الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْحَادِيثُ بِفَضْلِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ، كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْل، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِْثْمِ (1) .
الْوَقْتُ الأَْفْضَل لِقِيَامِ اللَّيْل:
4 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ قِيَامَ اللَّيْل لَا يَكُونُ إِلَاّ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، سَوَاءٌ سَبَقَهُ نَوْمٌ أَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ، وَأَنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ النَّوْمِ أَفْضَل.
وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَفْضَل الأَْوْقَاتِ لِقِيَامِ اللَّيْل عَلَى أَقْوَالٍ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل مُطْلَقًا السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مِنَ اللَّيْل، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السلام، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا (2) .
وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَل اللَّيْل نِصْفَيْنِ:
(1) حديث: " عليكم بقيام الليل. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 308) من حديث أبي أمامة الباهلي، وصححه ووافقه الذهبي.
(2)
حديث عبد الله بن عمرو: " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 16) .
أَحَدَهُمَا لِلنَّوْمِ، وَالآْخَرَ لِلْقِيَامِ، فَالنِّصْفُ الأَْخِيرُ أَفْضَل، لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي فِيهِ غَالِبًا، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَنْزِل رَبُّنَا تبارك وتعالى كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرِ، يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مِنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (1) .
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ أَثْلَاثًا، فَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ ثُلُثَيْهِ، فَالثُّلُثُ الأَْوْسَطُ أَفْضَل مِنْ طَرَفَيْهِ؛ لأَِنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَتَمُّ، وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَل، وَالْمُصَلِّينَ فِيهِ أَقَل، وَلِهَذَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ مِثْل الشَّجَرَةِ الْخَضْرَاءِ فِي وَسَطِ الشَّجَرِ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الأَْفْضَل قِيَامُ ثُلُثِ اللَّيْل الآْخِرِ لِمَنْ تَكُونُ عَادَتُهُ الاِنْتِبَاهَ آخِرَ اللَّيْل، أَمَّا مَنْ كَانَ غَالِبُ حَالِهِ أَنْ لَا يَنْتَبِهَ آخِرَهُ، فَالأَْفْضَل أَنْ يَجْعَلَهُ أَوَّل اللَّيْل احْتِيَاطًا (3) .
أَمَّا اللَّيْل كُلُّهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ قِيَامِهِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا:
(1) حديث: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 29) ومسلم (1 / 521) .
(2)
حديث: " ذكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء. . . ". أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (6 / 181) وضعف إسناده العراقي كما في فيض القدير للمناوي (3 / 559) .
(3)
ابن عابدين 1 / 460، والفواكه الدواني 1 / 234 دار المعرفة، وحاشية الجمل 1 / 495، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 162، والمغني لابن قدامة 2 / 136، ونيل المآرب 1 / 162.