(2)
الحجال: جمع الحجلة - بالتحريك - وهو بيت كالقبة يستر بالثياب.
(3)
أحكام القرآن لابن العربي (3 / 1384) .